مصر تُنقب عن الغاز غرباً بموازاة تحذيرها لتركيا

في إجراء هو الأول في نطاقه الجغرافي، أعلنت مصر، أمس، عن توقيع اتفاقات مع شركات عالمية للتنقيب عن الغاز والبترول في غرب البحر المتوسط ومناطق صحراوية قريبة من الحدود الليبية، وذلك بموازاة تجديد القاهرة تحذيراتها لتركيا دون تسميتها «من تداعيات أي إجراءات أحادية تنتهك الحقوق القبرصية، وتهدد أمن واستقرار منطقة شرق المتوسط».
ووقّع وزير البترول المصري، طارق الملا، أمس، 9 اتفاقات بترولية مع مسؤولي 4 شركات بترول عالمية. وتهدف هذه الاتفاقات إلى «البحث عن البترول والغاز الطبيعي وإنتاجهما بمنطقتي البحر المتوسط والصحراء الغربية» باستثمارات يبلغ حدها الأدنى نحو 452.3 مليون دولار، وتشمل حفر 38 بئراً.
وقدّرت «هيئة المسح الجيولوجي الأميركي»، في عام 2017، أن «احتياطيات الغاز الطبيعي الموجودة بالبحر المتوسط ما بين 340 إلى 360 تريليون قدم مكعبة من الغاز».
ويواكب توقيع اتفاقات التنقيب تشديد الخارجية المصرية، أول من أمس، على «حقوق قبرص وسيادتها على مواردها في منطقة شرق المتوسط، وذلك في إطار ما يقضي به القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بما في ذلك المناطق التي منحت فيها قبرص ترخيصاً للتنقيب البحري عن النفط والغاز».
ودخلت القاهرة وأنقرة في مساجلات قانونية وسياسية بشأن التنقيب في المتوسط، وأعلنت تركيا في فبراير (شباط) 2018، أنها لا تعترف بـ«قانونية» اتفاق وقعته مصر وقبرص عام 2013 للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، فيما شددت القاهرة حينها على أن «الاتفاقية لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، وهي تتسق وقواعد القانون الدولي». وتنفذ تركيا عمليات تنقيب قبالة «قبرص الشمالية» وهي كيان انفصالي لا تعترف به سوى أنقرة.
واعتبر وزير البترول المصري، أن القطاع مستمر في توقيع مزيد من الاتفاقات البترولية باعتبارها إحدى الدعائم الرئيسية المهمة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، منوهاً بأن «استراتيجية الوزارة تهدف إلى طرح مزايدات عالمية جديدة خلال الفترة المقبلة، وإبرام المزيد من الاتفاقيات البترولية». وحسب الملا، فإن «الاتفاقات البترولية التي أبرمتها وزارة البترول مع المستثمرين والشركاء منذ يوليو (تموز) 2014، وحتى الآن، بلغت 79 اتفاقية بترولية». وتضمن نطاق أحدث الاتفاقات الموقعة، أمس، 6 مواقع في الصحراء الغربية منها: غرب الفيوم، وغرب كنايس، وغرب كلابشة، فضلاً عن 3 مناطق امتياز بحرية يطلق عليها اسم الفنار، وسيدي جابر، والبرج، وجميعها في البحر المتوسط.
وفي منتصف الشهر الحالي، طمأن وزير البترول المصري، مواطنيه والشركات العاملة في بلاده، بشأن عدم تأثر خطط عمل التنقيب بالتوترات مع تركيا، بحسب ما قال في حوار مع صحيفة «الوطن» المحلية.
وأشار الدكتور أحمد قنديل، رئيس برنامج دراسات الطاقة بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، إلى أن «المنطقة التي تم توقيع الاتفاقيات المصرية الجديدة بشأنها لم تشهد من قبل أي عمليات تنقيب». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثمة تحفظات فنية واقتصادية بشأن التوقيت والوفرة الحالية في سوق الغاز العالمية، فضلاً عن التكلفة الاستثمارية الكبيرة للتنقيب في مناطق المياه العميقة». وبشأن أثر التنقيب المصري غرباً على تحركات تركيا للتنقيب في المتوسط، رأى قنديل أنه «لا يوجد تماس بين التحركات التركية والخطط المصرية في المياه الإقليمية، غير أن مساعي أنقرة للتنقيب قبالة سواحل قبرص، يجب أن تقابل بردع من الاتحاد الأوروبي، إذا كانت هناك رغبة في استقرار المنطقة وتجنيبها الفوضى».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على الإطار القانوني الذي يسمح للتكتل بفرض عقوبات على تركيا على خلفية أنشطة التنقيب عن الغاز قبالة ساحل قبرص (عضو الاتحاد). وجدد وزراء الاتحاد، أول من أمس، تحذيرهم لأنقرة بفرض عقوبات.
ويعتقد قنديل أن «التردد الأوروبي والتأخر في حسم الموقف بحق التحركات غير القانونية لتركيا، ساعد في مضي أنقرة قدماً في توقيع اتفاقات أمنية وبحرية مع حكومة الوفاق الليبية، التي ترفضها كثير من دول الاتحاد وتعتبرها غير مشروعة».