ماكرون يصر على موقف «واضح» بخصوص الوجود الفرنسي في الساحل

جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة قصيرة إلى النيجر الأحد الماضي، ضرورة أن تحدد دول الساحل الخمس «أهدافها بشكل أكثر وضوحاً» وموقفها من الوجود العسكري الفرنسي في هذه المنطقة التي تشهد منذ عدة سنوات حرباً شرسة ضد الجماعات الإرهابية.
وتنشر فرنسا منذ 2013 ما يزيد على 4500 جندي في دول الساحل الخمس (موريتانيا، مالي، النيجر، تشاد وبوركينا فاسو)، وذلك في إطار عملية «برخان» العسكرية التي تحارب الجماعات الإرهابية المرتبطة بـ«داعش» و«القاعدة».
وقال ماكرون في تصريحات صحافية خلال زيارته لنيامي إن الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي تشهد «منعطفاً»، قبل أن يدعو قادة دول الساحل إلى إعادة تحديد «أهدافها في شكل أكثر وضوحاً».
ماكرون الذي زار رفقة رئيس النيجر محمدو يوسفو، أضرحة 71 جندياً نيجرياً قتلوا مطلع هذا الشهر على يد «داعش»، قال إن «الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة إلى المعركة التي نخوضها ضد الإرهاب. نحن في منعطف في هذه الحرب. علينا (...) أن نعيد تحديد الأهداف في شكل أكثر وضوحا».
وكان يشير الرئيس الفرنسي إلى قمة ستنعقد منتصف شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، في مدينة «بو» الفرنسية، بحضور قادة دول الساحل والمجموعة الدولية، وأضاف في هذا السياق: «يجب تحديد الأهداف العسكرية والسياسية و(تلك المتصلة) بالتنمية في الأشهر الستة، والـ12 والـ18 المقبلة في شكل أكثر وضوحاً».
ورفض الرئيس الفرنسي توجيه اتهام لأي بلد من الساحل بخصوص اتخاذ موقف سلبي من الوجود العسكري الفرنسي، واكتفى بالقول: «أرى حركات معارضة، مجموعات تندد بالوجود الفرنسي بوصفه وجوداً استعمارياً جديداً، أرى انتشاراً في بلدان كثيرة مشاعر ضد الفرنسيين من دون إدانة سياسية».
وأكد الرئيس الفرنسي أنه لن يقبل بإرسال الجنود الفرنسيين إلى «دول حيث طلب (الوجود الفرنسي) لا يتم توجيهه بوضوح»، وكانت فرنسا قد تدخلت في دولة مالي عام 2013 بطلب من الرئيس السابق ديونكوندا تراوري، الذي كان يخشى احتلال العاصمة من طرف مقاتلي تنظيم القاعدة».
ولكن الفرنسيين يعتقدون أن هنالك موقفاً «سلبياً» لدى السلطات في مالي وبوركينا فاسو، من الوجود العسكري الفرنسي، وفق ما أكد مصدر أمني فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية حين قال: «حين يتحدث (ماكرون) عن توضيح، فإنه يقصد الرئيس المالي والرئيس البوركينابي».
أما رئيس النيجر محمدو يوسفو، الذي سبق أن أكد تمسك بلاده بالوجود العسكري الفرنسي لمساعدتها في محاربة الإرهاب، فقد أعلن أن القمة التي ستنعقد في فرنسا الشهر المقبل ستكون فرصة لإطلاق «نداء للتضامن الدولي بحيث لا يكون الساحل وفرنسا وحدهما في هذه المعركة، لنتمكن من تشكيل أوسع تحالف دولي ضد هذه الآفة».
وأوضح يوسفو أن النيجر يخصص «19 في المائة من موارده المالية للمعركة ضد الإرهاب»، وهي نسبة كبيرة بالنظر إلى أن البلد يعاني مشاكل تنموية كبيرة ويعد من بين أفقر دول العالم.
وحذر رئيس النيجر من انتشار الإرهاب ليصل إلى أوروبا، وقال: «إذا لم يلتزم الأوروبيون فسيضطرون إلى خوض هذه الحرب على أراضيهم. يجب القضاء على الإرهاب في الساحل».
وكانت دعوة الرئيس الفرنسي مطلع هذا الشهر قادة دول الساحل إلى توضيح موقفهم من الوجود العسكري الفرنسي و«استدعائهم» لعقد قمة في فرنسا، أثارت استياء بعض القادة، وذلك ما أشار له الرئيس المالي إبراهيم ببكر كيتا في مقابلة مع قناة فرنسية، حين قال إن الدول الخمس المشاركة في قوة مجموعة الساحل ترغب في «شراكة محترمة ويسودها الاحترام المتبادل».
وأضاف الرئيس المالي: «نحن في وضع يواجه فيه الأمن تهديداً في جميع أنحاء العالم (...) لذلك من الجيد التفكير بالأمر بهذا الشكل وبكثير من التقدير والاحترام من كل الأطراف».
وجهة النظر نفسها سبق أن عبر عنها رئيس بوركينا فاسو روش مارك كابوري، الذي شدد على ضرورة أن يكون التحالف بين فرنسا ودول الساحل مبنياً على الاحترام المتبادل، مشيراً ضمنياً إلى استيائه من طريقة استدعائه للقمة في فرنسا.
وتعد العلاقة بين فرنسا ودول الساحل معقدة جداً، فهي القوة الاستعمارية السابقة في هذه المنطقة من العالم، ولكنها لا تزال تقيم علاقات متعددة الأبعاد مع كل بلد على حده، يتداخل فيها التعاون العسكري مع العلاقات الاقتصادية والسياسية.