داود أوغلو يطلق «حزب المستقبل» في أول تحد لإردوغان

أطلق رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو حزبا سياسيا جديدا باسم «حزب المستقبل» في خطوة تشكل تحديا لرفيق دربه السابق الرئيس رجب طيب إردوغان وتحسم الجدل والتساؤلات التي تزايدت في الأشهر الأخيرة حول نيته في إطلاق هذا الحزب بعد استقالته من حزب العدالة والتنمية الحاكم في سبتمبر (أيلول) الماضي اعتراضا على أسلوب إدارة إردوغان للحزب. وأعلن داود أوغلو إطلاق حزبه الجديد، في مؤتمر تعريفي أقيم في العاصمة أنقرة بحضور أكثر من 150 من مؤسسي الحزب ووسط اهتمام إعلامي كبير، وقال أوغلو في كلمة خلال المؤتمر: «نتجاوز آلام الماضي، ونستفيد من الدروس النابعة منها، وننظر للمستقبل.. من يتعلم ويغلب الخوف ويمتلك الأمل من دون شكوى وصراخ وتفرقة، قادر على المضي إلى المستقبل والنظر إليه». وكان بين المؤسسين للحزب، الرئيس السابق لـ«الائتلاف الوطني السوري» المعارض خالد خوجة الذي يحمل الجنسية التركية. وكان خوجة رئيسا لـ«الائتلاف» في العام 2015، كما أنه شغل منصب عضو قيادة «هيئة التفاوض السوري» المعارضة.
وحدد داود أوغلو مبادئ حزبه الوليد قائلا: «ونحن على مقربة من المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية في 2023، فإننا بحاجة للإجابة عن تساؤلات في مرحلة التحولات عن احترام الحقوق والسيادة الوطنية، بمفهوم سياسة عامة تعمل على احترام العادات والحريات.. الأسس الأساسية التي يقوم عليها حزبنا هي إحياء الإنسان، واستخدام القوانين كأداة للمساواة بين حقوق المواطنين، والحفاظ على حقوق الملكيات والحريات واحترام المبادئ العالمية الأساسية للإنسان». وتابع: «احترام الثقافات لكل شرائح المجتمع، وحق الجميع بتطوير هذه الحقوق، وحق التعلم باللغة الأم، كلها أمور تعزز السلام.. المبدأ الوجداني هو احترام الأديان والأعراق، في السياسة يجب عدم زج الدين بالسياسة، مع ضرورة إتاحة حرية ممارسة الشعائر الدينية من دون ربطها بالسياسة التي يجب أن تكون وفق الاستحقاق واللياقة، كما يجب الاستماع إلى مطالب بعض الطوائف، وإيجاد حلول لمشكلاتها، وكذلك لغير المسلمين، ومن هم على معتقدات مختلفة». ووعد داود أوغلو بإجراء إصلاحات داخلية تشمل المؤسسات الاقتصادية والسياسية والقضائية والأمنية، وشدد على أن حزبه سيعمل على إجراء تغيير جذري في دستور البلاد، مجددا معارضته للنظام الرئاسي القائم بالبلاد، مشيرا إلى أنه يؤيد العودة إلى النظام البرلماني بعد إجراء تحسينات عليه.
وأشار إلى أن تحقيق مزيد من النهضة الاقتصادية وتعزيز القطاعات الإنتاجية في البلاد، سيكون أيضا من بين الأهداف الأساسية لحزبه.
وبالنسبة للسياسة الخارجية، قال داود أوغلو إن «حزب المستقبل» سيعمل على تعزيز القوة الدبلوماسية لتركيا في كل المحافل الدولية، وسيتبع سياسة الانفتاح على جميع قارات العالم، وسيكافح سياسة الانغلاق على الداخل التي تتبعها معظم بلدان العالم في الوقت الراهن، مشيرا إلى ضرورة إقامة علاقات بناءة مع جميع القوى الفاعلة، باستثناء التنظيمات الإرهابية والأنظمة الديكتاتورية. وقدم مؤسسو حزب داود أوغلو، طلباً رسمياً لوزارة الداخلية أول من أمس لتدشين حزب سياسي، بعد 3 أشهر على استقالته من العدالة والتنمية، ويحمل الحزب الجديد اسم «حزب المستقبل»، وشعاره «ورقة شجر الدلب أو (الجميز)».
وشغل داود أوغلو (60 عاما) منصب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيس الوزراء بين عامي 2014 و2016 قبل أن يختلف مع إردوغان بسبب إصراره على تطبيق النظام الرئاسي، ووجه هذا العام انتقادات حادة لإردوغان والإدارة الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية واتهمه بتقويض الحريات الأساسية وحرية الرأي.
وتأتي هذه التطورات في وقت يفقد فيه حزب إردوغان كل يوم أعدادا من مؤسسيه وقاعدته الشعبية منذ فشله في الانتخابات المحلية الأخيرة في مارس (آذار) الماضي، وفقدانه أحد رموز سيطرته، وهي بلدية إسطنبول إلى جانب بلديات كبرى أخرى كأنقرة وإزمير وأنطاليا وأضنة ومرسين.
في سياق قريب، اعتقلت السلطات التركية نيلوفر ايليك يلماظ، رئيسة بلدية قضاء «كيزيل تبه» التابع لولاية ماردين (جنوب)، بعد عزلها من منصبها، على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب.
واعتقلت السلطات يلماظ، المنتمية لحزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد)، وكذلك نائبتها ديلبر صلهان. بعد أن أصدرت وزارة الداخلية في 4 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بعزلهما من منصبيهما اللذين فازا بهما في الانتخابات المحلية الأخيرة، على خلفية اتهامها بـ«الدعاية لتنظيم إرهابي مسلح»، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني المدرج على قوائم التنظيمات الإرهابية في تركيا. وأصدر الحزب، أول من أمس، تقريرا تحت عنوان «انتهاكات حقوق الإنسان للعام 2019»، حول الانتهاكات التي تعرض لها المنتمون له، أشار فيه إلى أن 15 ألفا و530 من أعضائه وأنصاره محتجزون، وصدرت مذكرات توقيف بحق 6 آلاف، من بينهم 750 من الأعضاء بالحزب والقيادات.
وتعتبر الحكومة التركية حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الممثل في البرلمان التركي بـ65 نائبا، الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، والذي تصنفه أنقرة على أنه «إرهابي».