بوادر اندلاع «حرب دبلوماسية» موازية لمعارك طرابلس

توقع دبلوماسيون وسياسيون حدوث تغييرات قد تطرأ على ولاءات وانتماءات السفارات والقنصليات الليبية، ارتباطاً بما قد يحدث من «تطورات إيجابية» وحسم المعركة لأي من الفريقين المتقاتلين في الضاحية الجنوبية للعاصمة طرابلس، وجاء ذلك وسط رواج معلومات عن «بدء مغادرة الدبلوماسيين الغربيين للعاصمة منذ صباح أمس».
ودعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، التابعة للحكومة المؤقتة، جميع السفارات والقنصليات والبعثات والمندوبيات الليبية بالخارج إلى «ضرورة الانحياز إلى ما سمته الشرعية والحكومة المؤقتة والجيش الليبي في حربه ضد الإرهاب، والإعلان عن ذلك بشكل واضح وصريح أمام العالم».
وقالت الخارجية في بيان، مساء أول من أمس، «في الوقت الذي تسطر فيه قواتكم المسلحة ملاحم البطولة والتضحية بالعاصمة لتحريرها من الإرهاب والميليشيات، نحو استعادة الدولة آمنة ومستقرة، لذا فإننا ندعوكم للانحياز فوراً إلى الشرعية والحكومة الليبية المؤقتة وقواتكم المسلحة، وتعلنون ذلك بشكل واضح وأمام العالم».
ورأى الصالحين النيهومي، السكرتير الثالث بديوان وزارة الخارجية في مدينة البيضاء (شرق)، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن «السفارات الليبية قد تغير بوصلتها حسب موقف دول مقر اعتمادها»، وقال: «إذا سحبت الدول اعترافها بالمجلس الرئاسي فسوف يتغير موقف السفارة الليبية بالتبعية».
وكانت اليونان قد طردت السفير الليبي محمد يونس المنفي في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، «تعبيراً عن غضبها» من الاتفاق الذي أبرمته سلطات طرابلس وتركيا في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) لترسيم الحدود البحرية بينهما قرب جزيرة كريت، وذلك في خطوة أغضبت أنقرة وحكومة «الوفاق» معاً، وقالت الأخيرة إن «اليونان ليس لها تمثيل دبلوماسي في ليبيا، وإلاّ لكانت طرابلس ردت بالمثل».
وتحدث النيهومي عن «وجود بعض السفارات تتعامل مع الحكومة المؤقتة في الخفاء»، لكن فور دخول «الجيش الوطني» طرابلس «ستتغير الأوضاع في الساحة الدولية، وستكون هناك خارطة طريق سيعلنها الجيش، سياسيا ودبلوماسيا».
ما ذهب إليه النيهومي، لفت إليه أيضا بعض السياسيين الموالين لـ«الجيش الوطني»، حيث طالبوا الدول العربية بمقاطعة المجلس الرئاسي، وسحب الاعتراف به، داعين البعثات الدبلوماسية التابعة له إلى ما سموه «سرعة الاصطفاف إلى الخط الوطني».
واستكمالاً لمحاولات الاستقطاب الدبلوماسي في البلاد، تسعى لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الليبي للعمل على اتخاذ تدابير قانونية، وذلك لضمان مواصلة عمل بعض السفارات، تحت إشراف مجلس النواب.
ووسط حالة من تغيير المواقع، أعلنت السفارة الليبية في دولة سانت لوسيا ودول شرق الكاريبي «تأييدها الكامل للقوات المسلحة الليبية، وانحيازها التام إلى شرعية الوطن، وشرعية الحكومة المؤقتة، المنبثقة عن مجلس النواب المنتخب من الشعب الليبي».
وقالت السفارة في بيان، تناقلته أمس وسائل إعلام محلية، إن «موقفها هذا يأتي استكمالاً ومواصلة لخطط الإصلاح الاقتصادي، وتنفيذ المشروعات القومية الطموحة، ودعمها الكامل للقيادة السياسية ورجال القوات المسلحة والشرطة في هذه الحرب ضد الإرهاب والمؤامرات، التي تستهدف النيل من أمن وسلامة ليبيا».
ونفى دبلوماسي موال لحكومة «الوفاق» وجود أي انشقاقات لبعثتها في الخارج، وقال أمس لـ«الشرق الأوسط»، رافضاً ذكر اسمه، إن الأجهزة التابعة للحكومة المؤقتة «تسوّق أحاديث كاذبة حول رغبة البعثات الدبلوماسية الليبية في الانضمام إليها على عكس الحقيقة».
ورفض الدبلوماسي القياس على ما يحدث في سفارة أو سفارتين، وقال بهذا الخصوص: «هناك عشرات البعثات التي تتبع المجلس الرئاسي، وترفض هجوم الأعداء على العاصمة، والأمر لن يتوقف على سفارة أو سفارتين».
وسبق أن نفى محمد طاهر سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، سيطرة مجموعة مؤيدة للمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» على سفارتها بالقاهرة، وقال إن الأمر «عبارة عن محاولة قيام بعض الأشخاص اقتحام السفارة بالقوة. لكن تم التعامل معهم وإخراجهم منها».
ودعا مجلس النواب الليبي الدول العربية إلى عدم الاعتراف بحكومة «الوفاق»، وتعليق عضوية المجلس الرئاسي في جامعة الدول العربية. لكن خارجية «الوفاق» تبذل جهوداً دبلوماسية للحيلولة دون تحقيق ذلك. فيما رأى سيالة أن الاستجابة لرغبة البرلمان «ستمثل كارثة ونكوصاً عن اتفاق (الصخيرات) المعترف به دولياً، والذي تم اعتماده من مجلس الأمن».
وكانت السفارة الليبية في القاهرة مسرحاً لكثير من الاشتباكات، وتبادل الاتهامات، وهي الأحداث التي شهدتها بعض السفارات الأخرى، على خلفية اتهامات بشبهة تربح من المال العام. واستغل بعض السفراء الانقسام السياسي في البلاد، فبدأوا يتعاملون مع أي جهة داخل البلاد بهدف الحفاظ على مصالحهم ومناصبهم.
في غضون ذلك، راجت أمس أنباء عن بدء مغادرة الدبلوماسيين الغربيين للعاصمة الليبية طرابلس منذ صباح أمس. لكن لم يتسن التأكد من ذلك، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن تقارير صحافية أن «الدبلوماسيين الغربيين تجمعوا في مدينة جنزور تمهيداً لمغادرتهم عن طريق البحر». علما بأن مطار معيتيقة الدولة في العاصمة عاد للعمل مرة ثانية منذ الخميس الماضي.