«داعش» يراهن من جديد على مشاهد الذبح والقتل الجماعي

عاد تنظيم «داعش» الإرهابي، ليراهن من جديد على «مشاهد الذبح، والقتل الجماعي»، في محاولة منه لـ«الترهيب والانتقام، وتأكيد أنه (ما زال باقياً) على الرغم من الهزائم التي مني بها خلال الفترة الماضية»، حسب خبراء.
وبث «داعش»، مساء أول من أمس، فيديو مصوراً لعملية ذبح مواطنين ليبيين سقطوا أسرى في أيدي التنظيم. كما بث مشاهد لعمليات إعدام جماعية بالرصاص، في منطقة الفقهاء جنوب ليبيا. وقال خبراء ومختصون معنيون بالحركات الأصولية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإصدار الجديد يعطي إشارة قوية إلى وجود عناصر التنظيم بقوة في ليبيا، وأن إعلام التنظيم يؤكد أنه (لملم شتاته)، واستطاع أن يقوم بعمل إصدار بهذا العمق».
الفيديو بثته وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم، وحمل اسم «وأخرجوهم من حيث أخرجوكم»، ومدته 31 دقيقة، وأظهر معاملة سيئة من عناصر التنظيم للأسرى، أو المواطنين الذين تم اعتقالهم خلال عمليات التنظيم الإرهابية على بلدة الفقهاء، حيث وثقت مقاطع الفيديو «عملية إعدام جماعية لأشخاص مُكبلين، رمياً بالرصاص على رؤوسهم في منطقة صحراوية، وكذلك داخل قرية الفقهاء، وفي مقطع آخر تم ذبح مواطنين بطريقة وحشية».
فيديو «داعش» على ما يبدو أنه كان مهماً للتنظيم عقب سلسلة هزائم متتالية في العراق وليبيا وسوريا، وللتأكيد على عبارته القديمة أنه «ما زال باقياً».
وقال عمرو عبد المنعم، الباحث المتخصص في شؤون الحركات الأصولية، إن «الإصدار يحمل دلائل، أولها أنه خرج باسم (ولاية ليبيا) وليس (ولاية برقة)، وهذا يشير إلى أن (داعش) انتقل إلى ليبيا بأعداد كبيرة، ناقلاً نشاطه من سوريا والعراق إلى هناك لاعتبارات لوجستية، وأمنية، وفكرية»، مضيفاً: «الأمر الثاني متعلق بالجانب الإعلامي، فمنذ مقتل أبي بكر البغدادي، زعيم (داعش) السابق، وقبل ذلك، كان إعلام التنظيم تقليدياً، ولم تكن هناك إصدارات بهذا العمق... ويعتبر هذا الإصدار هو أول إصدار عميق، من الناحية الفكرية والإعلامية»، مشيراً إلى أن «الإصدار يستخدم الأمور والمعايير القديمة نفسها، في فكرة بث الرعب، والإشعار بأن التنظيم يقاتل حتى آخر نفس».
يشار إلى «داعش» خلال عامه الأول من إعلان دولة الخلافة (المزعومة)، قطع ما يزيد على 3 آلاف رأس من المدنيين، ومن عناصره، بتهمة «الغلو والتجسس لصالح دول أجنبية عند محاولتهم العودة إلى بلدانهم».
وأكد عبد المنعم أن «الإصدار الجديد يشبه كثيراً إصداراً سابقاً وهو (حتى لا تكون فتنة)؛ لكن (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) يؤكد أن التنظيم يتعامل مع الأوطان والأحداث التي وقعت له في السابق، بنوع من الانتقام، في محاولة لرد الاعتبار لذاته، عقب ضربات قوية خلال الأشهر الماضية، قام بها التحالف، وأميركا، وبعض الكتائب التي كانت موالية لـ(القاعدة) في سوريا والعراق».
ويقول المراقبون إن «(داعش) يستخدم قطع الرؤوس للترهيب؛ حيث أصدر من قبل سلسلة من أشرطة الفيديو الدعائية، وبث خلالها عمليات إعدام علنية وجماعية، واحتوت بعضها على سجناء أجبروا على حفر قبورهم بأيديهم قبل إعدامهم». وسبق أن ذبح التنظيم رهينة يابانياً، وسوريين، وعراقيين، ولبنانيين، بالإضافة لاثنين من الصحافيين الأميركيين، ومصريين في ليبيا.
وفي دراسة مصرية أكدت أن «قادة التنظيم يعتقدون أن القتل بشراهة يسهم في استقرار سيطرتهم، وإشباع سادية القائمين على التنظيم الذين أدمنوا رؤية الدماء، فأصبحت رؤية هذه الرؤوس المقطوعة عامل نشوة لهم تماماً، بالإضافة إلى رفع معنويات عناصر التنظيم الباقية». وقال الدكتور عبد الحليم منصور، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن «مشاهد النحر تدل على وحشية التنظيم... وهذه المشاهد بها رسالة لكل المخالفين للتنظيم، بأن من يعارضه أو يقاومه، فمصيره سيكون الذبح، فهي رسالة الغرض منها التخويف، وهي دليل واضح على ضعف التنظيم، وهروب الكثير من عناصره». وعن عودة «داعش» للاستراتيجية القديمة نفسها ببث مشاهد النحر والإعدام. قال عمرو عبد المنعم، إن «بثها يعطي إشارة، أن إعلامه (لملم شتاته)، واستطاع أن يقوم بعمل إصدار بهذا العمق، ومن الممكن أن يتبعه إصدارات أخرى بالمستوى نفسه فيما بعد»، مضيفاً أن «كثيراً من المشاهد التي بثها الإصدار الأخير، متزامنة مع بعضها البعض، فهي مجموعة من العمليات التي استطاع أن يقوم بها التنظيم خلال الفترة السابقة، ولا تحوي مشاهد قديمة، باستثناء عملية التفجير الانتحاري فقط، لكن باقي المشاهد تحمل تصويراً بشكل عالي الجودة».