واشنطن: خفض القوات في أفغانستان ليس مرتبطاً بالضرورة بصفقة مع «طالبان»

تناقش إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ فترة؛ سواء في الداخل أو مع الحلفاء، تخفيضات محتملة في حجم قوتها العاملة في أفغانستان. وأمس، على هامش حضوره قمة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر: «أنا على يقين بأنه بالإمكان خفض أعدادنا في أفغانستان وفي الوقت نفسه ضمان ألا يصبح المكان ملاذاً آمناً لإرهابيين يمكن أن يهاجموا منه الولايات المتحدة»، دون أن يذكر رقماً محدداً. وأضاف: «ويتفق حلفاؤنا معنا أيضاً في أنه بإمكاننا إجراء تخفيضات».
وكانت وزيرة الدفاع الألمانية وصلت إلى أفغانستان الاثنين في زيارة رسمية لجنود ألمان متمركزين هناك. وقالت أنيغرت كرامب كارنباور، خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، بالعاصمة الأفغانية كابل أمس الثلاثاء: «إننا نرى أنه لا بد من إشراك الأوساط السياسية الأفغانية والمسؤولين الأفغان على أي حال في مباحثات السلام واتفاق السلام».
ومن شأن وقف إطلاق النار، إذا التزمت به جميع الأطراف، أن يؤدي إلى انحسار كبير للعنف. لكن القادة العسكريين الأميركيين سيظلون يركزون على التهديدات المرتبطة بجماعتين متشددتين أخريين في أفغانستان هما تنظيما «داعش» و«القاعدة».
وقتل نحو 2400 جندي أميركي في الحرب الأفغانية وأصيب آلاف آخرون.
وسئل إسبر: هل ستكون مثل هذه التخفيضات مرتبطة بالضرورة باتفاق ما مع حركة «طالبان»؟ فأجاب: «ليس بالضرورة»، لكنه لم يخض في التفاصيل، كما جاء في تقرير وكالة «رويترز» التي أجرت المقابلة معه وهو في طريقه لحضور القمة في لندن بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس التكتل العسكري. وقال إسبر إن أي خفض قد يحدث في قوات الولايات المتحدة بأفغانستان لن يكون مرتبطاً بالضرورة بصفقة مع حركة «طالبان»، في إشارة إلى احتمال حدوث تخفيض لمستوى القوات بغض النظر عن المسعى القائم لإقرار السلام.
ويوجد في الوقت الحالي نحو 13 ألف جندي أميركي في أفغانستان وآلاف الجنود الآخرين من حلف شمال الأطلسي. وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة قد تخفض عدد جنودها إلى 8600 جندي مع الاستمرار في تنفيذ مهمة فعالة ورئيسية لمحاربة الإرهاب بالإضافة إلى تقديم قدر من المشورة للقوات الأفغانية. وجاء في مسودة اتفاق تم التوصل إليها في سبتمبر (أيلول) الماضي قبل انهيار محادثات السلام أنه سيجري سحب آلاف الجنود الأميركيين مقابل ضمانات بألا تستخدم جماعات متشددة أفغانستان على أنها قاعدة لشن هجمات على الولايات المتحدة أو حلفائها.
وجاءت تصريحات إسبر في مقابلة «رويترز» يوم الاثنين في أعقاب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لأفغانستان في عيد الشكر، والتي تحدث فيها عن خفض محتمل للقوات وقال إنه يعتقد أن حركة «طالبان» ستوافق على وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة منذ 18 عاماً. وكانت وزيرة الدفاع الألمانية وصلت إلى أفغانستان أول من أمس الاثنين في زيارة رسمية لجنود ألمان متمركزين هناك.
لكن كثيراً من المسؤولين الأميركيين شككوا خلال أحاديث خاصة في إمكانية التعويل على «طالبان» في منع تنظيم «القاعدة» من التخطيط بالأراضي الأفغانية لشن هجمات على الولايات المتحدة مرة أخرى. ولم يشر إسبر إلى أي تطورات في الأيام المقبلة أو يلمح إلى احتمال التطرق إلى مسألة إحداث تخفيضات جديدة للقوات في أفغانستان خلال مناقشات حلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع. وعند سؤاله عما إذا كان سيثير الموضوع في لندن، قال: «لا أعتقد أن هناك أي أخبار جديدة في الوقت الحالي. نناقش هذا منذ فترة».
وفي سياق متصل، دعت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغرت كرامب كارنباور لإشراك الأوساط السياسية الأفغانية في المباحثات بشأن إحلال السلام مع جماعة «طالبان».
يذكر أنه كان هناك دائماً انتقاد في الماضي بأن الولايات المتحدة الأميركية تدير مباحثات مباشرة حول إحلال السلام مع جماعة «طالبان» على نحو يتجاوز الأفغان. وصرح الرئيس ترمب الأسبوع الماضي بأن واشنطن استأنفت المباحثات التي توقفت بشكل مفاجئ في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأضافت كرامب كارنباور خلال المؤتمر الصحافي أن برلين وكابل لديهما هدف مشترك، ألا وهو أن يتسنى للمواطنين في أفغانستان العيش في أمان وحرية وسلام مستقبلاً، موضحة أنه يتم العمل لأجل تحقيق ذلك جنباً إلى جنب منذ أعوام كثيرة. وأكدت الوزيرة الألمانية أن هذا العمل حقق أوجه نجاح، وقالت: «نعتزم مواصلة هذا العمل»، وأضافت أنه يتم أيضاً خلال المباحثات تناول موضوعي حماية البيئة والتعليم. وتوجه غني بالشكر لوزيرة الدفاع الألمانية على إسهام بلادها على المستويين العسكري والإنساني، وتوجه بالشكر أيضاً لأسر جنود الجيش الألماني الذين لقوا حتفهم في أفغانستان، وقال: «قدموا أعلى تضحية من أجل سلامتنا وحريتنا». وفي الوقت ذاته أعربت كرامب كارنباور عن أملها في أن تؤول الانتخابات الرئاسية «بأقصى سرعة ممكنة إلى النتيجة التي يتم قبولها من قبل الجميع».
وكان قد تم إجراء الانتخابات في أفغانستان في سبتمبر الماضي. ولكن النتائج لا تزال معلقة بسبب مشكلات فنية واتهامات بالتلاعب. وأعرب مراقبون عن تخوفهم من حدوث أزمة سياسية جديدة يمكن أن تؤدي إلى عنف، حال ظهور نتيجة انتخابات مثيرة للجدل.