حوادث الطعن بالسكين «الإرهاب بالسلاح السهل»

عاد أسلوب «الطعن بالسكين» إلى الواجهة من جديد في حادثي لندن ولاهاي، بعدما خفت طوال الأشهر الماضية. وأكد خبراء أمنيون وباحثون في شؤون الحركات الأصولية أن «السكين هو سلاح الإرهاب السهل، عبر (ضربات خاطفة) ينفذها (انفراديون) أو (خلايا نائمة) لإزعاج الدول، خصوصاً الأوروبية»، مضيفين لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيراً من العناصر (الانفرادية) الأوروبية تنتشر في أوروبا وأميركا، وتتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي ودولهم، وتستطيع التخلص من التتبع الأمني في أي وقت».
حادثا لندن ولاهاي أعادا إلى الأذهان التسجيل الصوتي لأبي محمد العدناني، الناطق باسم «داعش»، في عام 2014، عندما دعا المتعاطفين مع التنظيم إلى «القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ، من دون العودة إلى قيادة (داعش)».
وأكد مراقبون أن «دعوة العدناني، ومن بعدها دعوة أبي بكر البغدادي، ألقت بظلها على حوادث كثيرة حول العالم استخدمت فيها السكين كأداة للطعن والقتل».
وقال العميد السيد عبد المحسن، الخبير الأمني بمصر، إن «القتل بـ(سكين المطبخ) نوع مكرر من الهجمات، لتنفيذ عمليات انتقامية في أوروبا. ولعل السر في استخدام (سلاح السكين) يكمن في توفره بسهولة في أي وقت، فضلاً عن إشاعة الخوف في المنطقة المستهدفة، حيث يمكن أن يكون (حادث الطعن) في شارع أو جامعة أو ملعب أو مركز تسوق أو على جسر، أو حتى في مسجد».
وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2016، بث «داعش» إصداراً مرئياً، شرح خلاله طريقة استخدام السكاكين في القتل، والمواضع التي يجب تركيز الطعن فيها، وأفضل أنواع السكاكين ومواصفاتها.
ويشار إلى أن منفذا حادثي لندن ولاهاي فيما يبدو من «الانفراديين»، حيث ما زالت تنظيمات الإرهاب، خصوصاً «داعش»، تراهن على «الانفراديين» أو «الذئاب المنفردة» أو «الخلايا النائمة» في الدول، خصوصاً الأوروبية، لتنفيذ «ضربات سريعة» قد تكون خسائرها أقل، لكنها تُحدث رعباً في هذه الدول. وقال اللواء محمد قشقوش، أستاذ الأمن القومي الزائر بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، إنه «يتم تجنيد عناصر (الذئاب المنفردة) عبر الإنترنت، كما يتم من خلال الإنترنت التعرف على الأهداف التي تضعها التنظيمات لشن هجمات إرهابية، وتدريب (الذئاب) على استخدام السلاح المتاح».
في حين أكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(الانفراديين) هم أشخاص يقومون بهجمات بشكل منفرد، دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، سواء أكانت هذه العمليات بالأسلحة المتطورة أو بالطرق البدائية، مثل (سكين المطبخ) أو العصا، أو الدهس بالسيارات والشاحنات، وهذه العمليات يعتمد التخطيط لها على آليات بسيطة جداً من قبل (الذئاب المنفردة)».
وجدد حادثا لندن ولاهاي، أول من أمس، الحديث عن إشكالية «العائدين من مناطق الصراعات» إلى أوروبا. وأكد المراقبون أن «(العائدين) ليسوا مُجرد عناصر مهزومة فقط، فمنهم من أصيب بخيبة أمل عقب فشل تنظيمهم، لكنهم لن يتخلوا عن الأفكار التي تعلموها من التنظيمات الإرهابية».
وقال عبد المنعم إن «كثيراً من العناصر (الانفرادية) تنتشر في أوروبا وأميركا والاتحاد الأوروبي، وهذه العناصر من الأساس جنسيتها أوروبية، لذلك يتحركون بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي ودولهم... فضلاً عن أن هناك بعض العناصر المتمرسة في هذه الأمور تندمج في المجتمع الأوروبي، وتجد لها منفذاً، حتى لو تم السيطرة عليهم أمنياً، فهي تستطيع أن تتلخص من الرصد الأمني في وقت اللزوم».
وعن احتمالية تورط «داعش» في حادثي لندن ولاهاي، وتأخر الإعلان عن تبني الحادثين، قال عمرو عبد المنعم إن «العناصر الانفرادية فقدت الصلة بشكل مباشر بالإعلام الداعشي، بعد مقتل البغدادي، لذلك نجد كثيراً منهم يعانون من عدم التمرس، وعدم القدرة على الحصول على المعلومات... لذا، فالعملية الأخيرة في لندن لا توصف إلا بأنها (عملية صبيانية)»، لافتاً إلى أن «حال تبني (داعش) للحادثين، فهذا يؤكد اعتماده على (الانفراديين) بصورة كبيرة، ويؤكد أيضاً ضعف التنظيم، وعدم قدرته على شن هجوم كبير يحدث دوياً في المجتمع الغربي... وهذا يعطي إشارة إلى أن (داعش) يعيش أجواء من الارتباك، وعدم القدرة على تنفيذ عمليات مثل التي حدثت في أعوام سابقة».