إسبانيا تحذّر من عملية إرهابية وشيكة لـ {داعش»

دعت وزارة الخارجية الإسبانية المواطنين الإسبان إلى عدم التوجّه إلى مخيّمات اللاجئين الصحراويين في منطقة تندوف الجزائرية، بعد أن بلغتها معلومات من مصادر وصفتها بأنها موثوقة عن عمليّة إرهابية وشيكة ضد المصالح الإسبانية في تلك المنطقة التي تنشط فيها مجموعة من المنظمات الإسبانية غير الحكومية منذ سنوات. وعلمت «الشرق الأوسط» أن التحذير جاء استناداً إلى معلومات أجهزة المخابرات الإسبانية في المنطقة، التي أفادت بأن «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى» الذي يتزّعمه عدنان أبو الوليد الصحراوي، المولود في الصحراء الإسبانية، يعدّ لعملية ضد المواطنين الإسبان الذين يعملون مع منظمات الإغاثة والمساعدات الإنسانية في مخيمات اللاجئين الصحراويين في المنطقة. يذكر أن العمليات التي قام بها هذا التنظيم المتشدد منذ مطلع الشهر الجاري قد أسفرت عن مقتل ما يزيد على مائة شخص.
تجدر الإشارة أن مجموعة من المنظمات غير الحكومية الإسبانية تعمل منذ أربعة عقود ضمن برنامج «عطلة بسلام» لمساعدة الآلاف من الأطفال الصحراويين الذين تستضيفهم عائلات إسبانية طوال شهرين خلال عطلة الصيف من كل عام. وجرت العادة أن تقوم هذه العائلات بزيارة الأطفال في بيوتهم خلال فترات الأعياد والعطلات الرسمية الطويلة، حيث يرتفع عدد المواطنين الإسبان في تندوف خلال تلك الزيارات.
وجاء في البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية الإسبانية أن ارتفاع التوتّر في المناطق الشمالية من مالي، وما يرافقه من ازدياد في الأنشطة الإرهابية في المنطقة، من شأنه أن يؤثر على المنطقة التي توجد فيها مخيّمات اللاجئين الصحراويين في تندوف، وبالتالي من المستحسن عدم التوجّه إلى تلك المنطقة. ويذكر أنه كان من المقرّر أن يسافر 320 مواطناً إسبانياً إلى تندوف في رحلتين منظمّتين يوم غد السبت. وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، قال مصدر رسمي إسباني إن التحذير يستند إلى معلومات موثوقة من أجهزة المخابرات الموجودة في تلك المنطقة، وأن العملية التي بلغت مرحلة متقدمة من التحضير، تستهدف مخيّمات اللاجئين والزائرين الإسبان الذين يترددون عليها. وعن التنظيم الذي تشير إليه المصادر بأنه وراء التحضير لهذه العملية، تقول المصادر إنه نشأ في العام 2015 بعد انشقاقه عن تنظيم «المرابطون»، وهو ذراع «تنظيم داعش» في المنطقة، بقيادة عدنان أبو الوليد الصحراوي، المولود في مدينة «العيون» العاصمة السابقة للصحراء الغربية عندما كانت تحت إدارة إسبانيا، وبالتالي فهو مخّول الحصول على الجنسية الإسبانية في حال طلبها.
يذكر أن شريط الفيديو الأخير الذي صدر عن أبو بكر البغدادي في 29 أبريل (نيسان) نيسان الماضي، تضمّن قبوله قسم المبايعة من الصحراوي وتعيينه أميراً على إقليم الصحراء. وكانت مجموعة الصحراوي قد نفّذت عمليات مثيرة، مثل الكمين الذي نصبته في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017 في منطقة طونغو طونغو في النيجر، وأسفر عن مقتل أربعة جنود أميركيين وأربعة جنود من النيجر، ما دفع بالولايات المتحدة إلى إدراج هذا التنظيم على لائحة المنظمات الإرهابية وأعلنت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يساعد على قتل زعيمه أو إلقاء القبض عليه.
وفي مطلع هذا الشهر نفّذ التنظيم المذكور عملية كبيرة أخرى ضد ثكنة للجيش المالي في الشمال الشرقي من البلاد، أسفرت عن هروب جنود الحامية ومقتل 54 منهم واستيلاء التنظيم على كمّيات ضخمة من الذخائر والأسلحة. وتقول المصادر الإسبانية إن هذا التنظيم الذي اقتصرت عملياته حتى الآن على مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لم ينفّذ أي عملية بعد داخل الأراضي الجزائرية، لكن بما أن معظم أفراده من الصحراويين وتربطهم أواصر عائلية بسكان المخيّمات، ما يسهّل عليهم القيام بعمليات داخلها.
وتذكر المصادر أن الصحراوي هو الذي خطّط في العام 2011 لعملية اختطاف اثنين من الإسبان ومواطنة إيطالية في مخّيمات تندوف، استمرّوا في قبضة التنظيم تسعة أشهر قبل الإفراج عنهم.
ويأتي هذا التحذير من العملية الإرهابية في فترة حسّاسة على الصعيد السياسي في الجزائر، إذ تُجرى في الثاني عشر من الشهر المقبل الانتخابات الرئاسية التي تأجّلت عدة مرّات لخلافة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وبعد ذلك بأسبوع تعقد جبهة بوليساريو مؤتمرها الخامس عشر في تندوف. وتتوقع المصادر أن يكون المواطنون الإسبان الهدف المفضّل لـ«تنظيم داعش» المتطرف، بعد أن أصبحت إسبانيا، إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا، في صدارة أهداف التنظيم بعد أن أحبطت القوات الإسبانية في فبراير (شباط) الماضي هجوماً انتحاريّاً استهدف مركزاً لتدريب الجيش المالي تابعاً للاتحاد الأوروبي في منطقة كوليكورو.