طرح «أرامكو» ينطلق في أسبوعه الثاني بزخم استكمال تغطية الاكتتاب

في وقت تستعيد فيه ذاكرة السعوديين البئر سبعة, قصة أول تدفق للزيت الأسود على أرض السعودية، أتم الطرح العام لشركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) أول أسبوع له من عملية الاكتتاب على جزء من رأسمال الشركة، إذ تبقى أسبوع واحد أمام الأفراد الذين أظهرت المؤشرات شراءهم قرابة نصف حجم المخصص لهم في الاكتتاب لتكون أمامهم في هذا الأسبوع فرصة استكمال ما تبقى من الأسهم المخصصة لهذه الشريحة.
وتنطلق عملية الاكتتاب في «أرامكو» للأسبوع الثاني من الطرح وسط توقعات بزخم إقبال سينتهي بإعلان استكمال تغطية الاكتتاب لشريحتي الأفراد والمؤسسات، حيث باتت الأخيرة قاب قوسين من إكمال تغطية الطرح، الذي يصنف الأكبر على مستوى الأسواق العالمية وأضخم طرح عام من حيث القيمة المنتظر استحصالها.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الاكتتاب الخميس الماضي، تكون شريحة المؤسسات غطت ما قوامه 90 في المائة من حجم المقدر لها في وقت تبقى أسبوعان على انتهاء مدة الاكتتاب المخصص لها، في حين بلغت نسبة ما اكتتبت به شريحة الأفراد قرابة 50 في المائة مع تبقي أسبوع، حيث سينتهي في 28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وأفصحت شركة سامبا المالية (مدير الاكتتاب) أن الاكتتاب ضخ حتى اليوم الخامس 72.9 مليار ريال (19.4 مليار دولار)، تشكل حصة المؤسسات منها 58.3 مليار ريال (15.4 مليار دولار) مستحوذة على 1.8 مليار سهم، فيما تملك 1.8 مليون مكتتب ما قوامه 456 مليون سهم بقيمة 14.5 مليار ريال (3.8 مليار دولار)، في وقت تقدر فيه نسبة 1.5 في المائة من رأسمال الشركة من حيث عدد الأسهم 3 مليارات سهم ستضخ نحو 96 مليار ريال (25.9 مليار دولار)، وفقاً للتسعير بنطاق الحد الأعلى.
وفي مستجدات حول التفاعلات الخارجية، ورغم عدم اكتتابه في «أرامكو»، فإن خبير التقييم المالي العالمي آسواث دامو دران، أستاذ المالية في كلية ستيرن للأعمال العريقة التابعة لجامعة نيويورك ويعد من أشهر المحللين العالمين ويلقب بـ«عميد التقييم»، قدم عرضاً من خلال بث على صفحته في «يوتيوب» حول الشركة استعرض فيه كثيراً من التفاصيل، مؤكداً في معرض طرحه أن سعر 1.7 تريليون دولار يعد قريباً من القيمة العادلة لشركة نفطية عملاقة كـ«أرامكو».
ومع مرور 7 أيام على اكتتاب «أرامكو»، يستذكر السعوديون البئر رقم سبعة وقصتها الشهيرة، حيث كان اليأس قد بدأ يدب بعد حفر 6 آبار في المنطقة الشرقية السعودية، وقبل انعقاد نية حفر البئر سبعة كادت الشركة الأميركية تشد الرحال للمغادرة، إلا أن الجيولوجي ماكس ستاينكي عبر عن ضرورة الصبر قليلاً في اجتماع مجلس إدارة شركة «ستاندرد أويل كمبني أوف كاليفورنيا» (سوكال) الشركة الأم لـ«أرامكو» في مدينة سان فرنسيسكو، حيث كان مجلس الإدارة يعقد مشاورات لوقف خسائر الشركة في عمليات التنقيب عن النفط في الأراضي السعودية لعدم جدوى ذلك.
ومع الوصول إلى قناعة بضرورة التريث، بدأ عمال الحفر في الحقل يزيدون عمق البئر التي تم إصلاحها إلى 200 قدم إضافية، لتخرج المفاجأة بتدفق الزيت الأسود الخام على هؤلاء العمال وتتصاعد الصرخات والبهجة بينهم، حيث كان التدفق بمعدل 1585 برميلاً في اليوم، وبعد أسابيع قليلة فقط صعد معدل التدفق إلى 3810 براميل في اليوم الواحد.
وعدت هذه الكمية تجارية في ذلك الوقت، لذلك توقفت أعمال الاختبار، واتجه فريق التنقيب إلى تعميق في الآبار السابقة.
من حينها أصبحت البئر رقم 7 تسمى «بئر الخير»، كما سماها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - فتحاً جديداً في عالم النفط، حيث أصبحت أول بئر اختبارية للحفر على أعماق كبيرة، مغيرة بذلك تقنيات الحفر والتنقيب عن النفط في جميع أنحاء العالم. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 1938، أعلنت السعودية رسمياً اكتشاف الزيت بكميات تجارية في بئر الدمام رقم «7» ليتم بعدها إنجاز خط أنابيب بطول 69 كيلومتراً من حقل الزيت في الدمام إلى ميناء رأس تنورة عام 1939، شرق المملكة.
ويبقى للبئر رقم 7 موقع بارز في تاريخ النفط السعودي والعالمي، فهي التي أعطت مؤشرات حقيقية للمستقبل النفطي للسعودية، والرقم سبعة الذي اشتهرت به قديماً يعود إلى رقم التسلسل في الآبار الاختبارية التي كان يتم حفرها للتحقق من وجود النفط.
ورغم بدايتها الصعبة فإنه سرعان ما تدفق النفط منها نحو العالم حتى وصل إنتاج البئر من 15 ألفاً إلى 18 ألف برميل يومياً، في وقت لم يكن فيه الحفارون الأوائل يتخيلون أن هذه البئر حتى بعد أن نجحت في إنتاج النفط بكميات تجارية، سوف تظل قادرة على مواصلة الإنتاج لعدة عقود من الزمن، وأنها سوف تنتج وحدها أكثر من 32 مليون برميل من الزيت.