مسؤولان في البيت الأبيض يصفان اتصال ترمب ـ زيلينسكي بـ «غير اللائق»

قال الكولونيل ألكسندر فيندمان كبير مستشاري مجلس الأمن القومي للشؤون الأوكرانيّة يوم الثلاثاء إن الاتّصال الّذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في الخامس والعشرين من شهر يوليو (تموز) أشعره بالاضطراب لدرجة أنه أبلغ محامي مجلس الأمن القومي بفحواه. وأضاف فيندمان في الجلسة العلنية الثالثة التي عقدتها لجنة الاستخبارات في مجلس النوّاب في إطار التحقيق بعزل الرئيس الأميركي «ما سمعته كان غير لائق، وقد أبلغت السيد جون إيزنبرغ كبير محاميي مجلس الأمن القومي بمخاوفي. من غير المناسب أن يطلب الرئيس الأميركي من حكومة أجنبيّة التحقيق مع مواطن أميركي ومنافس سياسي»، وذلك في إشارة إلى التحقيق المرتبط بنجل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، هنتر بايدن.
وكشف فيندمان، الّذي استمع إلى اتصال ترمب - زيلينسكي الشهير، أنه نصح الرئيس الأوكراني خلال حفل تنصيبه بعدم التدخّل في السياسة الداخلية الأميركيّة، وذلك بعد أن علم في مارس (آذار) الماضي بوجود أشخاص من خارج الحكومة الأميركية يسعون لفتح تحقيقات تتعلق بالسياسة الداخلية الأميركية على حدّ قول الكولونيل الأميركي.
وفي تصريح لافت، قال فيندمان إن المسؤولين الأوكرانيين عرضوا عليه وظيفة وزير دفاع في الحكومة الأوكرانية، لكنّه رفض هذا العرض. وإلى جانب فيندمان، جلست جينيفر ويليامز مستشارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس للشؤون الأوروبية والروسيّة، التي استمعت أيضاً للاتصال بين الرئيسين. وقد وافقت ويليامز مع تصريحات فيندمان ووصفت الاتصال الهاتفي بالغريب وغير اللائق. إشارة إلى أن هذه هي المرّة الأولى التي تستجوب فيها اللجنة في جلسة مفتوحة شهوداً استمعوا مباشرة إلى الاتصال. هذا وقد حظي كل من فيندمان ويليامز بحصتيهما من الانتقادات من قبل الرئيس الأميركي الذي هاجم ويليامز على «تويتر» يوم الأحد واتهمها بأنها تنتمي إلى جماعة معارضة له. وغرّد ترمب: «قولوا لجنيفر ويليامز إن عليها أن تقرأ نصّي المكالمتين أولاً ثم عليها أن تلتقي بمن يعارض ترمب الذين لا أعرفهم ولم أسمع بهم من قبل للتخطيط لاستراتيجية جديدة لمهاجمتي».
كما هاجم ترمب قبل بدء الجلسة، رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ووصفها بالمجنونة. وقال ترمب في تغريدة: «قالت بيلوسي إنّه من الخطر أن يقرر الناخبون مصير ترمب. برأيها أنا سوف أفوز وهي لا تريد المخاطرة. هي تريد تغيير نظامنا الانتخابي. هي مجنونة!».
تصريح ترمب جاء تعليقاً على رسالة بعثتها بيلوسي إلى الديمقراطيين في مجلس النواب انتقدت فيها دعوات البعض إلى وقف مجلس النواب التحقيقات بعزل الرئيس وانتظار الانتخابات الرئاسية لتقرير مصير ترمب. ووصفت بيلوسي هذه الاستراتيجية بالخطيرة.
على الرغم من أهميّة إفادتي ويليامز وفيندمان فإن نجم جلسات الاستماع هذا الأسبوع من دون منازع سيكون السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند.
فسوندلاند الذي سيمثل أمام اللجنة يوم الأربعاء هو الوحيد من بين الشهود الذين تحدثوا مباشرة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول الملف الأوكراني. وتربط سوندلاند، وهو من المتبرعين السابقين لحملة ترمب الانتخابية، علاقة مقربة بالرئيس الأميركي. ومما لا شكّ فيه أنّه سيواجه أسئلة محرجة وقاسية من قبل الديمقراطيين الذين اتهموه بإخفاء معلومات عن المحققين، فيما سيحاول الجمهوريون إثبات أن هدف التحقيقات مع بايدن هو مكافحة الفساد فحسب. وسوف تُصعّب علاقة سوندلاند المقربة من الرئيس الأميركي من مهمة الجمهوريين الّذين ركزوا في استراتيجياتهم الدفاعية السابقة على التشكيك بمصداقية الشهود الذين لم تربطهم علاقة مباشرة مع ترمب، ولم يستمعوا إلى أي تصريح مباشر منه حول التحقيقات.
وكانت لجان التحقيق رفعت السرية مساء الاثنين عن إفادة ديفيد هولمز أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الذي تحدث للمحققين عن اتصال استمع إليه بين سوندلاند والرئيس الأميركي دونالد ترمب في كييف بعد يوم من اتصال ترمب - زيلينسكي. وقال هولمز إنه لم يشهد أي أمر من هذا النوع طوال حياته المهنية: «لقد كانت تجربة مختلفة لم أشهدها من قبل في حياتي المهنية في وزارة الخارجية. عندما اتصل سوندلاند بالرئيس من خلال هاتف خلوي في مطعم في كييف، ومن ثم أجريا محادثة على مستوى عال من الصراحة واللغة غير اللائقة. لقد كان الاتصال غريباً جداً لدرجة أني أذكر كل تفاصيله». ومن المقرر أن يمثل هولمز أمام لجنة الاستخبارات في جلسة علنية يوم الخميس.
إضافة إلى كل من سوندلاند وويليامز وفيندمان وهولمز، تستمع لجنة الاستخبارات في مجلس النواب اليوم الأربعاء إلى لورا كوبر نائب وزير الدفاع الأميركي فيما تمثل فيونا هيل مديرة مكتب أوروبا وروسيا السابقة في مجلس الأمن القومي أمام اللجنة يوم الخميس. وقد استمعت لجنة الاستخبارات بعد ظهر يوم الثلاثاء إلى كلّ من كرت فولكر المبعوث الأميركي السابق إلى أوكرانيا وتيموثي موريسون أحد المستشارين في مجلس الأمن القومي.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال يوم الاثنين إنّه قد يدلي بإفادته أمام اللجنة بعد أن دعته رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى التوقف عن التغريد والحديث مباشرة مع أعضاء اللجنة. وقال ترمب في سلسلة من التغريدات: «رئيسة مجلس النواب المجنونة والمرتبكة والتي لا تفعل شيئا، نانسي بيلوسي، الخائفة جداً من قاعدتها المؤلفة من اليسار المتطرف، اقترحت يوم الأحد أن أقدم إفادتي في إجراءات العزل المزيفة. وهي قالت إنني أستطيع أن أقّدم إفادة مكتوبة». وتابع ترمب: «على الرغم من أنني لم أرتكب أي أخطاء ولا أحبذ إعطاء المصداقية لهذا التحقيق المزيّف، فإني أحببت هذه الفكرة وسأنظر إلى الموضوع بجديّة بهدف أن يعود الكونغرس إلى مساره الطبيعي». واستمر ترمب بمهاجمة بيلوسي قائلاً إن اليسار المتطرف والإعلام الكاذب على حدّ وصفه يتحكمان بتحركاتها. وأضاف ترمب: «هذه حملة احتيال كبيرة على الأميركيين من قبل الإعلام الكاذب وشركائه الديمقراطيين الذين لا يفعلون شيئا. لقد زوّر كل من نانسي بيلوسي وآدم شيف القوانين. لكنّنا نفوز وسوف نستمر بالفوز!». وكانت رئيسة مجلس النواب اقترحت في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» بُثت يوم الأحد أن يقدم ترمب إفادته إلى لجان التحقيق إذا أراد أن يطرح وجهة نظره مباشرة. وقالت بيلوسي: «يستطيع الرئيس أن يمثل أمام اللجنة، وأن يقول ما يريد قوله. ستكون هذه فرصته لطرح وجهة نظره».
ودعت بيلوسي ترمب إلى التوقف عن ترهيب المُبلغ فوراً متعهدة بحمايته. وقد كرّر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر دعوة بيلوسي. وقال شومر للصحافيين يوم الأحد: «إذا كان الرئيس الأميركي يعارض ما يسمع، فلا يجب أن يُغرّد بل عليه أن يأتي إلى اللجنة وأن يقدم إفادته تحت قسم اليمين. كما عليه أن يسمح لمن حوله بتقديم إفادتهم». في إشارة إلى كل من ميك مولفاني كبير موظفي البيت الأبيض وريك بيري وزير الطاقة وغيرهما ممن رفض البيت الأبيض السماح لهم بتقديم إفاداتهم إلى الكونغرس.
وفي حال قرر ترمب بالفعل تقديم إفادته فهي ستكون المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يقدم فيها رئيس أميركي إفادة للدفاع عن نفسه أمام الكونغرس.
وكان الرئيس الأميركي جيرالد فورد قد مثل أمام الكونغرس في العام 1974 للحديث عن قراره بإصدار عفو عن ريتشارد نيكسون، أما بيل كلينتون فقد قدّم إفادة خطية إلى مجلس النواب أثناء تحقيقات عزله في العام 1998، وترجح مصادر في الكونغرس أنه في حال قرر ترمب تقديم إفادته فإنها ستكون إفادة خطية على الأرجح على غرار ما فعل أثناء تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر.
ويحاول المحققون في مجلس النواب حالياً تحديد ما إذا كان ترمب كذب على مولر في أجوبته الخطيّة، ويسعون للحصول على وثائق تثبت أن ترمب كان على علم بالاتصالات بين حملته الانتخابية وويكيليكس. وهو أمر يقول المحققون إنهم إذا استطاعوا إثباته فإنه سيساعد على إثبات أن الرئيس الأميركي عرقل التحقيقات وبالتالي يجب عزله.