«القرشي» على خطى «البغدادي» للاستثمار مجدداً في «نساء داعش»

فيما يبدو وكأنه «نهج وسير على خطى أبي بكر البغدادي»، يسعى زعيم «داعش» الجديد، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، للاستثمار في نساء التنظيم مجدداً لتنفيذ عمليات إرهابية، وسط مخاوف من خطرهن في المرحلة المقبلة، وتوظيفهن في «هجمات محتملة»، وفي تغذيتهن عقول الأطفال بالأفكار المتطرفة.
وقال باحثون في الحركات الأصولية، وخبراء أمنيون، إن «النساء لديهن قدرة على التجنيد بصورة فعالة عبر محادثات من خلال منصات التواصل الاجتماعي»، وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن «(الداعشيات) لديهن إصرار على التمسك بتوجهات التنظيم، رغم كل الهزائم التي تعرض لها، بسبب محدودية ثقافتهن الدينية، خصوصاً معظم الأوروبيات اللاتي التحقن بالتنظيم».
ويرى مراقبون أن «نساء التنظيم لا يخفين تطلعهن إلى العودة من جديد للمناطق التي كان يسيطر عليها (داعش) في سوريا والعراق، حال ما إذا أتيحت لهن الفرصة مرة أخرى». وأخيراً، أعلنت مجموعة من نساء التنظيم في «مخيم الهول» بسوريا البيعة لـ«القرشي» في تسجيل مصور. وقالت بعض النساء، بحسب وصفهن، إن «الدولة لم تنتهي، بكل مكان في دولة (على حد زعمهن)، وعقيدتنا باقية وتمدد، والخليفة قتل، وجاء خليفة جديد».
والأسباب التي تدفع التنظيم للاعتماد على النساء في المرحلة المقبلة حددتها دار الإفتاء المصرية في «الحفاظ على دور النساء الذي يتمثل في الطريقة التي رسخ بها أفكاره في عقولهن، وتجنيد كثير من النساء، بالإضافة إلى أن كثيراً من هؤلاء النساء هن أزواج لمقاتلين بالتنظيم نفسه، وبالتالي يصعب عليهن التخلي عن تلك الأفكار المتطرفة... فخطاب التنظيم وصف النساء بأنهن جزء من (قادة الجهاد) ومربيات (أشبال الخلافة)».
وذكرت الإفتاء أن «دور النساء في ظل قيادة (القرشي) سوف يعتمد على أساليب (البغدادي) نفسها، بالاعتماد عليهن في عمليات التجنيد، ودعم أزواجهن لنشر العنف، والمشاركة في العمليات الإرهابية».
وقال رسمي عجلان، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «بعض (الداعشيات) لديهن إصرار على التمسك بتوجهات التنظيم، رغم كل الهزائم التي تعرض لها في سوريا والعراق، ويرجع ذلك لمحدودية ثقافتهن الدينية، ووجود احتمالات بعودة التنظيم مرة أخرى إلى المناطق التي سبق أن سيطر عليها»، مضيفاً أن «دور النساء في (داعش) لا يتمثل في حمل الأسلحة، بل لعبن في وقت سابق دوراً محورياً من وراء الكواليس، فالنساء كانت لديهن القدرة على تجنيد المزيد من (المتطرفين) بصورة فعالة عبر محادثات طويلة، وعليهن دور أعمق في زرع المذهبية، من خلال الاشتراك في تجنيد أخريات عبر منصات التواصل».
وكان تقرير أصدرته مجموعة «غلوبسك» غير الحكومية في سلوفاكيا، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، قد حذر من أن «(الداعشيات) يشكلن تهديداً خطيراً، وهن مستعدات لشن هجمات في أي وقت». وأكد التقرير أن «هؤلاء النسوة لم يكن فقط عرائس للمقاتلين في (داعش)، فبعضهن خططن لهجمات، وعملن على استقطاب مجندات، ونشطن في مجالي الدعاية والتمويل».
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال تقرير أميركي إن «(داعشيات) غربيات توعدن بإعادة التنظيم لسابق عهده».
وأشارت تقارير ودراسات إلى أن «(داعش) عمل على استخدام استراتيجية تنظيم القاعدة في استغلال المرأة لنشر آيديولوجيته الفكرية المتطرفة بين العناصر النسائية الأخرى، إضافة إلى استخدامهن في الترويج الدعائي لأفكاره الخاصة». فمنذ نهاية عام 2017، أعلن «داعش» في أحد إصداراته أن «الجهاد ضد الأعداء» واجب على المرأة، وقام بإنتاج صور دعائية لنساء يقاتلن في معاركه، وكشفت بعض إصدارات التنظيم المرئية عن توظيف المرأة في العمليات القتالية، وأتاح التنظيم لعناصره النسائية كشف الوجه، رغم تحريمه ذلك، في العمليات، كما أباح أيضاً اختلاط نساء التنظيم مع الرجال في أثناء وبعد تنفيذ العمليات، رغم تحريمه ذلك.
وأكد العميد السيد عبد المحسن، الخبير الأمني، أن «التنظيم قد يسعى حالياً لتدريب النساء على التعامل مع المتفجرات مجدداً، لتعويض خسائره، وعمل (شو) إعلامي لإثبات أنه ما زال قادراً على القيام بعمليات»، مضيفاً أن «(داعش) أعطى أهمية خاصة للنساء، لكونهن أفضل أداة لنقل أفكاره المتطرفة، فالدور الرئيسي الذي كانت تلعبه النساء في بداية نشأة التنظيم هو الإنجاب، وتلقين أبنائهن الفكر المتطرف، ثم تطور هذا الدور فيما بعد»، موضحاً أن «(الداعشيات) من المرجح أن يلعبن دوراً قوياً في الحفاظ على إرث التنظيم وأفكاره، خصوصاً أن العنصر النسائي يشكل نسبة كبيرة من مقاتلي التنظيم الآن».
وتقول الإفتاء المصرية إن «ما يقارب 14 في المائة من عناصر التنظيم المحتجزين في (مخيم الهول)، شرق الحسكة في سوريا، من النساء». ويشار إلى أن التنظيم قد قام أخيراً بعمل حملة عبر منصاته الإعلامية، تحت اسم (العدالة من أجل الأخوات)، حث فيه أتباعه على الهجوم على المخيمات لتحرير النساء التابعات له من الاحتجاز». وذكرت تقارير أن «هناك عمليات تنظيم للصفوف تقوم بها النساء داخل مخيمات الاحتجاز، من أجل الفرار بمساعدة بعض عناصر التنظيم».
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، طالب البغدادي، في آخر تسجيل له، نساء التنظيم بـ«(الصبر)، والحفاظ على دورهن في (الجهاد)»، على حد زعمه.