لندن تبلغ بروكسل نيتها عدم التقدم بمرشح لعضوية المفوضية

أكدت المفوضية الأوروبية أمس أنها تلقت ردا بريطانيا على طلبها بترشيح ممثل للندن لدى بروكسل. وأبلغت الحكومة البريطانية الاتحاد الأوروبي بأنها لا تعتزم التقدم بمرشح عنها لشغل منصب في المفوضية قبل الانتخابات العامة المقررة الشهر القادم، ما يعيق محاولات الرئيسة المنتخبة للمفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين لتسلم عملها في الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال مسؤول بريطاني أمس الخميس: «لقد كتبنا للاتحاد الأوروبي لتأكيد أن توجيهات ما قبل الانتخابات تنص على أنه يتعين على المملكة المتحدة ألا تتقدم بمرشحين لمناصب دولية خلال هذه الفترة». وكانت بريطانيا رفضت في البداية تقديم مرشح عنها لأنها كانت من المفترض أن تغادر الاتحاد في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). وتعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بالتقدم بمرشح للمفوضية كشرط للاتفاق على إرجاء الخروج ثلاثة أشهر.
ودعا جونسون لانتخابات مبكرة في الثاني عشر من ديسمبر (كانون الأول) القادم، بعدما رفض البرلمان التعجل في تمرير اتفاق كان توصل إليه مع الاتحاد الأوروبي بشأن خروج البلاد من التكتل. وكانت فون دير لاين كتبت لجونسون مرتين خلال الأسابيع القليلة الماضية لمطالبته بترشيح مسؤول بريطاني لعضوية المفوضية. وكانت السياسية الألمانية قد اضطرت بالفعل لإرجاء الموعد الذي كان مقررا لتسلم المنصب في الأول من نوفمبر بسبب وجود تأخير في الحصول على موافقة على المرشحين لعضوية المفوضية، التي يتعين أن تضم مسؤولا بارزا عن كل دولة عضو بالاتحاد. ويعكف مسؤولون من الاتحاد الأوروبي على البحث ضمن الخيارات القانونية المتاحة بحيث تتسلم المفوضية الجديدة مهامها بـ27 مفوضا، من بينهم فون دير لاين، وليس بالـ28 بالكامل. وقال ناطق باسم فون دير لاين لوكالة الصحافة الفرنسية الخميس إن رئيسة المفوضية المقبلة تسلمت الرسالة من لندن ليل الأربعاء الخميس. وأوضحت مصادر أوروبية أن فون دير لاين تلقت رأيا قانونيا يفيد أن غياب مفوض بريطاني لا يمنع فريقها الجديد من تولي مهامه. وأكد مسؤول بريطاني الخميس أن لندن وجهت هذه الرسالة. وقال: «كتبنا للمفوضية الأوروبية لنؤكد أن المسار الذي يجب اتباعه قبل الانتخابات هو أنه على المملكة المتحدة ألا تقوم بتعيينات في مناصب دولية خلال هذه الفترة».
وسيضم فريق فون دير لاين إلى جانب المسؤولة الألمانية، ممثلي الدول الـ26 الأعضاء الأخرى. ويفترض أن تتولى المفوضية الجديدة مهامها في الأول من ديسمبر (كانون الأول). وكان يفترض أن تبدأ المفوضية مهامها في الأول من نوفمبر. لكن الموعد أرجئ شهرا لأن البرلمان الأوروبي رفض ثلاثة مرشحين في الفريق الجديد (اختارتهم فرنسا والمجر ورومانيا). وعرضت أسماء ثلاثة مرشحين آخرين للحصول على موافقة البرلمان الأوروبي. وحذّر رئيس المجلس الأوروبي المنتهية ولايته دونالد توسك بريطانيا بأن نفوذها الدولي سيتراجع بعد بريكست، وبأنها لن تكون قادرة على منافسة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي. وقال توسك إن مؤيدي بريكست واهمون إن اعتقدوا أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيعيد لبلادهم نفوذها على الساحة الدولية، معتبرا أن بريكست يشكل «النهاية الحقيقية للإمبراطورية البريطانية».
ويأتي تصريح توسك في خضم الحملة الانتخابية في بريطانيا التي يشكل بريكست أحد أبرز مواضيعها الخلافية، وقد حض الساعين إلى إبقاء بريطانيا في التكتل إلى عدم فقدان الأمل. ويعتبر عدد من مؤيدي بريكست البريطانيين أن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي الذي يعد أكبر تكتل تجاري في العالم، سيمكّن بريطانيا من نسج علاقات اقتصادية وثيقة مع دول أخرى حول العالم. وقال توسك في كلمة أمام كلية أوروبا في بروج بإيطاليا المتخصصة في أعداد الأجيال القادمة من بيروقراطيي الاتحاد الأوروبي، إنه «يمكن سماع حنين لـ(عصر) الإمبراطورية في أصوات هؤلاء. لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماما»، مضيفا أن «المملكة المتحدة لا يمكنها أن تلعب دورا عالميا إلا إذا كانت جزءا من أوروبا متّحدة».
وتابع أن «العالم يدرك ذلك.. بعد خروجها ستصبح المملكة المتحدة دخيلا، لاعبا من الصف الثاني فيما ساحة المعركة الرئيسية ستكون للصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي». وتم تحديد يوم 31 يناير (كانون الثاني) موعدا جديدا لدخول بريكست حيّز التنفيذ، إلا أن حزب العمال البريطاني تعهد بإعادة التفاوض حول اتفاق تنظيم الخروج من التكتل وإجراء استفتاء ثان حول بريكست، فيما تعهد الديمقراطيون الليبراليون بإلغاء بريكست برمّته. ولم يخف توسك الذي يترك منصبه نهاية الشهر الحالي معارضته لبريكست.
وقال إن «انتخابات المملكة المتحدة ستجرى في غضون شهر واحد»، متسائلا: «هل لا يزال ممكنا تغيير مسار الأمور؟». وتابع بأن «الكلمات الوحيدة التي تخطر في بالي اليوم هي ببساطة: لا للاستسلام. في هذه المباراة وصلنا إلى تمديد للوقت، نحن الآن في الشوط الإضافي، ربما تصل الأمور إلى الركلات الترجيحية». وقال توسك إن «الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي قد حافظوا على انضباط ذاتي ووفاء استثنائيين لبعضهم البعض، على الرغم من محاولات لندن إحداث استقطاب في هذه المفاوضات». وفي سياق متصل قالت مصادر مطلعة إن بريطانيا تهدد بترحيل مواطني الاتحاد الأوروبي إذا لم يتقدموا في الوقت المناسب للحصول على وضع هجرة جديد بعد خروج بريطانيا من التكتل وإنه لن يتم التساهل في ذلك إلا في ظروف استثنائية. وتقوم الحكومة بإدخال أكبر تعديلات على مراقبة الحدود البريطانية منذ عقود، مما ينهي الأولوية الممنوحة للمهاجرين من الاتحاد الأوروبي على المهاجرين القادمين من بلدان أخرى. وسيحتاج معظم مواطني التكتل إلى شكل من أشكال الإذن المسبق من الحكومة للبقاء في بريطانيا.
وتشير البيانات الحكومية إلى أن ما يزيد قليلا عن نصف مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا وعددهم 3.5 مليون شخص، حصلوا على الوضع القانوني الجديد قبل الموعد النهائي المحدد في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020، ويقول المحامون الذين يتولون قضايا الهجرة إن وزارة الداخلية دعتهم قبل بضعة أشهر للاطلاع على مسودة الإرشادات الحكومية بشأن الهجرة والتي كانت تضم قسما عما سيحدث لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين لا يتقدمون بطلبات في الوقت المحدد. ولم تحدد الحكومة موعد نشر المعلومات. وتجري بريطانيا انتخابات عامة في 12 ديسمبر (كانون الأول)، وإذا خسرت حكومة حزب المحافظين في الانتخابات فقد تتغير هذه المقترحات.