الانتخابات الإسبانية... سباق وراء سراب الأغلبية البرلمانية

للمرة الرابعة في أقل من 4 سنوات، يذهب الإسبان اليوم إلى صناديق الاقتراع في أجواء من التشنج السياسي لم تعرفها البلاد منذ عودة الديمقراطية أواخر سبعينات القرن الماضي، وتحت ضغط الحركة الانفصالية الكاتالونية التي أرخت ظلالها ثقيلة على الحملة الانتخابية منذ بدايتها، والتي ينتظر أن تبقى حجر الرحى الذي تدور حوله السياسة الإسبانية في الفترة المقبلة.
وتشير آخر الاستطلاعات إلى أن النتائج التي ينتظر أن تتمخض عنها انتخابات اليوم، قد تغيّر في توزيع المقاعد داخل المعسكرين اليساري واليميني، لكنها لن تؤدي إلى اختراق يُخرج البلاد من مأزق تشكيل أغلبية برلمانية متجانسة وثابتة تستند إليها حكومة مستقرة لم تعرفها إسبانيا منذ 7 سنوات.
ويسعى الحزب الاشتراكي، بقيادة زعيمه الشاب بيدرو سانتشيز، إلى تعزيز موقعه في البرلمان بما يتيح له فرض شروط أفضل لتأليف الحكومة المقبلة، أو على الأقل لتحييد معارضيه، في اليمين واليسار، وإفساح المجال أمامه لتشكيل حكومة أقلية. وكان سانتشيز قد فشل بعد الانتخابات العامة الأخيرة التي أجريت في أبريل (نيسان) الماضي في تأليف حكومة، لعجزه عن التوصل إلى اتفاق مع حزب «بوديموس» اليساري، ولإصرار الأحزاب اليمينية والوسطية على معارضة تكليفه.
وفيما يحاول حزب «بوديموس» وقف التراجع في شعبيته بعد الانتكاسات الأخيرة التي أصيب بها والانشقاق الذي حصل في صفوفه مؤخراً، يسعى الحزب الشعبي اليميني إلى استعادة موقعه في الثنائية الاشتراكية - الشعبية التي تناوبت على الحكم في إسبانيا منذ أربعة عقود. أما حزب «مواطنون» الذي نشأ بهدف منافسة الحزب الشعبي على أصوات الناخبين في وسط المشهد السياسي والمعتدلين في صفوف المعسكر المحافظ، فهو يواجه احتمالات مزيد من الانهيار بعد تراجع شعبيته في الانتخابات العامة الأخيرة، ثم الأوروبية والمحلية.
لكن المفاجأة التي يخشاها الجميع هي صعود الحزب اليميني المتطرف «فوكس» الذي ظهر في المشهد السياسي الإسباني مطلع العام الماضي في الانتخابات الإقليمية الأندلسية، وذلك لأول مرة منذ سقوط ديكتاتورية الجنرال فرانكو أواسط سبعينات القرن الماضي.
حتى مطلع الشهر الماضي، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبية «فوكس» في كل الدوائر على غرار ما حصل في الانتخابات الأوروبية والمحلية، لكن بعد التطورات التي شهدتها الأزمة الانفصالية في كاتالونيا خلال الأسابيع الأخيرة وما رافقها من تصعيد في مواقف القوى والأحزاب المطالبة بالاستقلال، بدأت الاستطلاعات تُظهر صعوداً مضطرداً لهذا الحزب إلى أن رجّحت التوقعات الأخيرة وصوله في المرتبة الثالثة بعد الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي، مع احتمال تقدّمه على هذا الأخير في بعض الدوائر.