براهمية: فرض الانتخابات بالقوة مخاطرة تزيد الوضع تعقيداً

قال حبيب براهمية، القيادي والمتحدث باسم حزب «جيل جديد»، الذي كان من أشد المعارضين للرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، بأنه لا يعارض الانتخابات من حيث المبدأ، «لكن نرفض الظروف التي تجري فيها حاليا». داعيا في المقابل إلى انتخابات «تنظمها هيئة مستقلة حقيقة عن الإدارة الحكومية، تكون وليدة حوار حقيقي، جامع لكل أطياف المجتمع الجزائري، يتمخض عنه تعديل نصوص هامة كقوانين الإعلام والانتخابات، وإعداد ميثاق يوقعه المترشحون للانتخاب، يتعهدون بموجبه إطلاق مسار تأسيسي مباشرة بعد الانتخابات، وبتعديل الدستور، والعمل على تلبية المطالب التي رفعها الحراك».
وعبر براهمية عن «أسفه» لكون السلطة «اختارت التعامل بمنطق المناورة، الذي عوّدنا عليه النظام «البوتفليقي»، حيث استعملت كل مصطلحات ومفاهيم المعارضة المتعلقة بالتغيير، لكن أفرغتها تماما من محتواها، وسعت لفرض انتخابات رئاسية في إطار نفس القوانين، مع إعطاء جزء من التنظيم لهيئة معينة كليا من طرف الجهاز التنفيذي (السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات) بعد حوار أحادي، كانت السلطة المشارك الوحيد فيه، وكل هذا جرى في مناخ من الاعتقالات والغلق الإعلامي والتهديد والترهيب».
وأكد المناضل من أجل «انتقال ديمقراطي حقيقي»، أن «استعادة الشرعية تمر عبر انتخابات تنظم في ظروف عادية، غير أن السلطة اختارت مسارا آخر... اختارت تعيين الرئيس في أقرب الآجال»، في إشارة إلى إصرار قائد الجيش الجنرال قايد صالح على تنظيم الانتخابات بشكل مستعجل لحل «أزمة الشرعية»، بناء على خطة أعدها هو، ودعا الطبقة السياسية إلى الانخراط فيها.
وحول احتمال إلغاء الانتخابات، وهو مسعى آلاف المتظاهرين، قال براهمية: «نحن اليوم أمام تصادم إرادتين. فمن جهة هناك إرادة الحراك الشعبي الذي يرفض هذه الانتخابات، ويريد تحقيق تغيير جذري برحيل كل وجوه النظام «البوتفليقي»، المتسبب في الأزمة، ومن جهة أخرى هناك سلطة ترفض التخلي عن أجندتها، وتريد تعيين رئيس بشرعية مؤسساتية للخروج من هذا المأزق، وحماية بعض من رجالها المستفيدين من فساد النظام السابق».
وأضاف براهمية موضحا أن «الحراك الشعبي المنتشر فوق كل التراب الوطني، وحتى في عدد من العواصم العالمية، يرفض بشدة مقترح السلطة، ونحن نتساءل كيف سينشط المترشحون الحملة في ظل الاحتقان السائد، وكيف سيتعاملون مع المتظاهرين، الذي سيخرجون بكل قوة كل ثلاثاء (مظاهرات طلاب الجامعة)، وكل جمعة وخاصة يوم الاقتراع؟ وبأي شرعية سيحكم الرئيس المعين؟».
وبرأي القيادي الحزبي، فإن «المسار الذي تقترحه السلطة مرفوض من طرف أغلبية ساحقة من الجزائريين، ومحاولة فرضه بالقوة لا يمكن أن يكون حلا، بل مخاطرة ستزيد الوضع تعقيدا. لا حل إلا بتأجيل الانتخابات وإطلاق تفاوض جاد بين الأطراف السياسية».
وبخصوص عجز المعارضة عن إيجاد «مرشح توافقي» يمكن أن يمثلها في الانتخابات، قال براهمية: «بالنسبة لي هناك بعض المآخذ على المعارضة منذ بداية الحراك، أهمها عدم قدرة أحزابها والنخب التي تمثلها على ترجمة الزخم، الذي أحدثه الحراك إلى آليات سياسية لإقناع الجزائريين بها. ثم إن محاولات تموقع البعض كممثلين للحراك أفرزت الكثير من الشعبوية في خطابات النخب، وأبعدتها عن حلول كانت أقرب إلى الواقع، وكان يمكن أن توفر فرصة لتحقيق التوافق بين المعارضة».
أما عن دور الجيش المفترض في الاستحقاق، فيوضح براهمية أن المؤسسة العسكرية «تعهدت بمرافقة الحراك الشعبي، وبدأت فعلا بتجسيد بعض من مطالبه، وذلك بسجن رموز فساد من نظام بوتفليقة. لكن في الأشهر الأخيرة قررت تسيير العملية السياسية بمفردها، ورفضت التغيير الجذري الذي يريده الجزائريون، وبذلك قررت من سيكون رئيسا للجمهورية، ومعها لن تكون العملية الانتخابية إلا غطاء شبه ديمقراطي لتسويق عملية تعيين الواجهة المدنية للسلطة».