مواد مستوحاة من الطبيعة تطرد السوائل من دون الحاجة إلى طلاءات

طورت جامعة «كاوست» أخيراً استراتيجية صديقة للبيئة وخالية من طبقات الطلاء، بهدف جعل السطوح الصلبة طاردة للسوائل، وهو أمر بالغ الأهمية فيما يتعلق بنقل كميات كبيرة من السوائل عبر الأنابيب. وقال باحثون من مركز تحلية وإعادة استخدام المياه، التابع لـجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إنهم ابتكروا سطوحاً مستوحاة من الطبيعة، تساعد على تقليل الاحتكاك بين السائل وسطح الأنبوب.
وتستخدم شبكات الأنابيب في كثير من العمليات الصناعية، بداية من نقل النفط الخام والمكرَّر وحتى الري وتحلية المياه، إلا أن الاحتكاك بين السائل والسطح الصلب قلل من كفاءة تلك العمليات.
وتعتمد الطرق التقليدية لتقليل الاحتكاك على الطلاءات الكيميائية وحدها، التي تتألف - بصفة عامة - من مركَّبات عضوية فلورية. وعند استخدام هذه الطلاءات على السطوح الخشنة، فإنها تحبس الهواء عند الفاصل بين السائل والسطح الصلب، وهو ما يقلل الاحتكاك بينهما، ويحسِّن ذلك طرد السطح للسائل، أي قدرته على طرد السوائل المائية والنفطية.
ويقول قائد الفريق البحثي، الدكتور هيمانشو ميشرا، الأستاذ المساعد في العلوم والهندسة البيئية، بقسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في الجامعة: «لكن إذا تلف الطلاء، فستكون لدينا مشكلة»، مشيراً إلى أن الطلاءات تتلف في ظل ظروف الاحتكاك والحرارة المرتفعة.
ومن أجل ذلك، طوَّر فريق ميشرا سطوحاً دقيقة البنية لا تحتاج إلى طلاءات لحبس الهواء عند غمرها في السوائل، وذلك عن طريق محاكاة طريقة الجلد الطارد للماء لدى عدد من الكائنات، مثل قافزات الذيل(Springtails)، أو الكهدليات (Collembola)، وهي كائنات شبيهة بالحشرات توجد في التربة الرطبة.
وحفر الباحثون على سطوح من السليكون الناعمة مجموعات من الفجوات الدقيقة ذات الحواف الشبيهة بحواف الفطر، وأسموها doubly re - entrant (DRC).
ويقول الباحث المشارك، سانكارا أروناشالام: «من خلال بنية الـ(DRC)، استطعنا حبس الهواء تحت السوائل المبللة فترات طويلة دون استخدام الطلاءات».
وعلى خلاف الفجوات الأسطوانية البسيطة، التي تمتلئ خلال أقل من 0.1 ثانية عند غمرها في المذيب المسمى «هكساديكان»، احتفظت فجوات المحاكاة البيولوجية بالهواء الحبيس مدة تزيد على 10 ملايين ثانية.
ولمعرفة مزيد عن الاحتجاز طويل الأجل للهواء، قارن الباحثون على نحو منهجي سلوك البلل لفجوات «DRC» دائرية، ومربعة، ومسدسة، ووجدوا أن الفجوات الدائرية هي الأفضل في الاحتفاظ بالهواء الحبيس.
واكتشف الباحثون أيضاً أن ضغط بخار السوائل يؤثر في هذا الاحتباس. ففي حالة السوائل ذات ضغط البخار المنخفض، مثل «الهكساديكان»، ظل الغاز الحبيس على حاله شهوراً كثيرة، أما في حالة السوائل ذات ضغط البخار الأعلى، مثل الماء، فقد أعاق التكثف الشعري داخل الفجوات عملية الاحتجاز طويل الأجل.
وباستخدام مبادئ التصميم هذه، يستكشف فريق ميشرا طرقاً قابلة للتطوير، لصنع الفجوات التي تأخذ شكل الفطر، باستخدام مواد رخيصة، مثل البولي إثيلين تيريفثاليت، والمعروف باسم «البوليستر»، ويتم استخدامه بشكل واسع في التعبئة والتغليف، من أجل تقليل المقاومة الاحتكاكية وتحلية المياه.
ويقول ميشرا: «لقد فتح هذا البحث عدة مسارات مثيرة أمام الأبحاث الأساسية والتطبيقية». يمكن تصميم المواد بحيث تطرد السوائل دون حاجة إلى طلاءات، بحفر بنية دقيقة فيها مستوحاة من الطبيعة.