تركيا: تخفيف القيود على تداول أسهم 7 بنوك واستمرار حظر «البيع على المكشوف»

خففت هيئة سوق المال التركية أمس (الاثنين)، القيود التي سبق وفرضتها على تداول أسهم 7 بنوك كبرى يوم الأربعاء الماضي، في أعقاب إعلان السلطات القضائية الأميركية اتهامات ضد بنك «خلق» المملوك للدولة بشأن انتهاك العقوبات الأميركية على إيران.
وألغت الهيئة ما تُعرف بـ«قاعدة الإيداع» التي فرضتها على تداول أسهم أكبر 7 بنوك مسجلة في البورصة التركية للحد من تداعيات قرار السلطات الأميركية على استقرار أسواق المال التركية. كما ألغت القاعدة التي لا تسمح ببيع أسهم البنوك السبعة إلا من خلال شركات الوساطة التي تدير حصص عملائها في هذه البنوك.
وأبقت هيئة سوق المال التركية على الحظر المؤقت على تداول أسهم هذه البنوك بنظام «البيع على المكشوف» المفروض منذ الأربعاء الماضي.
ووجه النائب العام الأميركي، الثلاثاء الماضي، 6 تهم إلى البنك التركي، تتعلق بالاحتيال للتهرب من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، وغسل الأموال والتهرب من العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.
وحسب بيان لوزارة العدل الأميركية، فإن البنك التركي متورط بقضايا تهرُّب من العقوبات الأميركية بمليارات الدولارات، شملت عمليات غسل أموال لعائدات النفط الإيراني، قام بها مسؤولون كبار من البنك التركي، وسط صمت من جانب المسؤولين الأتراك الذين تلقّى بعضهم مبالغ مالية كبيرة كرشوة.
كانت السلطات الأميركية قد أوقفت نائب المدير العام السابق لبنك «خلق» التركي محمد هاكان أتيلا، في نيويورك 27 مارس (آذار) 2017 بتهمة التحايل المصرفي لانتهاك العقوبات الأميركية على إيران في الفترة ما بين عامي 2010 و2015، وأفرجت عنه في يوليو (تموز) الماضي، وسمحت له بالعودة إلى تركيا.
وقال مساعد المدعي العام للأمن القومي الأميركي جون سي. ديمرز: «تآمر بنك (خلق) التركي لتقويض نظام العقوبات الأميركية من خلال منح إيران إمكانية الوصول لأموال بمليارات الدولارات... يمثل ما قام به البنك التركي انتهاكاً خطيراً للعقوبات المفروضة على إيران ويهدد أمننا القومي».
كانت السلطات التركية قد أصدرت العام الماضي أمراً باعتقال تاجر الذهب التركي من أصل إيراني رضا ضراب، الذي كان شاهد إثبات في المحاكم الأميركية في قضية أتيلا المتعلقة بتحايل بنك «خلق» على العقوبات الأميركية.
واعتُقل ضراب (35 عاماً)، الذي سبق أن وصفه الرئيس رجب طيب إردوغان بأنه «رجل أعمال محب للخير»، في الولايات المتحدة عام 2016 وأقر بذنبه عام 2017 في اتهام بأنه خطط لمساعدة إيران على مخالفة العقوبات الأميركية، وقدم شهادته كشاهد إثبات بعد ذلك في قضية أتيلا متهماً مسؤولين في الحكومة التركية، بينهم إردوغان نفسه، الذي كان رئيساً للوزراء في تلك الفترة بمساعدتهم عبر إصدار الأوامر لبنك «خلق» بالقيام بعمليات لمساعدة إيران على الهروب من العقوبات الأميركية.
وتعد قضية بنك «خلق» من نقاط الخلاف الرئيسية بين أنقرة وواشنطن اللتين تدهورت العلاقات بينهما، بسبب مجموعة من القضايا منها الموقف تجاه سوريا ومشتريات تركيا الدفاعية. وينفي بنك «خلق» ارتكاب أي مخالفات، في حين سبق أن وصف الرئيس التركي القضية بأنها تمثل «هجوماً سياسياً» على حكومته.

حظر البيع على المكشوف
ودخل قرار حظر «البيع على المكشوف» لأسهم البنوك التركية السبعة حيز التطبيق الأربعاء الماضي، دون تحديد موعد لإنهاء العمل به. وفقد سهم «خلق بنك» 23% من قيمته منذ بداية العام الحالي، في حين ارتفع مؤشر أسهم البنوك التركية الذي يضم 13 سهماً بنسبة 11% خلال العام.
وتوترت العلاقات بين أنقرة وواشنطن مجدداً، مع إطلاق تركيا عمليتها العسكرية «نبع السلام» في شمال شرقي سوريا الأسبوع الماضي، وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سلسلة من العقوبات على تركيا بما في ذلك زيادة الرسوم المفروضة على صادرات الصلب التركي وفرض عقوبات على وزراء الدفاع والطاقة والداخلية في حكومة إردوغان.
وتوصل الجانبان، الخميس الماضي، إلى اتفاق على تعليق العملية العسكرية التركية لمدة 6 أيام لإتاحة الفرصة لانسحاب المقاتلين الأتراك من مناطق متاخمة للحدود التركية مع سوريا، على أن يتم إعلان الوقف النهائي للعملية وانتهائها بعد إكمال الانسحاب وتقوم واشنطن بعد ذلك بسحب قرارات العقوبات التي فُرضت بحق وزراء الدفاع والداخلية والطاقة ووزارتي الدفاع والطاقة في تركيا، مع عدم فرض عقوبات جديدة.
وقال مراقبون إن إعلان المدعي العام الأميركي لائحة اتهام بنك «خلق» كان عاملاً أساسياً في تراجع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن تمسكه بإكمال العملية العسكرية لأن العقوبات على البنك كانت ستطوله وأفراداً في أسرته ومقربين منه في الحكومة والبنوك.

الليرة تستعيد بعض خسائرها
واستعادت الليرة التركية بعض خسائرها وقفزت إلى أعلى معدل لها خلال أسبوعين في تعاملات، الجمعة الماضي، كما ارتفعت الأسهم والسندات في بورصة إسطنبول على خلفية الاتفاق التركي - الأميركي لتعليق عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا.
وارتفعت قيمة الليرة التركية بنسبة 1.3%، لتصل إلى 5.76 ليرة للدولار، لتعوض بذلك الخسائر التي تكبدتها خلال الأسبوع الماضي، حيث انخفضت إلى 5.95 ليرة للدولار بسبب التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على تركيا بسبب عمليتها العسكرية. وسجل مؤشر بورصة إسطنبول ارتفاعاً بنسبة نحو 4% في أكبر قفزة له منذ يونيو (حزيران) الماضي.
وقال جان أوكسون مدير المبيعات بمؤسسة «غلوبال سكيوريتيز» للخدمات المالية في إسطنبول، لوكالة «بلومبرغ» الأميركية، إن «اتفاق الهدنة، رغم أنه مؤقت، فإنه أثار التفاؤل بين المستثمرين بشأن تبدد خطر العقوبات الأميركية على تركيا... أصبح المزاج العام أكثر إيجابية على نطاق واسع».
وتعهدت الولايات المتحدة بإلغاء العقوبات التي أعلنتها الأسبوع الماضي على أنقرة، بمجرد إعلان إنهاء العملية العسكرية ووقف إطلاق نار دائم في شمال شرقي سوريا.
ولا يعد التقلب أمراً غريباً على الليرة، لكنها فقدت 5% هذا الشهر مقابل الدولار، في تحرك استثنائي يتزامن مع ارتفاع مؤشر «إم إس سي آي» لعملات الأسواق الناشئة بنسبة 1.3%.
وتدعم صعود الأسواق الناشئة عموماً بمؤشرات على قرب التوصل إلى اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والصين وإجراءات تحفيز.
وقال ريتشارد هاوس، خبير الأسواق الناشئة لدى «ألاينس غلوبال إنفستورز»: «أجد صعوبة في رؤية أي حدث يصلح محفزاً إيجابياً (لتركيا) في الوقت الحاضر... ما يحدث هو أمر مذهل تماماً».
وصنف «جيه بي مورغان» الليرة، بجانب الروبل الروسي، كأكثر العملات انكشافاً على التقلبات السياسية. وحذر «غولدمان ساكس» بشأن المخاطر الجيوسياسية والسياسة الاقتصادية المحلية، في حين تساءل «بنك رابو» الأسبوع الماضي إذا كانت الليرة على شفا «أزمة عملة» جديدة. وخفض «دويتشه بنك» نظرته «الإيجابية» لأدوات الدخل الثابت التركية، وخفضت «أوكسفورد إيكونوميكس» مستوى رؤيتها لتركيا.
واستمراراً لخط التقلب في أسعارها سجلت الليرة تراجعاً في تعاملات أمس (الاثنين)، إلى 5.82 ليرة للدولار بعد انتعاشة لم تدم طويلاً بسبب الاتفاق على تعليق عملية «نبع السلام» العسكرية.