بطاريات «الليثيوم أيون»...اختراع حقق جائزة {نوبل} للكيمياء

بينما كان البروفسور ستانلي ويتنغهام، الأستاذ بجامعة «بينغهامتون» بنيويورك، يشارك في مؤتمر علمي بألمانيا حول بطاريات الليثيوم أيون، جاءه نبأ الفوز بجائزة نوبل حول الجهود التي بذلها قبل أكثر من 30 عاما لوضع الأساس العلمي لهذه البطاريات.
ويجمع هذا المؤتمر، الذي عقد خلال الفترة من 6 إلى 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بمدينة أولم الألمانية، بين صانعي السياسة رفيعي المستوى من أوروبا والولايات المتحدة الأميركية والصين واليابان وكوريا، بالإضافة إلى ممثلين عن صناعة السيارات ومصنعي البطاريات وموفري المواد والعلماء ذوي الشهرة العالمية من الأوساط الأكاديمية.
وقال ويتنغهام، في رده على أسئلة لـ«الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني، إنه اعترف بمجهود من عملوا بعده على نفس الفكرة، مضيفا: «لقد شاركت على المستوى التأسيسي في تقديم الكيفية لتخزين واستخدام الطاقة، ثم جاء آخرون وقاموا بتطوير الفكرة».
وبدأ ويتنغهام الحكاية أثناء أزمة النفط في السبعينات من القرن الماضي حين قامت الدول العربية المصدرة للبترول، بحظر تصدير النفط للدول المساندة لإسرائيل في حربها ضد سوريا ومصر والعراق، لدفع الدول الغربية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، مما هدد الصناعات الغربية وأدى إلى غلاء الأسعار.
وخلال تلك الأزمة العالمية عمل ستانلي على تطوير تقنيات الطاقة الخالية من الوقود الأحفوري، وبدأ في البحث في الموصلات الفائقة حتى اكتشف مادة غنية بالطاقة هي ثاني كبريتيد التيتانيوم التي استخدمها لتكون الكاثود في البطارية، حيث يوجد بها مسافات على المستوى الجزيئي يمكنها أن تحتوي على أيونات الليثيوم، أما أنود البطارية فقد تم تصنيعه من الليثيوم المعدني.
ورغم أن هذه البطارية كانت قوية، لكن تفاعلات الليثيوم المعدني أدت إلى انفجار كبير لها وصارت غير قابلة للاستخدام، غير أن آخرين جاءوا بعده وعملوا على إيجاد بدائل أحيت الفكرة، ولكن ظل ويتنغهام هو أول من وضع الإطار النظري للفكرة.
ورغم مجيء التكريم الدولي بعد مرور أعوام طويلة على المجهود البحثي الذي بذله ويتنغهام، فإنه لا يرى أن التكريم تأخر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «على المريض أن يتحلى بالصبر، وكذلك الباحث».
ويبلغ ويتنغهام من العمر 78 عاما، وجاءته الجائزة بعد أكثر من 40 عاما من البحث، بينما كان أحد شركائه في الجائزة وهو العالم الأميركي جون غوديناف أكثر صبرا، إذا حصل عليها في عمر يناهز 97 عاما، ليصبح أكبر عالم يحصل على نوبل في الكيمياء.
وعمل غوديناف على تطوير فكرة ويتنغهام بإثبات أن الكاثود يكون له إمكانيات أكبر إذا تم تصنيعه من أكسيد الفلز بدلاً من كبريتيد الفلز، واستخدم أكسيد الكوبالت مع أيونات الليثيوم وأنتج نحو 4 فولت، وكان هذا إنجازاً ثورياً أدى إلى بطاريات أكثر قوة، قبل أن يأتي الشريك الثالث الياباني أكيرا يوشينو صاحب الـ71 عاما، ليبتكر أول بطارية قابلة للتطبيق عملياً، بالتخلص من الليثيوم النقي واستبداله من خلال أيونات الليثيوم عن طريق استخدام كوك البترول في الأنود، وكانت النتيجة بطارية خفيفة الوزن شديدة التحمل يمكن شحنها مئات المرات.
ولا يتوقع ويتنغهام أن تؤدي هذه البطاريات والتطوير المستمر الذي يجرى عليها إلى القضاء على الاستخدامات التقليدية للوقود الأحفوري.
ويقول: «ستسمح بطاريات الليثيوم أيون بزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وذلك بإيجاد آلية تسمح بتخزينها، كما ستتيح استخدام الوقود الأحفوري بشكل أكثر كفاءة».
وردا على سؤال عن شعوره بعد الفوز بالجائزة، قال: «الشيء الذي فكر فيه بعد تلقيه نبأ الفوز أن هناك قائمة من الناس يود أن يشكرها، لكنه لا يعرف من أين يبدأ».