جولة جديدة من التوتر والاغتيالات في جنوب سوريا

تشهد مناطق في محافظة درعا، جنوب سوريا، حالة من التوتر الأمني تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية بعد استهداف لدورية روسية بعبوات ناسفة وضعها مجهولون على الطريق الواصل بين مدينة جاسم - إنخل في الـ11 من الشهر الحالي، وأدت إلى إصابة عنصر من القوات الروسية، وآخرين كانوا مرافقين للدورية من فصائل المصالحات.
كما وقع استهداف آخر لحافلة كانت تقل عناصر من الفرقة الرابعة على طريق مدينة درعا - طفس. وشهدت بعدها المناطق الغربية حالات اعتقال نفذتها قوات النظام السوري، جلها في مدينة جاسم، وتشديداً أمنياً على حواجز قوات النظام المنتشرة بين المناطق هناك.
وأوضحت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن مناطق ريف درعا الغربي تشهد في هذه الفترة توتراً أمنياً غير مسبوق يتصاعد بشكل شبه يومي بعد استهداف دورية روسية على الطريق الواصل بين مدينة جاسم ومدينة إنخل، حيث وضع مجهولون عبوات ناسفة، واحدة منها استهدفت الدورية في أثناء عبورها الطريق، وأخرى تم تفجيرها بعد وصول قوات من فصائل التسويات وقوات النظام لمكان الدورية، حيث تم استهدافها، وعثر أهالي مدينة جاسم على شقيق رئيس الوزراء السوري السابق الطبيب قصي نادر الحلقي مقتولاً في عيادته في وسط المدينة، بعد أن أصيب بطلقتين في الرأس مساء الـ16 من الشهر الحالي، وهو أحد أبرز الشخصيات المقربة من النظام السوري في المنطقة، وعضو لجنة المصالحة في المدينة، ومسؤول عن تشكيل اللجان الشعبية في مدينة جاسم، وفقاً لما ذكره ناشطون من المنطقة.
وجاء اغتيال الحلقي بعد أيام من حملة اعتقالات شهدتها المدينة، وقتل على أثرها عناصر من قوات النظام السوري.
كما شهدت مدينة جاسم حملة من الاعتقالات في اليوم التالي لاستهداف الدورية الروسية، نفذتها قوات النظام السوري بحق أشخاص مشتبه بهم في تنفيذ الاستهداف للدورية الروسية، حيث داهمت قوات من فرع أمن الدولة منازل المشتبه بهم، واعتقلت شخصين منهم، في حين أنه في أثناء محاولتها اعتقال شخص آخر، قام بتفجير نفسه بعناصر القوات بعد مداهمتها لمنزله، ما أدى إلى مقتل اثنين من قوات النظام السوري، وجرح آخرين.
وفي السياق ذاته، أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم «ثوار الصنمين» استهدافها لعدد من مراكز تجمع قوات النظام السوري في مدينة الصنمين، رداً على حملة الاعتقالات التي نفذتها قوات النظام السوري في مدينة جاسم. وخرج العشرات من أبناء مدينة جاسم في مظاهرة ليلية، مطالبين برفع القبضة الأمنية عن المدينة، كما خرج عدد من أبناء مخيم درعا، مساء الاثنين الـ14 من الشهر الحالي، ونادوا بالإفراج عن المعتقلين، وإزالة القبضة الأمنية، وعودة الخدمات إلى المناطق التي شملها اتفاق التسوية، ووقف الاعتقالات.
ودخل المتظاهرون مبنى مؤسسة المطاحن القريبة من فرع المخابرات الجوية، وانفضت المظاهرة بعد تدخل أحد ضباط النظام السوري الذي طالب المتظاهرين بالتفاوض، ومناقشة المطالب مع اللجنة المركزية للتفاوض في المدينة.
وقال الناشط مهند العبد الله، من درعا، إن مناطق جنوب سوريا الخاضعة لاتفاق التسوية تشهد تصاعد في حوادث الانفلات الأمني، حيث وثق ناشطون أكثر من 10 حوادث اغتيال وقعت في الأسبوع الماضي فقط، نفذها مجهولون ضد شخصيات مدنية مقربة من النظام السوري (رؤساء بلديات ووجهاء محليين)، أو بحق عناصر وقادة من فصائل التسويات، أو شخصيات مروجة لإيران و«حزب الله» في المنطقة، إضافة إلى استهداف عناصر من الفرقة الرابعة في ريف درعا الغربي بعبوة ناسفة أدت إلى وقوع إصابات بينهم، وتصاعد الاعتقالات التي تنفذها قوات النظام السوري في مناطق خاضعة لاتفاق التسوية، مما يثير حالة من القلق بين المدنيين، إذا ما استمر تصاعد حوادث الانفلات الأمني في المنطقة، وعودة التوتر إليها، بعد عودة عائلات كثيرة إلى مناطقها، والاستقرار النسبي الذي شهدته بعد انتهاء الأعمال العسكرية فيها، والخوف من انهيار اتفاق التسوية في المنطقة، بعد تجاوزات وخروقات متكررة، والخوف من تصاعد ظاهرة الاعتقالات.
وأوضحت مصادر مطلعة أنها ليست الحادثة الأولى التي تتعرض بها القوات الروسية في الجنوب السوري إلى الاستهداف، حيث تعرضت القوات الروسية قبل شهرين لاستهداف مماثل عبر عبوة ناسفة زرعت في طريقها بريف درعا الشرقي على الطريق المؤدية إلى مدينة بصرى الشام. ورغم إعلان تنظيم داعش، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، استهدافه للقوات الروسية في الجنوب السوري، فإن استهداف القوات الروسية في منطقة خاضعة لاتفاق التسوية له تداعيات كثيرة، خصوصاً بعد أن كثر الحديث عن صراع النفوذ الذي تشهده مناطق جنوب سوريا منذ دخولها اتفاق التسوية، بهدف كسب الأعداد الكبيرة من قادة وعناصر فصائل المعارضة التي بقيت في المنطقة، والانفراد بالجنوب لترتيب مصالحها مع الدول الإقليمية، أو بهدف تغير الوضع الأمني في مناطق التسويات، ليصبح نظاماً أمنياً مشدداً بتأييد روسي.