تألق هودسون أودوي يعقّد موقف بوليسيتش في تشيلسي

اكتفى اللاعب الأميركي الشاب كريستيان بوليسيتش بمشاهدة زملائه الجدد في نادي تشيلسي الإنجليزي وهم يتألقون ويحققون الفوز على نادي ليل الفرنسي بهدفين مقابل هدف وحيد في دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، بعدما فشل في حجز مكان له في التشكيلة الأساسية للفريق. وفي الحقيقة، تعد معاناة اللاعب الأميركي في بداية مسيرته مع تشيلسي واحدة من أكثر القصص المثيرة للاهتمام في بداية عهد المدير الفني الجديد فرانك لامبارد.
وقدم اللاعب الشاب، المنضم لتشيلسي قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني مقابل 58 مليون جنيه إسترليني، لمحات من فنياته وقدراته، مثل صناعته لهدف في المباراة التي انتهت بفوز تشيلسي على نوريتش سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز في أغسطس (آب) الماضي، وكذلك الأداء القوي الذي قدمه أمام ليفربول في كأس السوبر الأوروبية، لكن لاعب الوسط البالغ من العمر 21 عاماً تم «تجميده» خلال الأسابيع الأخيرة. وكان ظهوره الوحيد منذ بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي في المباراة التي فاز فيها تشيلسي على غريمسبي تاون، الذي يلعب في دوري الدرجة الثالثة، في إطار مباريات كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة. ولم يكن بوليسيتش حتى ضمن بدلاء تشيلسي أمام ليل أو آخر لقاء بالدوري، وهو الأمر الذي أثار قلق وسائل الإعلام الأميركية.
صحيح أن هذه هي الأيام الأولى للاعب الأميركي في إنجلترا، لكن هناك شعوراً بأن لامبارد غير مقتنع بقدرات بوليسيتش. وقد أبلغ المدير الفني لتشيلسي اللاعب بأنه يتعين عليه أن يقدم مستويات أفضل في التدريبات، كما انتقده بعد مباراة غريمسبي تاون. وما يزيد الأمور سوءاً بالنسبة لبوليسيتش هو أن لامبارد أمامه كثير من الخيارات الأخرى في خط الوسط الأمامي، كما أن تألق ماسون ماونت قد أزاح بوليسيتش إلى مرتبة أدنى في ترتيب الخيارات الهجومية المتاحة أمام لامبارد، الذي يعطي أهمية كبرى أيضاً لخبرات كل من بيدرو وويليان، الذي كانت مباراته أمام ليل هي المباراة رقم 300 له بقميص تشيلسي، وهي المباراة التي شهدت تألقاً من اللاعب البرازيلي وتسجيله هدفاً رائعاً.
كما أن عودة كالوم هودسون أودوي زادت الأمور تعقيداً بالنسبة لبوليسيتش. وعاد اللاعب الدولي الإنجليزي، الذي يصغر بوليستش بـ3 سنوات، بعد تعافيه من الإصابة، وشارك في مباراة الفريق أمام غريمسبي تاون، وسجل الهدف الأخير في المباراة التي انتهت بفوز تشيلسي بـ7 أهداف مقابل هدف وحيد، وأصبح خياراً أفضل من بوليسيتش، الذي يعد أفضل لاعب في الولايات المتحدة الأميركية.
وصنع هودسون أودوي الهدف الذي أحرزه ويليان في المباراة التي فاز فيها تشيلسي على برايتون، يوم السبت الماضي، وجلس بوليسيتش على مقاعد البدلاء ولم يشارك في المباراة، كما صنع هدفاً آخر للاعب البرازيلي عندما شارك بديلاً لريس جيمي أمام ليل الفرنسي.
وقد كان هذا بمثابة خطوة كبيرة بالنسبة للامبارد، فهذه هي المرة الأولى التي يدفع فيها المدير الفني الشاب بلاعب بديل يتمكن من تغيير نتيجة المباراة لصالح تشيلسي. لقد طبق لاعبو تشيلسي طريقة 3 - 4 - 2 - 1 بشكل جيد في البداية أمام ليل، وهو ما مكن الفريق من السيطرة على مقاليد الأمور في منتصف الملعب، لكن الفريق فقد تحكمه في المباراة، بعدما أدت الأخطاء الدفاعية إلى استقبال هدف آخر من لعبة ثابتة. وكان رد فعل لامبارد إيجابياً للغاية؛ حيث غير طريقة اللعب واعتمد على 4 لاعبين في الخط الخلفي، ودفع بهودسون أودوي، الذي ترك بصمة واضحة على أداء الفريق عن طريق ركضه المتواصل باتجاه مدافعي الفريق المنافس ناحية اليسار.
وبينما اكتفى بوليسيتش بالجلوس على مقاعد البدلاء تارة، والخروج من قائمة الفريق تماماً تارة أخرى، كان خريجو أكاديمية الناشئين بتشيلسي هم نجوم الفريق، وهو الأمر الذي أدى إلى اتهام بعض المشجعين الأميركيين للامبارد بأنه يحابي اللاعبين الإنجليز على حساب اللاعب الأميركي. لكنه من المؤكد أن مصطلحات المحسوبية والمحاباة ليست في قاموس لامبارد على الإطلاق، فهو يدفع باللاعبين الذين يقدمون مستويات جيدة ويستبعد المقصرين مهما كانت شعبيتهم.
وكانت مشاركة هودسون أودوي أمام غريمسبي تاون هي أول مباراة لهذا اللاعب الشاب منذ عودته من الإصابة وأول مباراة له منذ توقيعه على عقد جديد مع تشيلسي لمدة 5 سنوات. إنه اللاعب الذي كان جمهور تشيلسي يطالب بإشراكه في المباريات، خاصة أنه موهبة صاعدة بقوة، وكان يعاني من الإحباط بسبب عدم مشاركته كثيراً خلال الموسم الماضي، ولذلك كان يفكر في الرحيل عن «ستامفورد بريدج» وكان على وشك الانتقال إلى بايرن ميونيخ الألماني. وكان الهدف الذي أحرزه هودسون أودوي هو أفضل لحظة من لحظات الفريق في تلك الليلة.
لكن لامبارد يرى الأمر بشكل مختلف، فقد انتقد هودسون أودوي بسبب عدم تنفيذه التعليمات الموجهة إليه بالركض خلف دفاعات غريمسبي تاون في شوط المباراة الأول، قائلاً إنه اضطر إلى التأكيد على هذه التعليمات بين شوطي المباراة في غرفة خلع الملابس. وأشار لامبارد إلى أن بعض اللاعبين الشباب بحاجة إلى التأكيد عليهم أكثر من مرة للالتزام بالنواحي الخططية.
ويبدو أن هودسون أودوي قد تعلم الدرس جيدا، وبدأ يستمع لنصائح وتعليمات مديره الفني، وهو الأمر الذي بدأ يؤتي ثماره في المراوغة الممتازة والتمريرة الرائعة التي أرسلها لويليان، الذي تمكن من إحراز هدف الفوز في الدقيقة 77 من عمر اللقاء أمام ليل. وفي الحقيقة، هذه الشجاعة وهذا العمل الجاد هو ما يحتاجه لامبارد ويتوقعه من لاعبيه الشباب.
لقد تحدث لامبارد عن المنافسة الشرسة بين مهاجمي الفريق على حجز مكان في التشكيلة الأساسية للفريق، مؤكداً على أن اللاعبين يجب أن يبذلوا قصارى جهدهم، وألا يشعروا بالرضا عن أنفسهم مطلقاً. ويعرف لامبارد جيداً أن هناك ضغوطاً كبيرة من جانب مجلس إدارة النادي، من أجل المنافسة على البطولات والألقاب، حتى لو كان تشيلسي يبني فريقاً للمستقبل. إن لامبارد يريد من لاعبيه أن يتحلوا بروح قتالية، وأن يبذلوا قصارى جهدهم، وهو ما قام به هودسون أودوي أمام ليل، والأمر متروك الآن لبوليسيتش لكي يقوم بالشيء نفسه.