الرئاسات العراقية تؤكد على محاسبة المتورطين في استهداف المتظاهرين

عُقد في قصر السلام ببغداد، أمس، اجتماع ثلاثي ضمّ رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي البرلمان محمد الحلبوسي، إلى جانب رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان.
ويأتي الاجتماع في سياق التداعيات التي خلفتها المظاهرات الشعبية التي انطلقت مطلع الشهر الجاري، وما نجم عنها من سقوط نحو 6 آلاف جريح وأكثر من 167 قتيلاً بعد استخدام القوات الأمنية القوة المفرطة ضد المتظاهرين.
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئاسة الجمهورية، فإن الاجتماع تدارس الوضع السياسي والأمني، في ضوء «التطورات الخطيرة الحاصلة بعد مظاهرات أكتوبر الحالي وما رافقتها من حوادث مؤلمة وجرائم أدت إلى استشهاد وجرح مواطنين من المدنيين والعسكريين».
وخلص الاجتماع في جانبٍ أساسي منه، بحسب البيان، إلى وجوب «التحقيق الدقيق والأمين والعاجل على الحقائق بقضايا العنف والاستخدام المفرط للقوة والاعتداء على القنوات الإعلامية».
وردا على بعض الآراء المشككة بقدرة اللجنة الحكومية المكلفة بالتحقيق على الخروج بنتائج صحيحة حول الجهات الضالعة بالعنف واستهداف المتظاهرين، أكد المجتمعون على أن «يكون عمل لجنة التحقيق مهنياً ومستقلاً، ومنع أي محاولة للتأثير على سير التحقيقات أو حجب المعلومات التي تحتاج إليها اللجنة من أجل انسيابية عملها بكل حياد واطمئنان واحترام للحقيقة، وبما يمنع تكرار مثل هذه الحوادث والجرائم».
كما قررت الرئاسات الثلاث «إطلاق سراح جميع المعتقلين من المتظاهرين السلميين فوراً ومن سواهم ممن اعتقلوا بدواعي وظروف المظاهرات».
وبشأن الاعتداءات وعمليات الإغلاق التي تعرضت لها بعض المكاتب والقنوات التلفزيونية التي غطت المظاهرات، دعت الرئاسات الثلاث «الجميع إلى احترام حرية العمل الإعلامي وأمن وسلامة العاملين في مجال الإعلام، واحترام حق العراقيين بالحصول على المعلومات المتاحة للصحافيين ونشرها وبثها بحيادٍ ومسؤولية مهنية بلا خشية وبكل اطمئنان وبلا أي رقابة سوى رقابة الضمير وتقاليد المهنة».
وكانت مجاميع مسلحة قامت أثناء التغطيات التلفزيونية للمظاهرات بالهجوم على قنوات (الرشيد، دجلة، مكتب العربية الحدث، إن آر تي) وإغلاقها وتكسير بعض معداتها، كما أطلقت صاروخا على قناة «الفرات» التابعة لتيار الحكمة.
وأقر اجتماع الرئاسات «تشكيل لجنة من الخبراء العراقيين، ومن المشهود لهم بالاستقلال التام والنزاهة والحرص والضمير اليقظ لوضع برنامج وطني استراتيجي لتشخيص مشكلات نظام الدولة في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والتشريعية والثقافية واقتراح الحلول الممكنة».
ووجه المجتمعون، دعوة عاجلة إلى الكتل والقوى السياسية في مجلس النواب ولجان المجلس لمواصلة عقد اجتماعاتهم في هذه الظروف، والعمل بكل الطاقات والإمكانات لصالح العمل الرقابي وإنجاز التشريعات والتعديلات القانونية اللازمة لتسهيل عمل الإصلاح ومكافحة الفساد، وبالأخص منها «التشريعات اللازمة لتأمين نظام قانوني عادل ومتماسك للعمل والتوظيف والتقاعد والإسكان والرعاية الاجتماعية والصحية والتأكيد على السلطة التنفيذية للإسراع بإرسال مشاريع القوانين المذكورة، من أجل اطمئنان أي عراقي على حياته ومستقبله ومستقبل أبنائه».
كما قررت الرئاسات خلال الاجتماع «إحالة جميع ملفات قضايا الفساد، وبالأخص الكبرى منها، للمحكمة ذات الاختصاص، على أن تنجز المحكمة كل القضايا في سقف زمني غير قابل للتأخير تحت أي ذرائع، وتناط بالبرلمان مسؤولية التشريع بتجريم كل متستر، بتعمّد، على أي قضية فساد كبرى تمسّ أمن الدولة المالي والاقتصادي والخدمي وتهدر أموالها».
كذلك شددت على «متابعة تنفيذ قرارات مجلس النواب والوزراء المتعلقة بتلبية مطالب وحقوق المتظاهرين ووضع جدول زمني للتنفيذ بشكل سريع».
وبرغم الإجراءات والقرارات المتلاحقة التي تصدرها السلطات العراقية لامتصاص النقمة الجماهيرية، فإن عددا كبيرا من الناشطين يحثون الناس ويقوم هذه الأيام بالترويج والتحشيد لمظاهرات يقولون إنها أكبر من السابقة وتمتد لأغلب المحافظات العراقية في يوم 25 من الشهر الحالي.