العلاقات السعودية - الروسية تاريخ من الأسس والمبادئ الثابتة

شهدت العلاقات السعودية الروسية منذ عام 1926م تطوراً ملحوظاً جعلها تسير في تناسب طردي عبّر عنه حجم الزيارات المتبادلة بين قيادات وكبار المسؤولين في البلدين التي كانت ذات أثر إيجابي في دفع العلاقات إلى المزيد من التعاون المشترك في المجالات: السياسية، والاقتصادية، والعلمية، والثقافية، وغيرها.
وأعطت الزيارات المتبادلة دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن تجدّد عهدها في 17 سبتمبر (أيلول) 1990م عبر صدور بيان مشترك أعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما على أسس ومبادئ ثابتة.
يأتي ذلك فيما يتواصل التفاهم المشترك بين السعودية وروسيا، ويتطور إلى مراحل متقدمة دعمتها الشراكة الدولية التي جمعتهما في مجموعة العشرين التي تضم 20 دولة من أقوى اقتصادات العالم ؛ إذ حرص البلدان على استثمارها في إجراء المزيد من التشاور نحو الارتقاء بالعلاقات المتبادلة، مثلما جرى في قمة مجموعة العشرين في مدينة أنطاليا التركية عام 2015م، حيث التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واستعرضا مجالات التعاون بين البلدين وما يتعلق بتطورات الأحداث في المنطقة.
وحاز ملف الإرهاب والتطرف على اهتمام قيادتي البلدين، واتفقا سوياً على الوقوف ضد الإرهاب وتجفيف منابعه بسبب خطورته على الأمن العالمي واقتصاده، في الوقت الذي كانت فيه المملكة أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي في شهر مايو (أيار) 2000. وكانت سبّاقة في حض المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره.
وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في العديد من المحافل الإقليمية والدولية أهمية التصدي لآفة الإرهاب، ومن ذلك دعوته في أحد خطاباته الدوليّة إلى ضرورة مُضاعفة المُجتمعِ الدولي لجهودهِ لاجتثاثِ هذه الآفة الخطيرة ولتخليصِ العالم مِن شُرورها التي تُهدِدُ السِلمَ والأمنَ العالميينِ وتُعيقُ الجهود في تعزيزِ النموِ الاقتصادي العالمي واستدامته.
وتؤمن روسيا بأهمية الدور السعودي في تحقيق الأمن في المنطقة، حسبما قالت رئيسة مجلس الاتحاد للجمعية الفيدرالية الروسية فلينتينا ماتفييكو، التي استقبلها الملك سلمان بن عبد العزيز بالرياض في 16 أبريل (نيسان) 2017؛ إذ ثمّنت ماتفييكو في سياق حديث صحافي دور السعودية في تعزيز الأمن والسلم الدولي، والجهود الحثيثة التي تبذلها لمكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيماته.
وفي كل الأحداث تتبادل المملكة وروسيا الموقف الموحد في التصدي للإرهاب بمختلف صوره، كما بادر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في برقية بعث بها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2016. حيث أدان فيها الاعتداء الإرهابي الذي أودى بحياة السفير الروسي في أنقرة، وجدّد موقف السعودية الثابت في رفض الإرهاب بأشكاله وصوره كافة، وأهمية العمل على مواجهته والتصدي له.
وفي موقف آخر، أعرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في برقية عزاء بعث بها في 3 أبريل 2017. إلى الرئيس الروسي عن استنكاره لحادث التفجير الإجرامي الذي وقع في مترو سان بطرسبورغ في شهر أبريل من نفس العام، كما عبّر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية عن إدانة السعودية واستنكارها الشديدين لحادث الطعن الإرهابي الذي وقع في مدينة سورجوت الروسية.
واستمراراً للتشاور بين البلدين، تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في 13 يونيو (حزيران) 2017، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جرى خلاله تناول العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وفرص تطويرها في جميع المجالات، وبحث الأوضاع في المنطقة والتعاون المشترك لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب سعياً لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
واستطاع البلدان بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقريب وجهات النظر تجاه العديد من قضايا المنطقة من خلال تفهم ظروف كل قضية، وموقف كل بلد تجاهها.
وفي 29 سبتمبر 2016، أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي لبلدان الشرق الأوسط ودول أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، متانة العلاقة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال في تصريح له إن البلدين يعملان طيلة هذه السنوات على تطوير العلاقة الودية التقليدية بين الشعبين الصديقين وبناء علاقات على أساس الاحترام المتبادل واحترام السيادة واستقلالية القرارات في الرياض وموسكو، مؤكداً أن هنالك آفاقاً واعدة لتوسيع التعاون الثنائي متبادل المنفعة في المجالات السياسية والتجارية والاستثمارية وفي مجال الاتصالات الإنسانية والدينية.
وتأكيداً على الحرص المتبادل بين البلدين على التنسيق المستمر حول الموضوعات التي تهمهما والأوضاع في المنطقة، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في 10 سبتمبر (أيلول) 2017، بمكتبه بقصر السلام في جدة، وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، الذي نقل للملك سلمان تحيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معرباً عن ارتياحه للتعاون القائم بين السعودية وروسيا والتحرك المشترك.
وفي 4 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، زيارة رسمية لروسيا استجابة للدعوة المقدمة من الرئيس فلاديمير بوتين.
وعبر خادم الحرمين الشريفين عن سعادته بزيارة روسيا، وعن تطلعه لأن تحقق هذه الزيارة ما يطمح له البلدان من تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير التعاون المشترك لما فيه خير وصالح البلدين والشعبين الصديقين وخدمة الأمن والسلم الدوليين.
واستقبل الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية في قصر الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، حيث أقيمت لخادم الحرمين الشريفين مراسم استقبال رسمية.
وعقد خادم الحرمين الشريفين والرئيس الروسي لقاءً ثنائياً بحثا خلاله العلاقات الثنائية، وسبل تعزيزها وتطويرها في المجالات كافة، بالإضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية.
وشهدت الزيارة تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، وذلك خلال تشريفه حفل جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية بهذه المناسبة.
وشهدت الزيارة انطلاق أعمال منتدى الاستثمار السعودي الروسي الأول تحت عنوان «الاستثمار نحو بناء شراكة قوية» الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية والمجلس السعودي الروسي المشترك.
وبناء على ما توصلت إليه حكومتا السعودية وروسيا، من اتفاق على توريد عدد من أنظمة التسليح، أعلنت الشركة السعودية للصناعات العسكرية عن توقيع مذكرة تفاهم وعقد الشروط العامة مع شركة «روزوبورن إكسبورت» وهي شركة تصدير الأسلحة والمنتجات العسكرية التابعة لروسيا الاتحادية، وبتوجيه من ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وقع الجانبان على هذه الاتفاقيات التي من المتوقع أن تقوم بدور محوري في نمو وتطوير قطاع صناعة الأنظمة العسكرية والأسلحة في المملكة.
وتعنى مذكرة التفاهم بشكل رئيسي بتوطين صناعة واستدامة أسلحة نوعية ومتقدمة جداً في المملكة بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030، وتشمل هذه المذكرة نقل تقنية صناعة أنظمة (Kornet - EM) وهو نظام صاروخي متطور مضاد للدبابات بالإضافة إلى نقل تقنية صناعة منظومة راجمة الصواريخ (TOS - 1A) وراجمة القنابل (AGS - 30).
كما اشتملت مذكرة التفاهم على أن يتعاون الطرفان لوضع خطة لتوطين صناعة واستدامة أجزاء من نظام الدفاع الجوي المتقدم (S - 400)، بينما يعنى عقد الشروط العامة بتوطين صناعة سلاح (الكلاشنيكوفAK - 103) وذخائره في السعودية مما سيسهم في رفع المحتوى المحلي وتعزيز الاكتفاء الذاتي بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
بالإضافة إلى ذلك، فقد اشتملت هذه الاتفاقيات على برامج لتعليم وتدريب الكوادر الوطنية في مجال الصناعات العسكرية بما يضمن استدامة وتطور هذا القطاع في السعودية.
وعلى هامش الزيارة أيضاً وقع رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين بن حسن الناصر، خمس مذكرات تفاهم مع كبرى شركات الطاقة الروسية، وذلك خلال أعمال منتدى الاستثمار السعودي الروسي الأول الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، والصندوق الروسي للاستثمار المباشر في العاصمة الروسية موسكو.
وشملت هذه الاتفاقيات مذكرة تفاهم ثلاثية الأطراف مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، والصندوق الروسي للاستثمار المباشر للاستثمار في قطاعي خدمات الطاقة والتصنيع.
ووقعت «أرامكو» مذكرة تفاهم مع شركة ليتاسكو التي تتخذ من سويسرا مقراً رئيساً لها، وتعد الذراع التسويقية والتجارية الدولية لشركة لوك أويل إحدى أكبر شركات النفط الروسية والنافذة التي تصل من خلالها «أرامكو السعودية» والمملكة إلى مصافي البحر الأبيض المتوسط الذي يشهد توسعاً كبيراً للشركات الروسية هناك، علماً بأن قرب البحر الأبيض المتوسط من البحر الأحمر يمثل نقطة إمداد مهمة استراتيجياً للمملكة.
وأبرمت مذكرة تفاهم مع شركة غازبروم نفط في التعاون في مجال التقنيات والبحوث والتطوير وهي (الشركة التابعة لشركة غازبروم الروسية، ورابع أكبر شركة روسية في إنتاج النفط)، وتهدف المذكرة إلى التعاون في مجال التقنيات والبحوث والتطوير والتدريب.
ووقعت كذلك «أرامكو» مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، وشركة سيبور الروسية (التسويق الاستراتيجي للبتروكيماويات) تمكن جميع الأطراف من الاشتراك في تقييم الفرص المحتملة للتعاون في قطاع البتروكيماويات، بما في ذلك تسويق المنتجات البتروكيماوية في كل من روسيا والمملكة العربية السعودية.
ووقعت أثناء الزيارة مذكرة تفاهم للتعاون العلمي الجيولوجي بين كل من هيئة المساحة الجيولوجية السعودية والمؤسسة الجيولوجية الروسية القابضة بهدف تطوير التعاون بين البلدين في المجال العلمي الجيولوجي على أساس المساواة وتبادل المنافع، وإيجاد إطار لتبادل المعرفة العلمية والفنية وزيادة المقدرات الفنية الجيولوجية.
وتشمل المذكرة التنقيب الجيولوجي وتقويم الموارد، والتنقيب الجيوفيزيائي عن المعادن والمياه الجوفية، وتطبيق نمذجة للمياه الجوفية، والجيولوجيا البحرية، ودراسات جيولوجية وتعدينية وبيئية، وتطبيقات نظائرية لعلوم الأرض، ونظم المعلومات الجغرافية.
وأقيمت في العاصمة الروسية موسكو ندوة بعنوان «آفاق التعاون الثقافي والإنساني بين المملكة وروسيا» ضمن برنامج فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي في روسيا.
ودارت رحى الندوة حول العلاقات بين المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية والزيارات الأخيرة التي تمت بين القيادتين في البلدين خلال العامين الماضيين ومنها زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لروسيا، ولقاؤه الرئيس الروسي.
وتطرقت الندوة أيضاً إلى الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تمت بين البلدين حيث ستفتح آفاقاً جديدة في العلاقات بين البلدين.
كذلك تم التحاور حول الثقافة الروسية ومعهد الترجمة ومشروع المكتبة الروسية ووصول الإسلام لروسيا في القرن السابع الميلادي ومتحف موسكو التاريخي الذي يضم معروضات وتحفاً وتقنيات تبرز مكانة موسكو التاريخية.
وعند زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمملكة في شهر فبراير (شباط) عام 2007م، التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، «عندما كان أميراً للرياض» عشية جولته في مركز الملك عبد العزيز التاريخي بالرياض، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وعدد من الأمراء.
وخرجت زيارة الرئيس الروسي للمملكة بتوطيد أكثر للعلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن أثمر عنها توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادية، وثقافية، وإعلامية، وفي مجال خدمات النقل الجوي.
وأكدت الأحداث الدولية حرص المملكة وروسيا على تعزيز العلاقات القائمة بينهما على مبدأ احترام القوانين الدولية، والسيادة، علاوة على تطابق وجهات النظر الثنائية تجاه العديد من الملفات المعقدة على المستويين الإقليمي والدولي، ومنها ملف الاقتصاد الدولي، بوصفهما قطبي الاقتصاد النفطي اللذين أسهما بشراكتهما الاستراتيجية في استقرار أسعار النفط، وإيجاد توجه إيجابي في سوق النفط.
واهتم البلدان في العديد من المناسبات الثنائية والدولية بتبادل الآراء حول أزمات سوق النفط العالمي، مثلما جرى على هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في الصين 2016م التي شاركت فيها المملكة بوفد رأسه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إذ أكدت المملكة وروسيا في اجتماع ثنائي على هامش القمة أهمية التعاون المشترك أو بالتعاون مع منتجين آخرين لبحث أوضاع السوق النفطية من خلال تشكيل فريق عمل مشترك لمراقبة ومراجعة أساسيات سوق النفط، وتقديم توصيات بالتدابير والإجراءات المشتركة التي تؤمِن استقرار أسعاره وتجعلها قابلة للاستشراف، وأثمر هذا التفاهم في تطور التعاون بين منظمة «أوبك» وروسيا بشكل متسارع.
وزاد التقارب السعودي الروسي خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تحقيقاً لمصلحة البلدين المشتركة وأمن المنطقة، فبناءً على توجيهه واستجابة لدعوة الحكومة الروسية زار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع روسيا في 18 يونيو 2015.
والتقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في مقر إقامته بسان بطرسبورغ بعدد من المسؤولين الروس، منهم: رئيس مجلس الأعمال الروسي السعودي فلاديمير يفتو شكوف، والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديميتروف، ورئيس شورى المفتين لروسيا، ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية الشيخ راوي عين الدين، وبحث معهم آفاق التعاون بين المملكة وروسيا في مختلف المجالات.
وخلال هذه الزيارة جرى توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين المملكة وروسيا تختص بالمجالات العسكرية المختلفة، وإعداد برنامج تنفيذي لتنفيذ اتفاقية التعاون البترولي، والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الإسكان، ومذكرة النوايا المشتركة في مجال الفضاء.
وفي إطار التواصل بين البلدين، التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس وفد المملكة في قمة دول مجموعة العشرين التي عقدت في مدينة هانغتشو الصينية عام 2016 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي 30 مايو 2017، زار الأمير محمد بن سلمان، روسيا استجابة للدعوة المقدمة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لبحث العلاقات الثنائية، وتعزيز أوجه التعاون بين البلدين الصديقين، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وبالقدر والأهمية التي توليها المملكة لتطوير العلاقات الثنائية مع روسيا في جميع المجالات، لا تُغفل اهتمامها بأكثر من 20 مليون مسلم روسي، إذ تحرص دائماً على رعايتهم أثناء قدومهم لأداء فريضتي الحج والعمرة، علماً بأن عدد الحجاج الروس يبلغ سنوياً ما بين 16 - 20 ألف حاج، إضافة إلى آلاف المعتمرين على مدار العام.
وفي 28 أغسطس (آب) 2017 أعرب النائب الأول لرئيس مجلس الشيوخ للجمعية الفيدرالية لروسيا الاتحادية مستشار الرئيس الروسي إلياس أوماخانوف عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وللأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع على الاهتمام الذي يحظى به حجاج روسيا الاتحادية منذ وصولهم وحتى مغادرتهم بعد أداء نسكهم.
وأشار إلى أن الخدمات والجهود الجبارة والمتطورة التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين للحجاج أسهمت بشكل كبير في أداء الحج بكل يسر وسهولة من خلال منظومة عمل متكاملة بين جميع الجهات المعنية للوصول إلى النجاح المتميز الذي تسعى المملكة إلى تحقيقه كل عام، وبالتطور العمراني والتنظيم في المشاعر المقدسة والحرمين الشريفين والتعاون من الجميع لخدمة الحجاج وتقديم كل ما يحتاجونه بإخلاص وتفان.
يذكر أن متانة العلاقات السياسية بين المملكة وروسيا تجسدت منذ قديم الأزل، وعبرت عن هذه المتانة الزيارات والاتصالات المستمرة بين قيادتي البلدين على مر السنين من أجل دعم العلاقات الثنائية في جميع المجالات، وقد رصد التاريخ أول زيارة سعودية رسمية إلى روسيا عام 1932م للملك فيصل بن عبد العزيز، الذي زارها بتوجيه من الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، حينما كان نائباً له في الحجاز.
كما زارها الملك عبد الله بن عبد العزيز، في شهر سبتمبر عام 2003م عندما كان ولياً للعهد، وأسفرت زيارته عن التوقيع على اتفاقية تعاون في قطاع النفط والغاز، ومذكرة تفاهم للتعاون العلمي والتقني وعدد من الاتفاقيات الأخرى.
وزار روسيا كذلك الأمير سلطان بن عبد العزيز، بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، وأثمرت الزيارة عن زيادة التعاون الثنائي في مجال الطاقة، وزيادة التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والتقنية والنقل، في حين أسفرت زيارات الأمير سعود الفيصل، إلى روسيا عن الكثير من النتائج الإيجابية في تعزيز التنسيق بين البلدين تجاه العديد من القضايا، بالإضافة إلى دعم العلاقات الثنائية.
وخاضت المملكة تجربة تعاون جديدة مع روسيا بخلاف التعاون السياسي والاقتصادي، حيث وجهت بوصلة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي إلى أعرق الجامعات الروسية المعروفة في العالم يدرسون بتخصصات علمية وطبية دقيقة بإشراف سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى روسيا ممثلة في الملحقية الثقافية من أجل متابعة مسيرتهم الدراسية، وتلمس احتياجاتهم حتى يعودوا إلى أرض الوطن متسلحين بالعلم والمعرفة.