السكان الأصليون في الإكوادور يتجاوبون مع دعوة الحكومة إلى الحوار

بعد يوم عاصف من المظاهرات الحاشدة والمواجهات العنيفة بين قوات الأمن والمحتجين، انتهى بقرار من رئيس جمهورية الإكوادور لينين مورينو بعسكرة العاصمة كيتو، ونشر قوات الجيش فيها، أعلن «اتحاد القوميات الأصلية» الذي يقود التعبئة الشعبية ضد الحكومة منذ عشرة أيام، موافقته على بدء الحوار الذي دعا إليه مورينو، برعاية الأمم المتحدة والكنيسة الكاثوليكية، من أجل نزع الفتيل الذي ينذر بصدام أهلي واسع.
وحذر زعيم اتحاد القوميات الأصلية من أن «المتظاهرين لن ينسحبوا من الشوارع قبل التوصل إلى اتفاق، وأن الهدف الأول من التجاوب مع الدعوة إلى الحوار هو منع وقوع حمام دم، وإعادة توجيه السياسة الاقتصادية للحكومة».
وتأتي هذه الجولة الأولى من الحوار في أعقاب مواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الشرطة، وأعمال عنف في معظم أنحاء العاصمة التي أفاقت، أمس (الأحد)، على مشاهد واسعة من الحرائق والفوضى وأعمدة الدخان الكثيف في معظم أحيائها. وكان مورينو قد لجأ إلى إعلان حالة الطوارئ ونشر القوات المسلحة في كيتو، موجهاً أصابع الاتهام إلى «قوى الظلام المرتبطة بالإجرام السياسي المنظم الذي يقوده كوريا، الرئيس السابق، ومادورو، بالتواطؤ مع عصابات الاتجار بالمخدرات ومجموعات عنيفة من المواطنين الأجانب». وأضاف مورينو: «أقدم المتظاهرون اليوم على إضرام النيران في مبنى ديوان المحاسبة، لتدمير الأدلة التي تدين الحكومة السابقة بالفساد».
وأوضح مصدر رسمي أن منع التجول في العاصمة سوف يبقى سارياً حتى إشعار آخر، وأن الحكومة ستعيد النظر في حزمة التدابير الاقتصادية التي تسببت في اندلاع الاحتجاجات، لكنها لن تتراجع عن قرارها بإلغاء الدعم على أسعار المحروقات، بل ستدرس إجراءات إضافية لتعويض المتضررين من هذا القرار.
وأفادت مصادر السكان الأصليين من جهتها بأنه بعد جولة واسعة من المشاورات مع المجموعات والمنظمات والقوميات الأصلية، قررت التجاوب مع دعوة مورينو للحوار بهدف إلغاء حزمة التدابير الاقتصادية أو تعديلها. وكان وزير الاقتصاد من ناحيته قد أعلن أن الحكومة على استعداد لإعادة النظر في التدابير التي اتخذتها تجاوباً مع شروط «صندوق النقد الدولي» الذي وافق مؤخراً على منح الإكوادور قرضاً بقيمة 4.2 مليار دولار.
ولدى إعلانه حالة الطوارئ، ومنع التجول في العاصمة، قال مورينو: «إنهم تجار المخدرات وملوك الإجرام في أميركا اللاتينية الذين يقفون وراء هذه الأعمال التخريبية. لقد وجهت أوامري إلى القيادة المشتركة للقوات المسلحة كي تتخذ الإجراءات اللازمة لإعادة الهدوء والنظام إلى البلاد».
وكان اتحاد القوميات الأصلية قد أعلن التزامه الطابع السلمي في كل تحركاته، وشدد، في بيان، على استنكاره أعمال العنف محذراً أنصار الرئيس السابق من استغلال الظروف الراهنة لتصفية حسابات سياسية مع الرئيس الحالي.
ومن بلجيكا، حيث يوجد حالياً بعد مغادرته الإكوادور عقب صدور مذكرات جلب بحقه لمحاكمته بتهم الفساد، نفى الرئيس السابق رافايل كوريا علاقته بالاحتجاجات الجارية، لكنه دعا إلى مواصلتها، وطالَب بإجراءات مسبقة يرجح مراقبون أنه ينوي العودة من خلالها إلى الصف الأمامي من المشهد السياسي، بعد دعمه مورينو في الانتخابات الأخيرة وانقلاب هذا الأخير عليه.
وتجدر الإشارة أن العلاقات بين السكان الأصليين وكوريا تخللتها مراحل من التوتر الشديد خلال ولايته، انتهت بوقوع قتلى واعتقال قياديين في صفوفهم. ويتزامن بروز دور السكان الأصليين في الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها الإكوادور وبلدان منطقة الأنديز منذ فترة، مع السينودوس المخصص للقوميات الأصلية في الأمازون الذي يُعقد في روما بدعوة من بابا الفاتيكان فرنسيس الذي دعا في افتتاحه إلى «الاعتذار من السكان الأصليين لما لحق بهم من ظلم وتنكيل، وعدم تكرار هذه الأخطاء في المستقبل».