ماركوس راشفورد الضحية الكبرى لسقوط مانشستر يونايتد

ترى هل الأداء السيئ الذي قدمه مانشستر يونايتد في مباراته الأخيرة أمام نيوكاسل كان هو الأسوأ في تاريخه؟ ربما هناك أسوأ منه، مثل تلك المباراة في موسم 1989 – 1990 -وهو آخر موسم يقدم خلاله الفريق بداية بمثل المستوى الحالي من رداءة الأداء- وذلك عندما سقط مانشستر يونايتد في المباراة الخامسة له بالموسم أمام مانشستر سيتي بنتيجة 5 – 1، وربما ليس بذات مستوى الرداءة الذي قدمه مانشستر يونايتد عندما أنهار أمام كريستال بالاس في ديسمبر (كانون الأول) 1972 وتعرض لهزيمة مذلة بنتيجة 5 – 0، وكانت تلك نهاية فرانك أوفاريل كمدرب للفريق. ومع هذا، يبقى أداء مانشستر يونايتد خلال مباراته الأخيرة رديئاً هو الآخر.
بعد المباراة، بدت الحالة المزاجية لأولي غونار سولسكاير عاقلة وحزينة، لكنها في الوقت ذاته لم تخل من حالة تشبه التخدير كما لو أنه يشعر بصدمة. لم يكن هناك غضب واضح، ولا انفعالات قوية، وإنما مجرد رجل يصارع للتشبث على نحو يائس بعدد من العبارات النمطية المرتبطة بمهنته: الإيمان بالتكتيكات، والحاجة لبذل مجهود أكبر، وربما إدخال تغيير طفيف قبل المباراة أمام ليفربول بعد العطلة الدولية. إلا أن الوضع الراهن للفريق يتطلب أكثر عن مجرد تغيير طفيف، إنه بحاجة إلى ثورة، وليس على صعيد التكتيكات فحسب، وإنما كذلك الروح المعنوية والإيمان بالذات - وربما الأفراد.
اليوم، يبدو مانشستر يونايتد وكأنه يسير نائماً باتجاه مصير سيئ بدرجة يتعذر تخيلها. ويبدو الفريق مفتقراً إلى الكفاءة على نحو استثنائي. وبالنظر إلى جميع المزايا التي توفرها الثروة المالية للأندية الكبرى في العصر الحديث، وبالنظر إلى الحصانة التي تنعم بها هذه الأندية من العواقب الوخيمة، وبالنظر كذلك إلى أن مانشستر يونايتد يعتبر النادي الأكثر نجاحاً في تاريخ بطولة الدوري الممتاز والأكثر ثراءً على مستوى البلاد، يبدو من الصادم أن نجد الفريق في هذه المرحلة من الموسم وبعد مرور ما يزيد على نصف الموسم، يوجد على فارق نقطتين فقط من منطقة الهبوط، في وقت يقدم مستويات مريعة من الأداء تخلو من الجودة والحماس والتخطيط.
الواضح أن سولسكاير لا يمثل المشكلة الكبرى داخل مانشستر يونايتد. والواضح كذلك أن أي مدرب سيتولى مهمة تدريب الفريق سيجابه صعوبات هائلة. ومن الجلي للجميع أن النادي يعاني حالة ترد ممنهجة. ورغم هذا كله، يبدو سولسكاير نفسه واحدة من المشكلات التي يعانيها النادي. يذكر أنه خلال الأسبوع الذي أعقب فوز مانشستر يونايتد بمباراة خارج أرضه أمام باريس سان جيرمان في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا، تحدث لويس فان غال بأسلوبه الحاد المعهود عن سولسكاير باعتباره «مورينيو جديدا» يعتمد على الهجمات المرتدة. وقد أثبت الزمن صحة رأيه، ذلك أنه على ما يبدو فإن سولسكاير ليس شخصا قادرا على بناء هجمات على النحو الذي تتطلبه كرة القدم الحديثة.
والآن، ومع انحسار موجة الحماس الأولى التي أعقبت رحيل جوزيه مورينيو، ومع معرفة الخصوم أنه ليس بإمكانهم التمتع بمساحات خلفهم، ومع سقوط الكثير من اللاعبين بإصابات في العضلات على نحو أثار الشكوك حول مدى مواءمة أسلوب تدريب مانشستر يونايتد، أصبحت نقاط القصور في أداء سولسكاير ظاهرة للعيان على نحو كبير. وعلى مدار المباريات الـ17 التي خاضها ببطولة الدوري منذ مباراة باريس سان جيرمان، خرج مانشستر يونايتد بـ17 نقطة فقط. جدير بالذكر أن الفريق حصد خلال آخر 17 مباراة لمورينيو قبل طرده، 26 نقطة.
على ملعب نيوكاسل، نجح مانشستر يونايتد في تصويب ثلاث كرات على المرمى، ما يزيد بمعدل ثلاث عما حققه أمام إيه زد ألكمار في الدوري الأوروبي. ورغم أن مانشستر يونايتد كان يقف في مواجهة فريق نيوكاسل يونايتد بعد أن أعيد بث النشاط في صفوفه من خلال قبول ستيف بروس لحدود قدرات لاعبيه وتعديله لخطط اللعب بما يتوافق مع هذه الحدود في إطار أسلوب لعب 3 - 4 - 3 و5 - 4 - 1 الذي خدم مدرب نيوكاسل السابق رافا بينيتيز على نحو جيد للغاية، تبقى الحقيقة أن ذلك كان نيوكاسل ـ نيوكاسل الذي فاز في مباراة واحدة فقط هذا الموسم ـ نيوكاسل الذي تعتمل حالة من الغضب والثورة في صفوف جماهيره ـ نيوكاسل الذي خسر مباراته السابقة بنتيجة 5 - 0 ـ نيوكاسل الذي أخفق مدربه في الفوز في 21 مباراة أمام مانشستر يونايتد.
لقد كان فريق نيوكاسل مهيأ للالتهام. والملاحظ أن الحديث الدائر حول بروس يحمل في طياته بالفعل نبرة الإشارة إلى نهاية حقبة. ولو أن مانشستر يونايتد سجل هدفاً مبكراً في نيوكاسل يونايتد، ربما كان سيسرع من وتيرة انهيار الفريق مثلما حدث خلال الشوط الثاني أمام ليستر سيتي عندما خسر بخماسية نظيفة. ورغم كل ذلك، وقف مانشستر يونايتد عاجزاً.
وتمكن ماركوس راشفورد من لمس الكرة 21 مرة فقط خلال المباراة، بمعدل يقل أربع مرات عن ماركوس روخو، الذي شارك في الدقيقة 59، أما خوان ماتا، المبتكر الأول بقلب الملعب، فقد لمس الكرة مرتين فقط داخل الثلث الأخير من الملعب. ومرر المهاجمان اللذان يعملان على الجانبين، دانييل جيمس وأندرياس بيريرا، فيما بينهما خمس كرات فقط، ولم تجد أي منها طريقها إلى الهدف المنشود. وتكشف الأرقام أن مانشستر يونايتد خلال المباريات الـ23 الأخيرة له في جميع البطولات، سجل 19 هدفاً فقط.
كانت الفكرة الجديدة الكبرى المسيطرة على الفريق خلال الصيف التركيز على الشباب ـ أمر جيد يستحق الثناء بالتأكيد، لكن مجرد الاعتماد على العناصر الصاعدة ليس خطة في حد ذاته، وإنما يتعين وجود هيكل أمام هذه العناصر أو مسار محدد تسير فيه. وينبغي النظر إلى ما حدث لراشفورد وتراجع مستواه خلال الموسمين الماضيين، وتحوله من لاعب صاعد متألق إلى ظل باهت، كرسالة تحذير. والمؤكد أن ضحية هذه الأزمة لن يكون سولسكاير أو نائب الرئيس التنفيذي إد وودورد فقط. فيما يخص جماهير مانشستر يونايتد، ليس هناك مخرج واضح من المأزق الحالي. والحقيقة أن هذه الجماهير تشهد انهياراً لناديها المحبوب ليس مروعاً فحسب، وإنما تاريخي أيضاً.
ويبدو أن بيع مانشستر يونايتد لمهاجمه روميلو لوكاكو، الذي كان هدافه في الموسمين الماضيين، من دون التعاقد مع بديل، قرار سيندم عليه بعد أداء باهت بلا أنياب منذ بداية الموسم. وينبغي على المدرب النرويجي أن يقلق من تراجع مستوى يونايتد بعد الإيجابية التي أحاطت بتعيينه خلفا لجوزيه مورينيو في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ولم يتضح بعد من أين ستأتي الأهداف التي ستقلب موسم يونايتد رأسا على عقب. وانقسمت الآراء حول لوكاكو في يونايتد ولم يصل المهاجم البلجيكي مطلقا لقمة مستواه منذ انضمامه من إيفرتون في 2017، لكن قرار التخلص من لوكاكو، من دون التعاقد مع هداف آخر، قد يندم عليه سولسكاير في نهاية المطاف.
من جانبه حمل غاري نيفيل مدافع مانشستر يونايتد السابق مجلس الإدارة مسؤولية معاناة الفريق، قائلا إن المدرب النرويجي يحتاج إلى الوقت والمال لإعادة يونايتد للطريق الصحيح. وأضاف نيفيل: «يعاني يونايتد بسبب قرارات مجلس الإدارة السيئة. مجلس الإدارة مسؤول عن كل ذلك. من التعاقدات دون المستوى إلى سوء اختيار المدربين».
وتابع: «لا يوجد حل سريع ويجب التعامل مع الأمور بشكل منهجي. أتمنى، نظرا للنتائج السيئة، ألا يبتعدوا عن المسار الذي اتخذوه بتطوير أداء اللاعبين الشبان، لكنهم في حاجة أيضا إلى بعض الجودة والخبرة في التشكيلة».