قتيلان بهجوم أمام معبد يهودي في ألمانيا

لم تمض أشهر قليلة على استنفار الأجهزة الأمنية في ألمانيا بسبب تنامي خطر اليمين المتطرف إثر اغتيال سياسي لدفاعه عن اللاجئين، حتى عادت مشاهد الاستنفار الأمني إلى البلاد بسبب عملية جديدة قتل فيها شخصان أمام معبد يهودي ويعتقد أن اليمين المتطرف قد يكون مسؤولاً عنها أيضاً.
ووزعت مواقع ووسائل إعلام ألمانية صوراً لمسلح يرتدي ثياباً عسكرية سوداء ويغطي وجهه ويمشي بالقرب من كنيس لليهود في مدينة هاله بولاية ساكسونيا. وفيما سقط أحد القتيلين بالقرب من الكنيس قتل الآخر داخل مطعم تركي قريب تعرض كذلك لإطلاق نار من قبل مسلحين ملثمين. وتمكنت الشرطة من القبض على شخص بعد ساعات من عملية إطلاق النار، فيما نجح آخرون بالهرب في سيارة تاكسي باتجاه مدينة لايبزك القريبة.
ونقلت صحف ألمانية عن شهود من داخل الكنيس أن مسلحين حاولوا خلع الباب والدخول، علما بأن نحو 80 شخصاً كانوا يؤدون في الداخل صلاة «يوم الغفران». كما ألقى المسلحون قنبلة على مقبرة يهودية مجاورة وحاولوا دخولها. وقال شهود آخرون إن المسلح كان أبيض البشرة، في إشارة إلى أنه ألماني وليس من أصول مهاجرة.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ماكس بريفورتسكي، رئيس الطائفة اليهودية في مدينة هاله، قوله لصحيفتي «شتوتغارتر تسايتونغ» و«شتوتغارتر ناخريشتن»: «شاهدنا عبر كاميرا المعبد رجلاً مدججاً بالسلاح ويرتدي خوذة من الصلب ويحمل بندقية وهو يحاول فتح أبوابنا... لكن أبوابنا صمدت». وتابع بريفورتسكي أن الجاني أو الجناة حاولوا أيضاً فتح بوابة المقبرة اليهودية المجاورة. وتابع أن الناس كانت مصدومة حيث كانت جثة ضحية ملقاة أمام بوابة المعبد. وقال: «أحكمنا غلق الأبواب من الداخل وانتظرنا وصول الشرطة».
وذكرت الوكالة الألمانية أيضاً، نقلاً عن «دوائر أمنية»، أن أحد منفذي هجوم مدينة هاله وضع عبوات ناسفة بدائية الصنع أمام المعبد اليهودي بعدما حاول اقتحامه. وانتشرت قوات خاصة من الشرطة في المدينة، ووجهت دعوات إلى السكان للبقاء في الداخل، فيما أغلقت مدارس ومحطات القطارات كافة في المدينة. وقال عمدة المدينة بيرنت فيغاند إن «كل محطات القطارات أغلقت للحفاظ على أمن المواطنين».
وشددت الشرطة الحماية على أماكن دور عبادة اليهود في عدد من الولايات خوفاً من أن تشهد اعتداءات مماثلة. وتسلّم الادعاء العام الفيدرالي التحقيق، وقال متحدث باسمه إن تسلمه التحقيق سببه «الأهمية الخاصة للقضية» وأيضاً لأن الجريمة تتعلق بـ«الأمن الداخلي للبلاد»، مشيراً إلى أن الاعتداء يحمل بصمات اليمين المتطرف. وتقع مدينة هاله في قلب ولاية ساكسونيا التي تعد معقل اليمين المتطرف في ألمانيا. وقد حقق حزب «البديل لألمانيا» الشعبوي نتائج جيدة في انتخابات محلية في الولاية قبل أسابيع. وتضم هذه الولاية مدينة كيمنتس التي شهدت قبل عام مظاهرات واسعة ضد اللاجئين بعد قتل لاجئ عراقي لشاب ألماني في المدينة طعناً بالسكين إثر خلاف بينهما.
وفي برلين، عبّر المتحدث باسم المستشارة أنجيلا ميركل عن صدمته من الحادث، ووصفه بالـ«مريع». وأكد عمدة برلين مايكل مولر، من جهته، أن «الشرطة في العاصمة اتخذت كل الإجراءات الضرورية» لتفادي حوادث شبيهة. وتؤمن الشرطة في كل أنحاء ألمانيا حماية خاصة دائمة لدور العبادة اليهودية.
وحث وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على تشديد الإجراءات ضد معاداة السامية. وكتب على «تويتر» يقول: «في يوم عيد الغفران أطلقت النار على معبد يهودي وأصابت النار قلوبنا»، بحسب ما أوردت وكالة «رويترز». وأضاف: «يتعين علينا جميعاً العمل على مكافحة معاداة السامية في بلادنا». ومعاداة السامية قضية شديدة الحساسية في ألمانيا؛ نظراً لمسؤوليتها عن محارق النازي خلال الحرب العالمية الثانية.
وما زالت الساحة السياسية الألمانية مصدومة من اغتيال فالتر لوبكه، عمدة بلدة في ولاية هيسن والذي كان ينتمي لحزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي له ميركل. وأوقفت الشرطة شخصاً ينتمي لليمين المتطرف اعترف بقتله لوبكه بسبب دفاع الأخير عن اللاجئين. وبعد العملية، سرّبت مجلة «دير شبيغل» تقريراً أمنياً سرياً يتحدث عن تزايد كبير في خطر اليمين المتطرف وصنفته أنه في خطورة التطرف الإسلامي نفسها. وعثرت الشرطة في مداهمات في الأشهر الماضية استهدفت جماعات وأفراداً من اليمين المتطرف، على ما يزيد على ألف قطعة سلاح.