«معتقلو الحراك» بالجزائر يدخلون في إضراب عن الطعام

بدأ نحو مائة سجين رأي في الجزائر، أمس، إضراباً عن الطعام، احتجاجاً على «حجزهم تعسفياً»، بحسب ما يقول محاموهم، بسبب مواقفهم المساندة للحراك الشعبي. ويوجد من بين المحتجين رجل الثورة لخضر بورقعة (87 سنة) الذي سجن في يونيو (حزيران) الماضي، إثر هجوم حاد في الإعلام على قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح.
وقال محامون في مؤتمر صحافي بالعاصمة، أمس، إن المساجين المضربين «مصممون على مواصلة حركة الاحتجاج حتى تفرج عنهم السلطة». ومن أشهر المضربين الكاتب الصحافي فضيل بومالة، والناشطان السياسيان سمير بلعربي وكريم طابو، إضافة إلى «أيقونة المساجين السياسيين» بورقعة الذي يعاني من المرض بسبب تقدم سنه، والذي تخشى عائلته والمقربون منه من أن يزيد الإضراب من متاعبه الصحية. وذكر المحامي البارز مصطفى بوشاشي أن بورقعة «قرر الانضمام إلى الإضراب بمجرد أن بلغه الخبر».
وتصنف وسائل إعلام وبعض الوسط السياسي معتقلين آخرين، بعضهم أدانهم القضاء، كمساجين سياسيين، ومن بينهم زعيمة «حزب العمال» لويزة حنون، واللواء المتقاعد علي غديري (مرشح رئاسية 18 أبريل | نيسان الماضي التي ألغيت)، والجنرال المتقاعد حسين بن حديد (76 سنة)؛ والثلاثة تابعتهم مؤسسة الجيش بتهم متعلقة بقائدها الذي بات الرجل القوي في البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة مطلع أبريل (نيسان) الماضي. وأدانت محكمة البليدة، الشهر الماضي، حنون بـ15 سنة سجناً.
وتوجد أغلبية «مساجين الحراك الشعبي»، كما يُطلق عليهم، بسجن الحراش، بالضاحية الشرقية للعاصمة. ويضم هذا السجن أيضاً أهم وجوه النظام السابق، ومن بينهم رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وكثير من الوزراء ورجال الأعمال ممن كانوا في واجهة النظام خلال حكم بوتفليقة (1999-2019).
واستجوب قاضي التحقيق بمحكمة وهران (غرب)، أمس، الصحافي عضو «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» سعيد بودور، الذي سبق أن تعرض للسجن بسبب مواقفه السياسية. ودام استجوابه حتى ساعة متقدمة مساء، وشهد محيط المحكمة مظاهرة لناشطين رفعوا شعارات مطالبة بالإفراج عنه. ورجح حقوقيون بوهران إيداع بودور الحبس الاحتياطي.
وقال عبد الغني بادي، أحد أشهر المحامين المدافعين عن «معتقلي الرأي»، في فيديو نشره بشبكة التواصل الاجتماعي، إن بعض المساجين متابعون بتهمة «المساس بالوحدة الوطنية»، وآخرون بتهمة «عرض منشورات من شأنها المس بالنظام العام»؛ وترتبط التهمتان بنشاط مئات الأشخاص المشاركين في مظاهرات الجمعة، وهذا منذ 22 فبراير (شباط) الماضي.
وذكر بادي أن كل الذين سجنوا منذ بداية الحراك «عاقبتهم السلطة لأنهم عبروا عن رأي مخالف لخطة وضعتها تخص حل الأزمة، التي هي من تسبب فيها»، مشيراً إلى أن «المرحلة التي تمر بها البلاد بحاجة إلى تهدئة، بدل الاحتقان والتوتر. فسجن المعارضين والنشطاء يعقد الأزمة، ولا يعالجها، والنظام بدل أن يبحث عن حلول حقيقية، شن حملة اعتقال ضد كل من يعتقد أنه خصمه».
واللافت في قضية الاعتقالات وسجن النشطاء أن تنظيم «تجمع - عمل - شباب»، المقرب من «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض، سجن منه 6 قياديين، بعضهم تم اعتقالهم داخل مقهى بالعاصمة الجمعة الماضية. وتعالت أصوات، أمس، لتحذير المضربين عن الطعام ومحاميهم من أن يلقوا «مصير الصحافي محمد تامالت، والناشط الميزابي كمال الدين فخار». والأول توفي نهاية 2016، متأثراً بتبعات إضراب عن الطعام استمر شهرين، وسجن بسبب هجوم حاد على بوتفليقة وقادة الجيش. وتقول عائلته إنه تعرض للضرب بسجن الحراش، الأمر الذي كان سبباً في وفاته. أما الطبيب فخار، فتوفي في الظروف نفسها نهاية مايو (أيار) الماضي، وسجن بسبب انتقاده قضاة منطقة غرادية (جنوب) حيث يقيم. وكان من أشهر المناضلين الأمازيغ، وعائلته تؤكد أنه «لم يلقَ حقه من الرعاية الصحية من طرف الإدارة العقابية».