واشنطن تطلب رأس عضو سابق في «بوليساريو» متهم بقتل جنود أميركيين في النيجر

عرضت الإدارة الأميركية مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدل على مكان وجود أمير «داعش» في الصحراء الكبرى الملقب بـ«عدنان أبو الوليد الصحراوي»، وهو عضو سابق في جبهة «البوليساريو» الداعية لانفصال المحافظات الصحراوية عن المغرب بدعم من الجزائر. وتتهم واشنطن أبو الوليد بقتل 4 جنود أميركيين في كمين نصبه متطرفون لدورية تضم 12 عسكرياً من جنود القوات الخاصة الأميركية يوم 4 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 في شمال النيجر بموقع قريب من حدودها مع مالي وبوركينا فاسو. وأسفر الهجوم على مقتل 4 جنود أميركيين وإصابة اثنين بجروح. وبقي الحادث غامضاً، إذ لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عنه، واتجهت أصابع الاتهامات في البداية إلى جماعة «أنصار الإسلام» الموالية لتنظيم «القاعدة» في بوركينافاسو المعروفة بنشاطها في تلك المنطقة وتحالفاتها فيها مع قبائل محلية، قبل أن يعلن الصحراوي عن مسؤوليته عن العملية في أكتوبر 2018.
وكانت دورية مشتركة تضم 11 جندياً من القوات الخاصة الأميركية وثلاثين جندياً نيجريا تعرضت في 4 أكتوبر 2017 بهجوم شنه مقاتلون مرتبطون بتنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى ومسلحون برشاشات وقنابل يدوية ورشاشات ثقيلة بالقرب من قرية تونغو تونغو على بعد نحو مائة كيلومتر عن نيامي بالقرب من الحدود مع مالي.
وأعلن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لوكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس الجمعة عن تخصيص «مكافأتين» في «ذكرى الكمين» وللمرة الأولى في إطار هذا التحقيق.
ولد أبو الوليد الصحراوي في مدينة العيون (جنوب المغرب) في بيت عائلة أحد كبار شيوخ القبائل الصحراوية، في سنة 1974، غداة اندلاع حرب الصحراء بين الجيش المغربي وميليشيات جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وكان مسلحو «البوليساريو» يشنون هجمات على المدن الصحراوية انطلاقاً من معسكراتهم بمنطقة تندوف (جنوب غربي الجزائر). وكانت هذه الهجمات غالباً ما تؤدي إلى اختطاف ونقل صحراويين إلى معسكرات الجبهة.
ومنذ توقيع معاهدة وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو في 1991. وجد العديد من المجندين الذين دربتهم الجبهة في معسكرات تدريب بكوبا وليبيا والجزائر وغيرها أنفسهم في حالة عطلة في انتظار الحل السياسي لنزاع الصحراء.
في غضون ذلك، شكل هؤلاء مجالاً للتجنيد من طرف الجماعات الجزائرية المسلحة، خاصة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، إضافة إلى العصابات الدولية لتهريب المخدرات والسجائر والأسلحة عبر منطقة الصحراء الكبرى.
في هذا السياق، التحق أبو الوليد بتنظيم «القاعدة». غير أن اسمه لم يبرز إلا في 2011 عندما انشق تنظيم «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» عن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، والذي أسسه صحراويون وموريتانيون وماليون عرب، بالإضافة إلى عناصر من الطوارق وقبائل الفولاني العربية في شمال النيجر. وكان السبب الرئيسي لانشقاق التنظيم، الذي اتخذ من منطقة جاو (شمال مالي) مقراً له، هو غضب مؤسسيه من هيمنه الجزائريين على المراكز القيادية في «تنظيم القاعدة في المغرب»، إضافة إلى خلافات حول تقاسم الغنائم، خاصة موارد فديات الرهائن الغربيين. وبرز اسم أبو الوليد الصحراوي باعتباره الناطق الرسمي باسم التنظيم الجديد وأميراً لمجلس الشورى فيه.
في 2013 اندمجت «حركة التوحيد والجهاد» في المغرب مع تنظيمي «الملثمين» و«الموقعين بالدماء» في تنظيم جديد باسم «المرابطين» تحت قيادة الجزائري المختار بالمختار المشهور بلقب «بلعور»، غير أن أبو الوليد الصحراوي، أعلن في 2015 مبايعته «لداعش»، ثم انفصاله عن تنظيم «المرابطين» بسبب عدم موافقة بلمختار على تلك البيعة.
وأعلن أبو الوليد الصحراوي عقب ذلك عن تأسيس «داعش في الصحراء الكبرى»، لينطلق في سلسلة عمليات على طول حدود مالي مع النيجر وبوركينا فاسو، ويتوغل على الحدود النيجرية - البوركينابية، وصولاً إلى النيجر، التي شكلت عملية الهجوم على سجن قرب العاصمة نيامي أبرز عملياته فيها. ومع توالي عملياته، نال تنظيمه في أكتوبر 2016 اعتراف تنظيم «داعش». وفي أغسطس (آب) 2018 أدرجت الأمم المتحدة اسم أبو الوليد الصحراوي ضمن قائمة الإرهابيين المطلوبين للمجتمع الدولي. وكانت الولايات المتحدة التي شهدت جدلاً حاداً بعد هذا الكمين بشأن مبرر انتشار 800 جندي أميركي في هذه المنطقة في العالم، أعطت الأولوية للتحقيقات الداخلية في هذه العملية الفاشلة. وعاقب الجيش الأميركي في إطار هذا التحقيق العام الماضي ستة عسكريين بسبب سلسلة أخطاء في الإعداد للمهمة.
وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية: «حتى الآن لا أعتقد أننا اعتقلنا أي شخص على علاقة بهذا الكمين»، لكن بتخصيص المكافأة المالية «نأمل في الحصول على مؤشرات ومعلومات تسمح على منفذي هذا الهجوم»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأكد مسؤول أميركي آخر أن التعاون مع النيجر «ممتاز» بشكل عام، دون أن يدخل في تفاصيل هذا التحقيق. وسمح برنامج المكافآت التي تمنحها الدبلوماسية الأميركية، منذ بدئه في 1984. بتوزيع أكثر من 150 مليون دولار على أكثر من مائة شخص «قدموا معلومات يمكن الاستفادة منها ساعدت في إحالة إرهابيين إلى القضاء، أو منع وقوع أعمال إرهابية».