تجمع دولي في دبي يبحث فرص الاستثمار في القارة الأفريقية

أجمع متحدثون دوليون وأفارقة على أهمية تحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في القارة الأفريقية إلى جانب ترسيخ ثقافة الديمقراطية من أجل تشجيع رؤوس الأموال على القدوم لها، خاصة وهي تعاني في بعض الأحيان الجفاف وعدم الاستقرار وقلة الموارد المالية، التي تحول دون الوصول إلى الأهداف المنشودة في التغيير والازدهار الاقتصادي وتوفير فرص العمل للشباب الأفريقي.
وتطرق المشاركون في جلسات المنتدى العالمي الأفريقي للأعمال الذي انطلق أمس بتنظيم غرفة تجارة وصناعة دبي، ورعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى التحديات التي تواجه دول أفريقيا عموما، ودولهم على وجه الخصوص، بشأن جذب الاستثمارات الأجنبية إلى دول القارة الغنية بالموارد الطبيعية والبشرية وتحقيق التنمية المستدامة التي تواجه صعوبات جمة، أهمها تغير المناخ والنمو السكاني السريع إلى جانب عناصر الأمن والاستقرار والقوانين التي تحمي المستثمرين ورؤوس الأموال.
وخلال لقاء الشيخ محمد بن راشد مع رؤساء بلدان غانا ورواندا وإثيوبيا، تطرق الرؤساء الثلاثة المشاركون في الحوار وطرحوا معلومات وشروحا متعلقة بالإمكانات المتاحة في بلادهم لبناء شراكات استثمارية قوية وناجحة، واستشهدوا باقتصاد دولة الإمارات وخطواتها نحو تحقيق التنمية المستدامة لشعبها، منوهين بقصة نجاح دبي على غير صعيد، خاصة لجهة البنية التحتية والمشاريع العملاقة، التي تنفذها في كثير من القطاعات السياحية والعقارية والتعليمية والصحية وغيرها.
وأعرب الشيخ محمد عن ارتياحه باختيار زعماء الدول المشاركة في المنتدى مدينة دبي كي تكون مركزا لهذا اللقاء العالمي الأفريقي، الذي يضم زعماء دول ورؤساء حكومات ووزراء مختصين ورجال مال وأعمال من أكثر من 60 دولة إلى جانب دولة الإمارات.
وأكد نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أن الإمارات ستظل همزة وصل بين أفريقيا ودول العالم، خاصة أوروبا والبوابة التي يعبر منها الشرق إلى الغرب وبالعكس.
وأشار خلال استقباله على هامش المنتدى زعماء ورؤساء حكومات الدول الأفريقية المشاركة في المنتدى إلى أن مثل هذه اللقاءات والمنتديات تتيح الفرصة لتبادل المعرفة والخبرات بين الدول وتخلق فرصا جديدة للاستثمار وإقامة شراكات استثمارية واقتصادية قوية ومجدية اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا.
ورحب بأي تعاون بين دولة الإمارات ودول القارة السمراء، مؤكدا من جديد أن الإمارات تضع جل خبراتها وتجربتها الناجحة في التنمية والاقتصاد المعرفي والتكنولوجيا في خدمة الأشقاء والأصدقاء من الدول والشعوب التي تتطلع إلى الازدهار الاقتصادي وإسعاد شعوبها.
من جهته أكد حمد بوعميم مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي تصميم مجتمع الأعمال في دبي على تأسيس شراكات اقتصادية واستثمارية مجزية مع مجتمع الأعمال الأفريقي، مؤكدا أن المنتدى بات منصة هامة للاستثمار في القارة الأفريقية.
وأضاف: «إننا في دبي نريد أن نطور شراكتنا الاقتصادية والاستثمارية معكم، نريد شراكة حقيقية تتجسد بتعاونٍ اقتصادي يلبي طموحاتنا وأهدافنا المشتركة، ونحن نجدد في غرفة دبي التزامنا بدعم التوجه نحو القارة الاستثمارية، وتسخير كل إمكانياتنا من أجل تحفيز التعاون والاستثمارات بين مجتمع الأعمال في دبي والقارة الأفريقية».
وبحسب إحصائيات جمارك دبي، بلغت قيمة تجارة دبي غير النفطية مع أفريقيا 60 مليار درهم (أي 16.3 مليار دولار) خلال النصف الأول من عام 2014.
إلى ذلك قال بول كاجامي، رئيس رواندا: «إنّ تحوّل أفريقيا ممكن، ومن أجله علينا أن نصحّح بعض الأمور، وأهمّها الحوكمة والبنية التحتية والمهارات والمعرفة، وعلينا أن نضمن وجود روابط بين دول أفريقيا، كما نحتاج إلى زيادة التجارة البينيّة كي نتيح المجال أمام الاستثمارات. لكنّ الأولوية هي لوجود الحكومة وتغيير توجّهات الناس وضمان إدارة موارد البلد بالشكل الصحيح. وكي نفسح المجال لهذه الأمور لتصبح واقعا، يجب أن يكون لدينا مؤسسات وآليات وهيكليات واضحة للحوكمة».
وبحسب الأرقام الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد»، سجلت تجارة السلع في أفريقيا نموا أسرع من الاقتصادات المتقدمة والنامية، وقد تسارعت معدلات النمو لإجمالي تجارة القارة تماشيا مع الطفرة التي حققتها التجارة العالمية خلال العقد الماضي، ورغم تحقيقها نموا سريعا في تجارة السلع، ظلت أفريقيا قطبا هامشيا في التجارة العالمية حيث شكلت فقط 2.8 في المائة من صادرات العالم و2.5 في المائة من واردات العالم خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2013.
من جانبه بين محمد الشيباني، مدير ديوان حاكم دبي والرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية: «كنّا ننظر إلى أفريقيا منذ فترة طويلة، لكن بيئة الاستثمار هناك لم تكن سهلة، وثمة الكثير من الأمور التي لم تكن معلومة، ونرى في نيجيريا فرصا واعدة لكونها ثاني أكبر اقتصاد في أفريقيا، وللاستثمار في أفريقيا، يعد وجود شريك مناسب أمرا أساسيا، والعثور على فرص الشراكة بالتالي هو أفضل طريقة لبدء الاستثمار في القارّة».
وذكر تقرير صدر من غرفة دبي أنه بمرور الزمن شرعت أفريقيا في تحويل اتجاه روابطها التجارية نحو الدول الآسيوية النامية وسريعة النمو، وقللت بذلك من مخاطر تعرض الاقتصادات الأفريقية للصدمات الخارجية الشديدة.
وقال أليكو دانجوتي، رئيس مجلس إدارة مجموعة مشاريع دانجوتي وأغنى رجل في أفريقيا: «الاستثمار وتنفيذ المشاريع في أفريقيا هو الآن مسؤولية القطاع الخاص في القارّة، فالحكومة لا تجيد هذا الأمر وعليها بدلا من ذلك أن تركّز على قطاعي التعليم والصحّة. وأفريقيا توفّر أفضل فرصة للاستثمار، فإذا نظرنا إلى المستقبل، نجد أنّه سوق كبيرة تصل فسها قيمة أنفاق المستهلكين إلى 1.4 تريليون دولار».