عريقات: نتنياهو يقود إسرائيل كما يقود البغدادي تنظيم «داعش»

توالت ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية والأميركية على خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث انقسم الإسرائيليون بين مؤيد ومنتقد للخطاب، ورد عليه الفلسطينيون بغضب شديد، فيما رفضت واشنطن أجزاء فيه، ودعت الطرفين إلى اتخاذ قرارات صعبة.
وشبه صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعمر البغدادي زعيم تنظيم «داعش»، ردا على تشبيه نتنياهو حركة حماس بالتنظيم المتطرف لتبرير الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وقال عريقات في بيان بعد لقائه مبعوث الأمم المتحدة روبرت سيري، والقنصل الأميركي العام مايكل راتني: «الحكومة الإسرائيلية هي التي أسست لتحويل الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني، وذلك من خلال دعمها وإصرارها على تسمية إسرائيل (دولة يهودية)، وتعزيز ودعم القوى الإرهابية اليهودية المتطرفة من المستوطنين وغيرهم».
واستنكر عريقات بشدة خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة، وعده تضليلا ومحاولة تحميل المسؤولية لضحايا العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، مضيفا أن «الحكومة الإسرائيلية تحاول أن تحول الصراع إلى صراع ديني، حيث تحدث نتنياهو عن تنظيم (داعش) ومخاطره، وتناسى أنه يقود بنفسه تنظيم الدولة اليهودية». وعد عريقات أن نتنياهو أغلق الأبواب بخطابه أمام حل الدولتين، حيث أعلن أن إسرائيل لن تنسحب إلى حدود 1967.
وكان نتنياهو قد صرح من على منبر الأمم المتحدة، أول من أمس، بأن «المعركة ضد الإسلام المتطرف واحدة (...) لهذا السبب فان معركة إسرائيل ضد حماس ليست فقط معركتنا. إنها معركتكم». وقال نتنياهو: «حماس هي غصن من شجرة (داعش) السامة». كما هاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي كان اتهم إسرائيل بشن حرب إبادة في غزة، وقال بهذا الخصوص: «أين هي الإبادة الجماعية التي وصفونا بها في حين كنا نحذرهم من الخطر ونقدم لهم المساعدات.. وبينما استخدمت إسرائيل صواريخها لحماية أبنائها، قامت حماس باستخدام أطفالها لحماية صواريخها (..) أقول للرئيس عباس: قامت شريكتكم حماس بجرائم حرب وكان يجب أن تدينوها». وأضاف: «فقط من كتب رسالة دكتوراه مليئة بالأكاذيب عن الهولوكوست يمكنه أن يتهم إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية»، في إشارة إلى عباس.
وفي تداعيات الملف النووي الإيراني، أشار نتنياهو إلى أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيشكل «أخطر تهديد لنا جميعا»، داعيا إلى تفكيك برنامج طهران النووي. وأكد نتنياهو أن الخطر التي يمثله برنامج إيران النووي أعظم من خطر المسلحين الإسلاميين في العراق وسوريا، والذين تشن ضدهم الولايات المتحدة وحلفاؤها هجمات جوية. وقال في هذا الصدد: «إن هزيمة تنظيم () في العراق والشام، وترك إيران على أعتاب امتلاك القوة النووية هو بمثابة ربح معركة وخسارة الحرب». كما هاجم نتنياهو الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي انتقد المتطرفين السنة خلال كلمته أمام الجمعية، واتهمه بأنه يذرف «دموعا كاذبة»، بينما هو يشارك في «حملة إرهابية».
من جهتها، ردت الرئاسة الفلسطينية على اتهامات نتنياهو، وإعلانه أنه جاهز لتسوية تاريخية، وقالت في بيان، إن «الحل يجب أن يكون وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، الذي منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة». وأضاف البيان، أن «هذا الأمر يجب أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ويتطلب وقفا فوريا للاستيطان ورفع الحصار عن قطاع غزة، ووقف نشاطات المتطرفين في الأماكن المقدسة».
كما رد المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري على خطاب نتنياهو، وعد أن «تصريحاته بأن حماس و(داعش) هما وجهان لعملة واحدة هي محاولة لخلط الأمور». وقال بهذا الخصوص: «حماس هي حركة تحرر وطني فلسطيني، فيحين أن الاحتلال الإسرائيلي هو مصدر الشر والإرهاب في العالم وإرهاب (إسرائيل) هو عملة بوجه واحد فقط». وأضاف أبو زهري، أن «جرائم نتنياهو في غزة لا يمكن القفز عنها بخطاب فارغ المضمون، وما يجزم بكذب نتنياهو هو رفضه استقبال لجنة تحقيق دولية بجرائمه في غزة».
على الجانب الإسرائيلي، انقسم اليمين واليسار حول خطاب رئيس الوزراء، حيث هلل مناصرو نتنياهو بالخطاب، وقالوا إنه يثبت أن «نتنياهو سئم من عباس كشريك ولا يريد استئناف المفاوضات معه». كما رحّب زئيف آكلين، رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، بخطاب نتنياهو ووصفه بأنه «رد حازم على خطاب الرئيس عباس»، مطالبًا الحكومة والمجلس المصغر بالانتقال من الأقوال إلى الأفعال «وأن يثبتا لعباس أن استمراره في مهاجمة إسرائيل وتشويهها في الساحة الدولية له ثمن باهظ ومؤلم، سيضطر هو وقيادة السلطة لتسديده».
لكن في المقابل، عبَّرت المعارضة الإسرائيلية عن انتقادها لخطاب نتنياهو بقولها إنه مكرر ويدعو للتثاؤب، إذ قال زعيم المعارضة، حاييم هرتسوغ «يحسن نتنياهو فن الخطابة، ولكن المشكلة أن العالم لم يعد يصغي إليه. لا نعرف أي نتنياهو نصدق، ذاك الذي يخطب ويتحدث عن حل سياسي، أو ذلك الذي اهتم في السنوات الخمس الأخيرة بألا يطرح أي مبادرة سياسية.. لقد سئمنا من الخطابات التي تبقى على الورق فقط».
ولم تتوقف ردود الفعل على خطاب نتنياهو في رام الله وتل أبيب وغزة فقط، حيث قالت المتحدثة بلسان الخارجية الأميركية، جين ساكي «نحن نعتقد أن المنظمتين، حماس و(داعش)، هما منظمات إرهابيتان مختلفتان». مضيفة في تعقيب على تشبيه نتنياهو لهما بالشجرة الواحدة.. «نعتقد أن (داعش) يشكل تهديدا للولايات المتحدة بشكل مختلف، على أساس العمليات العسكرية (..) نحن لا نعتقد أن نتنياهو أو أي شخص آخر في إسرائيل يعتقد أن الولايات المتحدة ستضع حملة عسكرية ضد حماس».
وأمس، قالت الولايات المتحدة، إن مصلحة كلا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تقضي بتحقيق تقدم في المفاوضات، وبعدم استمرار الوضع القائم. كما صرح الناطق بلسان البيت الأبيض: «في النهاية سيضطر زعماء الطرفين إلى اتخاذ قرارات سياسية صعبة جدا، وهي قرارات لا تستطيع الأسرة الدولية أو الولايات المتحدة اتخاذها بدلا منهم». وأضاف: «أن الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري وقادة آخرين في المجتمع الدولي سيواصلون الضغط على الطرفين لاتخاذ هذه القرارات».