مصدر مقرب من العبادي: خطوات جادة اتخذت لعودة العيساوي وتسليمه حقيبة الدفاع

كشف مصدر قيادي شيعي مقرب من رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، عن أن «خطوات جادة اتخذت مع القضاء العراقي والمحكمة الاتحادية وبتوجيه حكومي لعودة القيادي السني رافع العيساوي، وزير المالية السابق، إلى العراق وتقديمه إلى القضاء على خلفية تهم إرهابية كان نوري المالكي، رئيس الحكومة السابق، قد وجهها له تمهيدا لتبرئته وترشيحه لمنصب وزير الدفاع».
وأشار المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه قائلا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه الخطوة كانت ستتحقق الأسبوع الماضي، لكن تغييرات مفاجئة حدثت لهذا السيناريو خشية العبادي من اعتراض الشارع الشيعي على مثل هذه الخطوة التي قد تقلل من شعبيته بين الأوساط الشيعية».
من جهته، قال السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر، الذي كان يوصف بأنه كبير مفاوضي المالكي قبل أن يستقيل من كتلته (ائتلاف دولة القانون) إن «ترشيح العيساوي لوزارة الدفاع مستبعد جدا، أولا لأن عليه العودة إلى العراق وأن يسلم نفسه للقضاء، وحتى إذا تجاوز هذه الخطوة سيكون من الصعب ترشيحه لمنصب أمني»، مضيفا: «حسب معلوماتي الدقيقة من أصحاب القرار فإن هذا الموقف ليس شيعيا فقط وإنما سني أيضا، والمؤشرات تتجه إلى أن حقيبة الدفاع ستحسم للدكتور جابر الجابري كونه صاحب الرصيد الأوفر، ولا أستبعد إعلان اسم وزير الدفاع بعد العيد مباشرة قبل حسم حقيبة الداخلية وإن كان العبادي حريصا على حسم هذا الموضوع في أقرب وقت».
وكشف الشابندر لـ«الشرق الأوسط» في عمان أن العبادي «روج لقاسم داود، شيعي مستقل وزير دولة لشؤون الأمن الوطني في حكومة إياد علاوي، ليتسلم حقيبة الدفاع، وأن تكون حقيبة الداخلية للسنة، ولم ينل داود تأييد الكتل السياسية وخاصة الشيعية، لذلك تراجع عنه العبادي، وعندما طرح مقترح أن تتسلم منظمة بدر بزعامة هادي العامري، ككتلة داخل التحالف الوطني (الشيعي)، الحقيبة، لم توافق الولايات المتحدة على أن تتسلم المنظمة أية وزارة أمنية، مما قلب المعادلة وجرى تبني فكرة من قبل مكتب رئيس الوزراء أن يكون وزير الدفاع ضابطا عسكريا مهنيا سنيا وأن تكون الداخلية لمنظمة بدر، وهذه الخطوة أيضا لم تتحقق لرفض السنة المرشح للدفاع وهو خالد العبيدي الذي رشحه أسامة النجيفي، زعيم كتلة متحدون ونائب رئيس الجمهورية، وأيضا رفضت السفارة الأميركية أن تكون الداخلية أو مستشارية الأمن الوطني (وزارة بلا حقيبة) للعامري».
واستطرد الشابندر قائلا: «بعد تشكيل الحكومة والتصويت عليها في البرلمان تورط العبادي بإعطاء سقف زمني (أسبوع) لتسمية وزيري الدفاع والداخلية، وحتى اليوم الأخير من مهلة الأسبوع لم يجر التوافق لترشيح اسمين لتسلم حقيبتي الداخلية والدفاع، وجرى طرح اسم الجابري (سني من عشائر الدليم في الأنبار) للدفاع، ورياض غريب (شيعي كان في منظمة بدر وتربطه علاقات قوية مع العامري ورشح في الانتخابات البرلمانية عن كتلة حسين الشهرستاني) للداخلية ولغياب الاتفاقات واعتماد التصويت الإلكتروني لم يجر تمرير الاسمين». وأشار إلى أنه «اليوم هناك دفع قوي من قبل الكتل السنية، باستثناء النجيفي، لإعادة ترشيح الجابري لحقيبة الدفاع وبتبن واضح من العبادي كونهما عملا معا في لجنة الأمن والدفاع في الدورة السابقة للبرلمان العراقي، وهو (الجابري) أكاديمي حاصل على شهاداته العليا من جامعة فرنسية وأخرى أميركية وعلماني مع أن شقيقه مع المتشددين ومطلوب للقضاء».
وكشف السياسي الشيعي المستقل عن أن «طهران تحاول وضع العصا في دولاب حكومة العبادي لأنها ليست مسرورة بوجود رئيس وزراء هو محل رضا ومباركة من قبل واشنطن، في وقت تعيش فيه إيران أزمة مع الولايات المتحدة، وأنها لم تتفق مع الإدارة الأميركية في دعم العبادي مثلما حدث مع المالكي». وقال: «يخطئ من يقول إن المالكي هو الرجل الداهية الذي جمع بين مصالح الإيرانيين والأميركيين في الوقت نفسه، بل إن العلاقة بين طهران وواشنطن وقتذاك كانت علاقة القبول بالأمر الواقع، فاضطروا لأن يقبلوا بالمالكي رئيسا للوزراء، بينما اليوم الأوضاع تختلف في مسألة العلاقات بين واشنطن وطهران». وأضاف: «لا أستبعد أن يكون هناك تنسيق بين المالكي وإيران لخلق المشاكل أمام حكومة العبادي». وتابع: «المالكي ليس إيرانيا، لكن عندما تلتقي مصالحه مع طهران لا أستبعد أن يتعاون معها باعتبار أن العبادي أخذ مكانه».
وحول مظاهرات التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ضد التدخل الأميركي العسكري ضد «داعش»، قال الشابندر: «لا أعتقد أن المظاهرات جاءت نتيجة قناعات بل هي نتيجة للضغوط الإيرانية، لأنهم تظاهروا ضد الوجود الأميركي على الأرض وليس ضد التدخل الجوي»، مبديا استغرابه من «تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني حول ضرورة الوجود البري الأميركي في العراق لمحاربة (داعش) وأنه بعكس ذلك لا فائدة من التدخل الأميركي»، مشيرا إلى أن «روحاني إما أنه غرد خارج السرب الإيراني وإما أنه جزء من الدهاء الإيراني في توريط أميركا في الهجوم البري». وقال إن «إيران تريد المزيد من التدخل في الشأن العراقي الداخلي، لكن الأحداث تبرهن على أنهم ماضون لأن يكونوا بعيدا عن إدارة هذا الملف مباشرة، لهذا تلوح (إيران) للأميركيين بأنها ستخلق المتاعب لهم في العراق وأن لها أصدقاء على الأرض».