هل بدأ النظام السوري بنهش بطانته الاقتصادية؟

للمرة الثانية خلال الشهر الجاري تتعرض صهاريج نفط تابعة لشركة «القاطرجي» لهجوم عنيف في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) غرب الرقة، وقالت مصادر إعلامية معارضة إن هجوماً بالقنابل اليدوية وقع فجر الأحد نفذه مجهولون استهدف عدة صهاريج نفط تابع للشركة، أثناء نقل النفط إلى مناطق سيطرة النظام.
وذكر موقع «جُرف نيوز» المحلي الإخباري في المنطقة الشرقية، أن الهجوم «أسفر عن احتراق عدة صهاريج بشكل كامل» مع التنويه إلى أن ثلاثة صهاريج نفط تابعة للقاطرجي كانت قد تعرضت مطلع سبتمبر (أيلول) الجاري إلى هجوم مماثل قرب بلدة عين عيسى شمال الرقة.
وشركة «القاطرجي» مملوكة من قبل الأشقاء براء وحسام ومحمد القاطرجي، إحدى أبرز الشركات التي ظهرت خلال الحرب، وتتولى إدارة عمليات تجارة النفط والحبوب بين القوى المسيطرة على المناطق الشرقية (قسد)، وتنظيم «داعش» حتى فقدان سيطرته على حقول النفط في دير الزور خلال عام 2017. وبين النظام، في تحايل على العقوبات الاقتصادية الأميركية على النظام السوري.
ويأتي الهجوم على صهاريج القاطرجي في ظل أنباء متضاربة حول هروب محمد قاطرجي خارج البلاد، على خلفية الحملة التي يشنها النظام على رجال الأعمال بزعم مكافحة الفاسدين الذين أسروا خلال الحرب. وتشير الأنباء إلى صدور مذكرة اعتقال بحقه، إلا أن شركة القاطرجي، نشرت على حسابها الرسمي بـ«فيسبوك» بياناً مقتضباً، أعلنت فيه «وقوفها دائماً إلى جانب الوطن والمواطن» مع صورة لمحمد قاطرجي دون تأكيد أو نفي لصحة الأنباء حول هروبه.
وتعيش الأوساط الاقتصادية المحيطة بالنظام، حالة من التوتر والقلق جراء «الحملة على الفساد» التي لم تتضح أبعادها الحقيقية بعد. مصادر اقتصادية في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «بدأ ينهش بطانته الاقتصادية، لتحسين قيمة الليرة الآخذة بالهبوط».
فقد وصل سعر الصرف إلى 680 ليرة للدولار قبل أسبوع، وطرأ تحسن مفاجئ على الليرة بعد إجراءات لم يعلن عنها، فهبط سعر الدولار قبل أيام إلى ما دون 600 ليرة، ليعود ويرتفع يوم أمس إلى 640 ليرة. وجاء انخفاض سعر الصرف مع إعلان شركة القاطرجي الأسبوع الماضي بهبوط الدولار «بفضل الشرفاء»، وخصت بالشكر الصناعيين، من دون تفاصيل أخرى. لكن تأثير تلك التدخلات لم يدم طويلاً وعاد السعر للارتفاع.
المصادر الاقتصادية قالت إن النظام يمارس ضغوطاً هائلة على رجال الأعمال لسحب إيداعاتهم في المصارف الخارجية ووضعها في المصارف الحكومية السورية، في محاولة لكبح هبوط الليرة». ولفتت المصادر إلى أن «غرفة تجارة دمشق، أعلنت عن إنشاء صندوق تدخلي لتخفيض سعر الدولار، للتشجيع على إيداع القطع الأجنبي في مصارف النظام». ورأت المصادر أن من شأن الضغوط والتهديدات التي يمارسها النظام على رجال الأعمال، أن تؤدي إلى هروب من تبقى منهم خارج البلاد، كما قد تؤدي إلى تخلي البطانة الاقتصادية عن دعمها للنظام إذا تعرضت مصالحها للنهش أو «لأعمال تشليح قسرية كبيرة»، في ظل انعدام الثقة بالنظام الذي يمنع تداول القطع الأجنبي ثم يطلب من رجال الأعمال إيداع القطع في المصارف الحكومية».
وكانت مصادر إعلامية موالية للنظام قد كشف يوم السبت عن هروب المدير المالي في جامعة دمشق بعد استدعاء أقرانه من المحاسبين في وزارة التربية. إذ كان محاسباً مالياً في وزارة التربية قبل تسلمه موقع المدير المالي في جامعة دمشق.
وكانت الحكومة قد أصدرت قراراً بـ«حجز أموال احتياطي» أكثر من 150 شخصية من موظفين ومسؤولين ورجال أعمال وزوجاتهم وأبنائهم، على خلفية التحقيق في «قضايا فساد»، كبيرة، أبرز المتورطين فيها وزير التربية السابق هزوان الوز. وتتعلق قضايا الفساد بعقود توريد نفط، وأجهزة كومبيوتر لصالح وزارة التربية، وطال التحقيق رجلي الأعمال المقربين من النظام محمد حمشو ومحمد قاطرجي.