غياب استراتيجية لاحتواء المقاتلين المعتدلين يضاعف المخاوف من مبايعتهم «داعش»

حذرت مصادر معارضة في شمال سوريا من «نتائج خطيرة» تترتب على ضربات التحالف العربي والدولي ضد تنظيم «داعش»، تتمثل في «لجوء عسكريين معارضين إلى التنظيم» وظهور «موجة من التعاطف الشعبي معه»، في غياب «استراتيجية لاحتواء المقاتلين المعارضين للنظام السوري». وجاء هذا بموازاة تسريبات أو شائعات يطلقها التنظيم تفيد بأن نسبة الانتساب إليه «تضاعفت بنسبة 40 في المائة» في معقله بمدينة الباب الواقعة شرق مدينة حلب.
وسرب «ديوان الانتساب إلى داعش»، في مدينة الباب، أكبر معاقل التنظيم في ريف حلب، أن هناك «نوعاً من التعاطف الشعبي مع التنظيم، بدأ يظهر في المنطقة، تمثّل في ازدياد إقبال الشباب على الالتحاق بصفوفه، بلغت نسبته 40 في المائة عما كانت عليه قبل الضربات».
وتأتي هذه التسريبات غداة إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من 200 مقاتل انضموا لـ«داعش» في محافظة حلب، منذ أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الولايات المتحدة ستضرب التنظيم المتشدد في سوريا.
وقال مدير المرصد إن 73 آخرين انضموا إلى التنظيم يومي 23 و24 من الشهر الحالي في ريف حلب منذ بدء الهجمات، معتبراً أن الرقم يشير إلى أن «هؤلاء الناس لا يشعرون بالخوف حتى مع وقوع الغارات الجوية». وأوضح أن وتيرة التجنيد في سبتمبر (أيلول) كانت أسرع من المتوسط، لكنها أدنى من مستواها في يوليو (تموز) بعدما أعلن التنظيم دولته في الأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق.
وأوضح مصدر معارض من ريف حلب لـ«الشرق الأوسط» أنه كان لسقوط ضحايا من المدنيين في غارات التحالف «الدور الأكبر في انتشار ردة الفعل تلك لدى الناس الذين باتوا يخافون من أن يكون هدف الضربات مختلفاً عن المعلن، لجهة تقديم خدمة للنظام السوري وشن حرب ضد المدنيين بالنيابة عنه، بالتزامن مع تهليل النظام للغارات التي ينفذها الحلف».
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قالت الأربعاء الماضي إن 24 مدنيا قضوا في البلاد (الثلاثاء) في حصيلة اليوم الأول من عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش». وأكدت في تقرير أنها وثقت مقتل ما لا يقل عن 24 مدنياً، جراء الغارات، بينهم 5 أطفال، و5 نساء، في عدد من المناطق.
وقال المصدر إن الضربات التي استهدفت مواقع للمتشددين قرب أماكن سكن المدنيين «قاد لولادة مظاهر من التعاطف مع (داعش)، حتى باتت أكثرية الناس في الريف الحلبي لا يعتبرون أن الضربة الدولية ستحمل الخير لهم، ما لم تضرب نظام الأسد وقواته العسكرية التابعة له، وتخليصهم منها بالتوازي مع ضربها لمواقع داعش».
وأضاف المصدر أن «غياب استراتيجية لاحتواء المقاتلين المعارضين، وتمكينهم من السيطرة على الأرض بعد القضاء على (داعش)، لمنع النظام السوري من العودة مجدداً إلى المناطق المحررة، بموازاة الضربات، ينطوي على مخاطر لجوء المقاتلين المعارضين المعتدلين إلى التنظيمات المتشددة».
وحذر المصدر من انضمام بعض الفصائل الإسلامية ومبايعتها «داعش»، خصوصاً بعد أن استهدفت الغارات الجوية للتحالف الدولي مواقع ومقرات فصائل إسلامية منها «جبهة النصرة»، التي قتل نحو 50 من عناصرها في اليوم الأول للغارات في ريفي حلب وإدلب. وأشار إلى أن «تلك الضربات ساهمت في خروج بعض الأصوات المطالبة بنبذ الخلافات ووقف التقاتل بين الفصيلين (داعش والنصرة) ووجوب التوحد أمام الخطر المقبل، بحسب ما بدأ أنصار التنظيمين المتشددين التسويق له».
ويعرب المعارضون في شمال سوريا عن مخاوفهم من ولادة بعض التحالفات الأخرى أو قيام بعض الفصائل الإسلامية المجاهدة بمبايعة «داعش»، على ضوء إدراج واشنطن المزيد من الفصائل الإسلامية ومنها جيش المجاهدين والأنصار على لائحة التنظيمات الإرهابية.