انقسام إسرائيلي حول {حلف الدفاع} مع أميركا

اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قادة الجيش والمخابرات الذين يعارضون فكرة إبرام معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة بأنهم «لا يفهمون مثلي في السياسة العليا»، وقال إن إبرام معاهدة كهذه بين دولة صغيرة مثل إسرائيل والدولة الأميركية العملاقة هو «هدية تاريخية عملاقة» ستؤدي إلى «مكاسب إسرائيلية لا يجوز الحديث عنها علناً، ولكن يمكن تخمين عظمتها للأمن الإسرائيلي».
وكان نتنياهو يعقب بذلك على ما نشر من تسريبات لوسائل الإعلام، أفادت بأن «نتنياهو يحاور الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، حول إقامة حلف دفاع مشترك، من دون أن يطرح الموضوع على الجهات المعنية في الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن، ومن دون أن يعرف لماذا يعارضون». وانتقد هؤلاء الرئيس ترمب، أيضاً، الذي نشر تغريدتين على «تويتر»، أول من أمس (السبت)، قال فيهما إنه أجرى اتصالاً مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، السبت، حول «التحالف الدفاعي»، لكنه رحل البحث إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية.
وقد أوضح عدد من الجنرالات، باسم المؤسسة العسكرية والأمنية، أن توقيع معاهدة من هذا النوع يتطلب شهوراً طويلة من المفاوضات بين وزارة الأمن الإسرائيلية والبنتاغون وغيرها من الوكالات الحكومية الأميركية، ويتعذر إتمامها قبل الانتخابات المقبلة، مما دفع نتنياهو إلى التفكير بـ«الاكتفاء» بإعلان رئاسي أميركي من شأنه أن يرفع أسهمه، ويعزز فرصه بتشكيل الحكومة. وأكد مسؤولون كبار في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنهم يعارضون توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية؛ أولاً لأن نتنياهو يستغله للدعاية الانتخابية بلا رصيد مهني، وثانياً لأن معاهدة من هذا القبيل سوف تكبل أذرع الجيش الإسرائيلي «خلال أزمات عسكرية ومهمات أمنية مقبلة»، لذلك عارضها مسؤولون سابقون، ويعارضونها اليوم.
وقال عضو الكنيست المعارض غابي أشكنازي، الذي شغل في الماضي منصب رئيس أركان الجيش، ثم مديراً عاماً لوزارة الأمن، إن «معاهدة الدفاع المُشترك ستُلزم إسرائيل باعتبار أي هجوم على الولايات المتحدة بمثابة اعتداء عليها، وبالتالي فإننا سنرى جنودنا يُقاتلون في العراق وأفغانستان، وهو أمر نرفضه».
واعتبر المُرشح لعضوية الكنيست حالياً، رئيس الحكومة ورئيس أركان الجيش الأسبق، إيهود باراك، هذا الطرح مجرد دعاية انتخابية رخيصة. وقلل باراك من حظوظ إبرام هذا الاتفاق، مذكراً بأنه «ينبغي المصادقة عليه في الكونغرس ومجلس النواب الأميركي أولاً».
وقد رد نتنياهو على هؤلاء جميعاً باستخفاف، وقال إن هؤلاء المسؤولين رغم ماضيهم العسكري الحافل «لا يفهمون مثلي في السياسة العليا. وأنا أعرفهم جيداً، وقد خبرتهم في قضايا سياسية، وحتى أمنية، فاشلة. إنهم يخطئون في أحيان كثيرة، ومحقون في أحيان كثيرة. وهم أخطأوا هنا بشأن الحلف الدفاعي».
وأضاف: «غابي أشكنازي، عندما كان رئيساً لأركان الجيش، ونائبه يومها بيني غانتس، اعترضا على بناء الجدار على طول الحدود الجنوبية، الذي بفضله منعنا تسلل تسونامي المهاجرين الأفارقة ورجالات (داعش) من سيناء». وسئل عما إذا كان هو نفسه أيضاً قد عارض مثل هذا الحلف، عندما اقترحوه عليه في سنة 1996، فتهرب من الجواب، وقال: «لقد بدأت بالتحدث عن ذلك مع (الرئيس الأميركي الأسبق بيل) كلينتون، ولم ننهِ ذلك. والحقيقة هي أننا لم نتقدم. لكن مع من أمكنني التحدث منذئذ، مع أوباما؟». ورفض فكرة أن حلفاً كهذا سيقيد أيدي إسرائيل، مشيراً إلى أن بريطانيا موجودة في حلف كهذا مع الولايات المتحدة، في إطار «الناتو» لكن «لديها الحرية بتنفيذ عمليات عسكرية في فوكلاند. وكذلك الأمر بالنسبة لفرنسا، وهي عضو في (الناتو) أيضاً، وتشن هجمات في مالي وأفريقيا، ولا تطلب مصادقة الولايات المتحدة».
وتابع نتنياهو أن حلفاً كهذا يسمح للجيش الإسرائيلي بتنفيذ عمليات عسكرية، ملمحاً إلى أن اتفاقاً حول ذلك سيشمل تحفظات بشأن عمليات الجيش الإسرائيلية «في ظروف خاصة»، وبضمنها تلك المتعلقة بإيران، وقال: «الظروف الخاصة تستوجب حرية عمل لنا. وحلف كهذا لا يحل مكان الخيار العسكري الإسرائيلي، ولا يمكنه أن يكون ملائماً لأوضاع متطرفة لا أريد تفصيلها هنا، الآن».