أشهر خمسة وسطاء في أفريقيا

خلال الستين سنة الماضية عاشت القارة الأفريقية عدداً كبيراً من الصراعات السياسية التي تحولت إلى صراعات مسلحة، بعضها بين الدول، والآخر داخل الدولة الواحدة، وكثير منها أخذ طابعاً عرقياً وثقافياً. ومع كثرة هذه الصراعات، يكثر عدد الوسطاء الأفارقة الذين حاولوا الوصول إلى حلول سلمية توافقية لهذه الأزمات، ولكن قلة منهم نجحوا في تلك المهمة، وفيما يلي أمثلة على القادة والوسطاء الأفارقة الذين وفقوا في إنهاء بعض الأزمات العاصفة في تاريخ القارة:
ــ عمر بونغو، الرئيس الغابوني الراحل الذي يوصف من طرف كثيرين بأنه «الوسيط» الأكثر شهرة في القارة السمراء، وهو الذي استطاع عبر عدد كبير من الوساطات في الصراعات الأفريقية أن يحجز لبلده الصغير مساحة أكبر من حجمه على المستوى القاري والدولي، مستفيداً في ذلك من ثروة نفطية هائلة وشبكة علاقات قوية في مراكز صنع القرار بفرنسا.
نجح بونغو في وساطات قادها منذ 1977، من أنغولا إلى تشاد، مروراً بجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو، حتى تحولت الغابون إلى ملتقى إجباري لجميع المتصارعين في أفريقيا، وكانت آخر وساطة قادها بونغو عام 2008، قبل عام من وفاته، عندما استدعى أطراف الصراع في جمهورية أفريقيا الوسطى، وأقنعهم بوضع الأسلحة والدخول في هدنة.
ــ بليز كومباوري، رئيس بوركينا فاسو السابق الذي قاد لأكثر من ثلاثة عقود واحداً من أفقر بلدان غرب أفريقيا، ولكنه نجح في أن يمنح بلده مكانة دبلوماسية معتبرة، عندما كان وسيطاً ناجحاً في كثير من الصراعات والأزمات التي شهدتها منطقة غرب أفريقيا: أزمة التوغو (1996)، وأزمة كوت ديفوار (2002)، وأزمة غينيا (2008)، وكانت آخر مهمة له هي الوساطة في الحرب التي شهدتها دولة مالي عام 2012، ونجح في التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والحركات الانفصالية.
ــ غناسينغبي إياديما، رئيس توغو السابق الذي نجح في وساطة أنهت الحرب الأهلية في سيراليون، عندما وقعت الحركات المسلحة «اتفاقية لومي» عام 2001، التي قادت لتنظيم انتخابات رئاسية عام 2002، كانت هي النهاية الفعلية لهذه الحرب الدامية.
إياديما جنرال سابق في الجيش، حكم التوغو منذ 1967 حتى وفاته عام 2005، وقاد الوساطة في الحرب الأهلية السيراليونية بصفته رئيساً للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وتم اختياره من طرف المجموعة كوسيط بين أطراف الأزمة في سيراليون.
ــ بيير بويويا، الرئيس السابق لبوروندي الذي لعب أدواراً مهمة في إنهاء كثير من الأزمات السياسية والصراعات المسلحة الدامية في القارة الأفريقية، وهو الذي حكم بوروندي في وضعية صعبة تسعينات القرن الماضي خلال ولايتين رئاسيتين (1993 - 1987) ثم (2003 - 1996).
وبعد أن غادر الحكم، تفرغ للعمل في المنظمة الدولية للفرانكفونية، كما عمل في الاتحاد الأفريقي، وكان مراقباً لكثير من الانتخابات المهمة في القارة، كما كان مبعوثاً لكثير من الأزمات، خصوصاً حين أوفدته المنظمة الدولية للفرانكفونية عام 2007 إلى جمهورية أفريقيا الوسطى لتسوية أزمة سياسية خانقة، والإشراف على الحوار السياسي. وبعد ذلك بعام (2008)، كان مبعوثاً إلى موريتانيا لتسوية الأزمة التي أعقبت الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
ـــ ألفا عمر كوناري، الرئيس المالي السابق (2002 - 1992) الذي انتخب عام 2003 رئيساً للمفوضية الأفريقية، بعد خروجه من السلطة في بلاده، وكان هو المؤسس الفعلي لهذه الهيئة، وحولها إلى فاعلة حقيقية في الأزمات التي تعصف بالقارة، وذلك انطلاقاً من تاريخه السياسي كرجل ديمقراطي وصل إلى السلطة عبر الانتخابات، وغادرها احتراماً للدستور.
استمر كوناري رئيساً للمفوضية الأفريقية حتى عام 2008، تاركاً مكانه للغابوني جان بينغ، وهو الآن يعيش في مالي، ويعد أحد الوجوه الديمقراطية والحكماء الذين يحظون بالتقدير في القارة الأفريقية، ويستدعى دوماً للوساطة في الأزمات.