ديفيد لويز... مدافع لم تفهمه كرة القدم الإنجليزية جيداً

منذ وصول المدافع البرازيلي ديفيد لويز إلى تشيلسي الإنجليزي لأول مرة، قوبل بكثير من الانتقادات والتشكيك في قدراته، فترى البعض يتهمه بالبطء، والبعض الآخر يقول إنه قد اتخذ القرار الخاطئ بانضمامه للفريق اللندني، وإنه الآن في المكان غير المناسب. كما وصفه آخرون بأنه مرتبك بشكل كبير ويفتقد للتركيز، وغير ذلك من حملات التشكيك والانتقادات.
وفي الساعات الأخيرة من سوق الانتقالات الإنجليزية، حط النجم البرازيلي المخضرم الرحال في نادي آرسنال، الذي تعاقد معه من أجل التغلب على نقاط الضعف الواضحة في خط الدفاع. ومع ذلك، لا يزال كثيرون يشككون في قدرات لويز ويرون أنه سيكون عبئاً على دفاع المدفعجية بدلاً من قدرته على مساعدتهم في علاج الأخطاء الدفاعية.
لكن ذلك غير صحيح بالمرة، وتجب الإشارة في هذا السياق إلى أن هناك كثيراً من الأمور المعقدة والمثيرة للخلاف حول انتقال ديفيد لويز من تشيلسي إلى آرسنال في اليوم الأخير من فترة الانتقالات الصيفية. في الحقيقة، لم تفهم كرة القدم الإنجليزية ديفيد لويز بشكل صحيح، وهو الأمر نفسه الذي فعلته مع كثير من اللاعبين من قبل.
وفي الوقت الحالي، فإن الأمر الواضح للغاية في عملية انتقال لويز لآرسنال يتمثل في حملة التشكيك المعتادة في قدراته وإمكاناته والتأكيد على أنه يفتقر إلى الحس السليم، ولا يتمركز بشكل جيد داخل المستطيل الأخضر، وغير ذلك من تلك الاتهامات والانتقادات.
وهناك نقطة واضحة تعكس حالة الارتباك في هذا الصدد. فمن ناحية، يتعرض لويز لهجوم شديد وتشكيك في إمكاناته، ومن ناحية أخرى، لدينا أرقام وإحصائيات تشير إلى أن نجم البرازيل كان إضافة قوية للغاية لأي فريق يلعب له، وأنه قاد تشيلسي للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل عامين تحت قيادة المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي، وقدم أداء في تلك الفترة يشبه الأداء الذي يقدمه النجم الهولندي فيرجيل فان دايك حالياً مع ليفربول، بالإضافة إلى أنه يلعب بأسلوب مميز ويترك بصمة واضحة على أداء فريقه، ويعد أحد أفضل المدافعين في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وهناك كثير من الأمور الأخرى التي تثبت أن لويز مدافع من الطراز الرفيع، من بينها أنه حصل على لقب الدوري في 3 بلدان مختلفة، كما كان صاحب الرقم القياسي لأغلى مدافع في العالم في وقت من الأوقات.
والآن، هناك شيء واحد واضح للغاية، وهو أن ديفيد لويز يعد صفقة رائعة لنادي آرسنال، حتى مع العلم بأنه في الثانية والثلاثين من عمره ولعب ما يقرب من 600 مباراة خلال مسيرته الكروية. وتجب الإشارة أيضاً إلى أن اللاعب الإنجليزي السابق والمحلل الحالي غاري نيفيل قد صنع معروفاً للويز عندما وصفه بأنه يشبه لاعب «البلاي ستيشن»، الذي يتحكم فيه طفل صغير. صحيح أن نيفيل كان يصف لويز بسبب أدائه في مباراة معينة، لكن هذا الوصف كان مضحكاً، والتصق بالمدافع البرازيلي ولن يفارقه بعد ذلك، حيث رسخ نيفيل لفكرة التقليل من قدرات اللاعب والسخرية منه عند ارتكابه أي خطأ.
إننا نسخر من ديفيد لويز لأن أخطاءه غالباً ما تكون قاتلة ولافتة للأنظار، مثل ذلك الخطأ القاتل الذي ارتكبه أمام سون هيونغ مين في مباراة تشيلسي أمام توتنهام هوتسبير على ملعب ويمبلي العام الماضي، حيث تمركز لويز بشكل سيئ للغاية داخل الملعب وفشل في استخلاص الكرة من اللاعب الكوري الجنوبي.
إننا نسخر من ديفيد لويز لأنه عندما يرتكب مثل هذه الأخطاء، فإنه يبدو حزيناً للغاية على شاشات التلفزيون التي تركز على انفعالاته. وفي الوقت نفسه، تشير الإحصائيات والأرقام إلى أن ديفيد لويز لم يرتكب سوى خطأين أسهما بصورة مباشرة في إحراز هدف في مرمى فريقه خلال مسيرته بالكامل في الدوري الإنجليزي الممتاز، بالإضافة إلى أنه يأتي في المركز الثالث من بين جميع مدافعي الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث عدد التمريرات الصحيحة.
وقبل 3 سنوات من الآن، غير لويز طريقة لعبه ليصبح صانع ألعاب في خط دفاع مكون من 3 لاعبين، وقاد تشيلسي للحصول على آخر لقب للدوري الإنجليزي الممتاز. وخلال العام الماضي، تألق لويز أمام مانشستر سيتي على ملعب «ستامفورد بريدج» وأحرز هدفاً أسهم في فوز فريقه على سيتي بقيادة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا.
وعندما يظهر أي مدافع إنجليزي شاب لديه القدرة على تمرير الكرة بشكل صحيح وبناء الهجمات من الخلف للأمام، فإن وسائل الإعلام لا تتوقف عن الإشادة بهذا اللاعب وبقدراته وإمكاناته الهائلة، وبأنه سيكون له مستقبل باهر، لكنها في المقابل لا تفعل الشيء نفسه مع ديفيد لويز رغم أنه يمتلك كل هذه الإمكانات، بالإضافة إلى أنه يمتلك صفات القيادة داخل الملعب، رغم اعترافنا بأنه يرتكب بعض الأخطاء، وهذا طبيعي لأي لاعب، لأنه لا يوجد لاعب لا يخطئ.
وتبقى ركلة الجزاء التي أحرزها ديفيد لويز ضمن ركلات الترجيح التي قادت تشيلسي للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2012 على حساب بايرن ميونيخ الألماني لحظة بارزة في مسيرة اللاعب البرازيلي المخضرم، حيث سدد الكرة في الزاوية العليا للمرمى بكل قوة وإرادة. ورغم أن لويز كان ضمن التشكيلة الأساسية للمنتخب البرازيلي الذي مني بهزيمة تاريخية أمام ألمانيا بسبعة أهداف مقابل هدف وحيد في نهائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل، فلا يجب أن ينسى البعض أن لويز كان أيضاً من قاد راقصي السامبا للدور نصف النهائي للمونديال بالهدف الذي سجله برأسه.
وعند هذه النقطة، يبدو انضمام لويز لآرسنال والعمل مجدداً تحت قيادة المدير الفني الإسباني أوناي إيمري منطقياً تماماً. لقد أمضى لاعب منتخب البرازيل، الذي فاز أيضاً بلقب الدوري الأوروبي 2013 و2019، عامين في باريس سان جيرمان حيث لعب تحت قيادة إيمري مدرب آرسنال الحالي عقب انضمامه للنادي الفرنسي في 2014 قبل أن يعود لستامفورد بريدج.
وقال إيمري بعد ضم لويز: «يملك ديفيد خبرة هائلة وأتطلع قدماً للعمل معه مرة ثانية. إنه لاعب معروف وسيضيف مزيداً لقوتنا الدفاعية».
ليس هناك أي شك في أن دفاع آرسنال الضعيف قد يضع لويز في كثير من المشاكل والمواقف الصعبة خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وعلاوة على ذلك، تجب الإشارة أيضاً إلى أن لويز لديه القدرة على رفع الروح المعنوية لزملائه في الفريق من حوله، وهو الأمر الذي سيساعد الفريق كثيراً.
ومنذ 4 سنوات من الآن، كان المدير الفني السابق لآرسنال أرسين فينغر حريصاً على التأكيد أن المدافع الذي ضمه الفريق في ذلك الوقت غابرييل باوليستا «ليس مثل ديفيد لويز». ومنذ ذلك الحين، فاز ديفيد لويز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزية والدوري الأوروبي، والدوري الفرنسي الممتاز مرتين، وكأس فرنسا مرتين، كما اختير ضمن فريق العام في كل من فرنسا وإنجلترا.
ويبدو من الإنصاف القول إنه لو تعاقد آرسنال مع ديفيد لويز في ذلك الوقت لربما فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرة واحدة على الأقل منذ ذلك الحين. وفي الوقت الحالي، تعاقد آرسنال مع لويز في وقت متأخر بعض الشيء، لكن من المؤكد أن المدافع البرازيلي لديه القدرات والإمكانات التي تؤهله لتقديم الكثير للمدفعجية خلال الفترة المقبلة.