زيادة عدد المرشحين تؤجج الصراع على كرسي الرئاسة في تونس

قدم مرشحون تونسيون جدد ملفاتهم إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من أجل خوض الانتخابات الرئاسية في تونس.
وتضمنت الدفعة الجديدة اسم نور الدين حشاد، ابن الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد، وعبد الرؤوف العيادي، رئيس حزب حركة وفاء. وحصل حشاد على 26 ألف توقيع من الناخبين المسجلين، موزعين على 23 دائرة انتخابية، فيما تقدم العيادي بملف الترشح مدعوما بتوقيع 14 نائبا من المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان). ومن المنتظر أن تتعزز لائحة المرشحين بأسماء أخرى، من بينها المنذر الزنايدي، الوزير السابق في حكومات بن علي، والمنصف المرزوقي، الرئيس التونسي الحالي، والقاضية كلثوم كنو.
ومن المتوقع أن تسجل الترشحات لخوض الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل أرقاما غير مسبوقة، إذ وصل عدد المرشحين حاليا إلى 12 مرشحا، ووفق روزنامة المواعيد الانتخابية، سيغلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية الاثنين 22 سبتمبر (أيلول) الحالي، على أن يعلن شفيق صرصار، رئيس هيئة الانتخابات، عن اللائحة النهائية والرسمية للترشحات يوم 29 من نفس الشهر.
وشهدت الساحة السياسية التونسية تنافسا حادا وبروز عدة تجاذبات، بعضها كان عنيفا للغاية، وتجاوز حدود الصراع على كرسي الرئاسة، حيث عمد البعض إلى استخدام الملفات الطبية للمرشحين في محاولة لحسم الصراع قبل الأوان، والتخلص التدريجي من بعض المنافسين. وكمثال على ذلك فقد قدم مصطفى كمال النابلي، المحافظ السابق للبنك المركزي التونسي، شهادة طبية تثبت سلامته الجسدية، في إشارة واضحة إلى الباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس، الذي انتقده خصومه بسبب تقدمه في السن (89 سنة)، واحتمال إصابته ببعض الأمراض التي تمنعه من تحمل أعباء الحكم.
وفي محاولة لاستباق الحروب المفتوحة بين المتنافسين، اتهم كمال مرجان، وزير الخارجية السابق في عهد بن علي ورئيس حزب المبادرة الدستورية، هيئة الانتخابات السابقة بتزوير انتخابات المجلس التأسيسي التي جرت بوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وقال إن مية الجريبي، الأمينة العامة الحالية للحزب الجمهوري، استفادت من ذلك الوضع، وفازت في الانتخابات التي جرت في دائرة بن عروس على حساب المنجي بحر، مرشح حزب المبادرة في نفس الدائرة الانتخابية، والمعني الأساسي بهذه الزوبعة ليست مية الجريبي، بل أحمد نجيب الشابي القيادي في الحزب الجمهوري الذي قدم ملف ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية. لكن الحزب الجمهوري رد على ذلك بتقديم شكوى قضائية ضد مرجان، وهو ما جعل عدة قيادات سياسية تنتبه إلى المعركة المبكرة بين أحمد الشابي وكمال مرجان، باعتبارهما من بين الأسماء المطروحة ضمن مبادرة الرئيس التوافقي التي تتمسك بها حركة النهضة.
ومثل كمال مرجان أمس أمام المحكمة الابتدائية في تونس، واستمع القضاء إلى أقواله على خلفية تصريحاته التي وردت على لسانه في برنامج تلفزي، وقال فيه إن انتخابات 2011 مزورة.
من جهة ثانية، أضفى إعلان حمادي الجبالي، الأمين العام السابق لحركة النهضة، أمس، تخليه عن الترشح للانتخابات الرئاسية، تأجيجا إضافيا للصراع القائم بين المتنافسين، لقناعتهم أن المنصب الرئاسي مرتبط بثقل حركة النهضة ودعمها، خاصة في حال تنظيم دورة رئاسية ثانية بين المتنافسين. لكن متابعين للشأن السياسي أقروا بخسارة مرجان في هذه الجولة من الحرب على الأقل، وأشاروا إلى ضعف الاستشارة السياسية داخل محيطه نتيجة تشكيكه في فوز حزب عرف بنضاله الطويل، مما جعل قيادات الحزب الجمهوري تذكره بماضيه السياسي، وتتهمه بالمشاركة في تزوير الانتخابات في عهد بن علي.
على صعيد متصل، أظهرت أسماء اللوائح الانتخابية البرلمانية تفنن بعض المرشحين في اختيار أسماء غريبة وطريفة وخارجة عن المألوف أطلقوها على اللوائح الانتخابية، بهدف جلب انتباه التونسيين. وكمثال على ذلك ففي الجنوب التونسي، تركزت الأسماء على شجرة النخيل وتم اختيار اسم «الجريد» أو «مجد الجريد»، أو «النخلة»، وركزت لوائح انتخابية أخرى على ميزات الدائرة الانتخابية، حيث اختارت أسماء من قبيل «شمس الجنوب» أو «صوت الريف»، أو «ورد أريانة» أو «الزيتونة»، أو لائحة «الشهيد»، في إشارة إلى محمد البراهمي، الذي اغتيل يوم 25 يوليو (تموز) 2013 على يد عناصر متطرفة. كما عملت لوائح انتخابية أخرى على استغلال التصريحات السياسية والنعوت العربية، مثل اسم «الوعد الصادق»، وهو قول مأثور لحسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، و«الصمود» و«الفجر»، و«الميعاد» و«الأحرار»، و«الفجر الساطع»، و«الفلاقة»، في إشارة إلى من حاربوا الاستعمار الفرنسي. أما بالنسبة للأسماء الطريفة فقد برزت عدة أسماء غريبة، على غرار «البؤساء»، و«العين الساهرة»، و«العبور»، و«العين الحمراء».