ما أشبه الليلة بالبارحة... رغبة آرسنال في التعاقد مع زاها تذكر بما حدث مع رايت

اعتاد رون نودز، الرئيس السابق لنادي كريستال بالاس الإنجليزي، على رواية قصة حول اليوم الذي ذهب فيه اللاعب إيان رايت إليه باكيا ويترجاه أن يوافق على انتقاله لنادي آرسنال في سبتمبر (أيلول) عام 1991، وقال نودز لي في عام 2012: «كان لدينا عرض بقيمة 2.5 مليون جنيه إسترليني، وهو ما كان يعد مبلغا كبيرا للغاية في ذلك الوقت. وجاء إيان إلى منزلي وهو يبكي وسألني لماذا لم نقبل العرض. أتذكر أنها كانت محادثة عاطفية للغاية في مطبخي، لكنني في النهاية وافقت على السماح له بالرحيل».
وانضم رايت إلى آرسنال وهو في السابعة والعشرين من عمره بعدما ساعد كريستال بالاس على الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز وإنهاء الموسم التالي في المركز الثالث، بفارق 14 نقطة عن متصدر جدول الترتيب والحاصل على اللقب في ذلك الموسم آرسنال. وعلى مدار الأعوام السبعة التالية، أصبح رايت أفضل هداف في تاريخ «المدفعجية» برصيد 185 هدفاً في 288 مباراة وأثبت أنه يستحق الأموال التي دفعها آرسنال للحصول على خدماته.
وبعد ما يقرب من ثلاثة عقود، ومع تغير الشخصيات، هناك الكثير من أوجه التشابه مع الموقف الذي يواجهه كريستال بالاس في الوقت الراهن مع أبرز لاعبي الفريق وهو ويلفريد زاها. فقد تم استبدال نودز – تلك الشخصية المثيرة للجدل في كثير من الأحيان والذي توفي في ديسمبر (كانون الأول) 2013 – وجاء الرئيس المالك لنصف أسهم النادي ستيف باريش، المعروف بأنه الرجل المسؤول عن قيادة كريستال بالاس للظهور بشكل جيد في الدوري الإنجليزي الممتاز على مدار المواسم الستة الماضية، وإن كان السبب في ذلك يرجع إلى حد كبير إلى وجود زاها - الذي ساعد كريستال بالاس أيضا على الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز في مايو (أيار) 2013.
وقبل ذلك التاريخ بأربعة أشهر، كان زاها قد وقع عقدا للانضمام إلى مانشستر يونايتد مقابل عشرة ملايين جنيه إسترليني، لكنه أمضى معظم العامين التاليين يلعب على سبيل الإعارة، في البداية مع كارديف سيتي ثم مع كريستال بالاس. ومنذ عودته إلى كريستال بالاس بصفة دائمة في فبراير (شباط) 2015، لم يكن من قبيل المبالغة القول بإن اللاعب الذي نشأ في منطقة قريبة للغاية من مقر النادي كان هو السبب الرئيسي في أن يمر النادي، الذي انضم إليه وهو في الثانية عشرة من عمره، بأكثر فترة ناجحة في تاريخه. لقد صنع زاها عددا كبيرا من الأهداف وأحرز 26 هدفا في مواسمه الثلاثة الأخيرة، بالشكل الذي ساعد النادي على احتلال المراكز الرابع عشر والحادي عشر والثاني عشر على التوالي، وهو ما عزز من سمعة زاها باعتباره أحد أفضل اللاعبين خارج الأندية الستة الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ثم هناك آرسنال، الذي لم يعد بنفس القوة التي كان عليها في عهد مديره الفني السابق جورج غراهام في عام 1991، وتشير تقارير إلى أن المدير الفني الإسباني أوناي إيمري قد حصل على 50 مليون جنيه إسترليني فقط من أجل تدعيم صفوف فريقه خلال الأسابيع القليلة القادمة بعد الفشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا. وبالتالي، فإن العرض الذي يبعث على السخرية والذي قدمه آرسنال خلال الأسبوع الجاري لزاها مقابل 40 مليون جنيه إسترليني قد جعل مسؤولي كريستال بالاس يشعرون بالغضب، نظرا لأن هذا المبلغ يقل عن نصف القيمة المالية التي يريدها النادي للتخلي عن خدمات اللاعب البالغ من العمر 26 عاماً، والذي يقود منتخب كوت ديفوار في كأس الأمم الأفريقية التي تحتضنها مصر حاليا.
وبعدما غاب زاها عن التشكيلة الأساسية لمنتخب كوت ديفوار بقيادة المدير الفني إبراهيم كمارا في أول مباراتين في البطولة، شارك اللاعب في المباراة التي خسر فيها منتخب بلاده أمام المغرب بهدف دون رد، في نفس اليوم الذي توصل فيه مانشستر يونايتد لاتفاق لضم زميله في كريستال بالاس، آرون وان بيساكا. إن انتقال بيساكا لمانشستر مانشستر يونايتد بمقابل مادي كبير وصل إلى 45 مليون جنيه إسترليني، بالإضافة إلى خمسة ملايين أخرى في صورة حوافز مالية، بالنسبة للاعب شارك في أقل من 50 مباراة مع الفريق الأول يعد دليلا واضحا على أن كريستال بالاس لن يدع زاها، الذي يعد أفضل لاعبي الفريق، يرحل بمقابل مادي زهيد.
ومنذ انتقال زاها إلى كريستال بالاس بصفة دائمة – بموجب عقد ينص على أحقية مانشستر يونايتد في الحصول على 25 في المائة من قيمة صفقة إعادة بيع اللاعب لأي ناد آخر – قدم اللاعب الإيفواري مستويات استثنائية، بالشكل الذي جعل مسؤولي النادي يرفعون الراتب الأسبوعي له من نحو 30 ألف جنيه إسترليني إلى أكثر من 120 ألف جنيه إسترليني. وكان العامل الرئيسي وراء ذلك هو رئيس النادي باريش، الذي تصرف بشكل مناقض تماما لتصرفات نودز عندما حاول رايت الانتقال لآرسنال، لأنه يدرك جيدا أن زاها كان صاحب الدور الأبرز في بقاء الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز كل موسم. وكانت النتيجة هي رفع أجر زاها والتوقيع معه على عقد جديد يحميه من إغراءات الكثير من الأندية الأخرى التي تسعى للحصول على خدماته، بما في ذلك توتنهام هوتسبير، كما ساعد باريش زاها على شراء المنزل القديم لنودز في عام 2015 مقابل 2.5 مليون جنيه إسترليني - وهو بالصدفة نفس المبلغ الذي دفعه آرسنال للحصول على خدمات رايت كل تلك السنوات.
وقد ظهر هذا المنزل في البرنامج التلفزيوني «زوجات لاعبي كرة القدم» في الماضي، لكن لا يُعرف ما إذا كان حمام السباحة الموجود في المنزل لا يزال يحمل شعار كريستال بالاس على بلاطه السفلي كما كان الأمر في اليوم الذي ذهب فيه رايت لزيارة نودز في منزله في ذلك اليوم أم لا! لكن على الرغم من أن المطبخ قد لا يشهد نفس المشاهد الدرامية هذا الصيف، فإن الإشاعات المزعجة بأن زاها قد حصل على تطمينات بأنه سيُسمح له بالرحيل هذا الصيف في حالة تلقيه عرضا مناسبا قد تجعل أنصار كريستال بالاس يشعرون بالخوف من أن يصل كل شيء إلى النهاية.
ولا يرغب الكثيرون في حرمان زاها من فرصة إثبات أنه يمكنه التألق في مستويات أعلى بعد العطاء الكبير الذي قدمه لكريستال بالاس خلال السنوات الماضية، لكنهم يشعرون بالقلق أيضاً من احتمال خسارة النادي لخدمات لاعب أصبح مهما للغاية في صفوف الفريق. وما يزيد الأمور تعقيدا هو أن زاها موجود الآن في القاهرة للمشاركة مع منتخب كوت ديفوار في نهائيات كأس الأمم الأفريقية، بعيدا عن باريش، في ظل تصريحات شقيقه جوديكايل بوريس رودريجويشود خلال الأسبوع الجاري بأن زاها يرغب في الانتقال إلى النادي الذي كان يشجعه وهو طفل. وقد لعب شقيقه الآخر، هيرفي، دور المستشار للجهة التي عملت على انتقال وأن بيساكا إلى مانشستر يونايتد، وكان وكيل أعمال زاها لعدة سنوات.
وقد لعب الشقيقان دورا مهما في انتقال زاها لمانشستر يونايتد عام 2013، وهو في العشرين من عمره. وكان آرسنال يحاول التعاقد مع زاها في ذلك الوقت أيضا، لكن آرسين فينغر رفض زيادة العرض المالي إلى ثمانية ملايين جنيه إسترليني وإعارة اللاعب لبقية الموسم، وهو الأمر الذي وافق عليه مانشستر يونايتد بقيادة مديره الفني الأسطوري السير أليكس فيرغسون. لكن يبدو أن آرسنال سيكون أكثر جدية هذه المرة في سعيه للحصول على خدمات زاها، خاصة في ظل الشكوك التي تحوم حول مستقبل مسعود أوزيل مع الفريق.