ارتفاع الصادرات الألمانية لا يبدد مخاوف النمو

ارتفع الفائض في الميزان التجاري الألماني في مايو (أيار) إلى 18.7 مليار يورو (20.5 مليار يورو قبل التعديلات الموسمية)، بحسب بيانات رسمية صدرت الاثنين، بعد تحسّن الطلب الخارجي مقارنة بالشهر السابق، إلا أن محللين أشاروا إلى أنه لا يزال من المبكر تخطي الحذر بشأن تأثر القطاع الصناعي الألماني بالكثير من الضغوط، خاصة في ظل بيانات أكدت أن ثقة المستثمرين في منطقة اليورو شهدت مزيدا من التراجع في يوليو (تموز)، مخالفة توقعات لارتفاعها.
وارتفعت الصادرات الألمانية بنسبة 1.1 في المائة إلى 113.9 مليار يورو مقارنة بأبريل (نيسان) الماضي، بينما تراجعت الواردات بنسبة 0.5 في المائة إلى 93.4 مليار يورو مقارنة بالشهر نفسه.
وتكتسي التجارة الخارجية أهمية قصوى بالنسبة للاقتصاد الألماني، وهي محط مراقبة عن كثب بعد تدهور المناخ التجاري وسط الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين. ودول الاتحاد الأوروبي ليست بمنأى عن الرسوم الجمركية الأميركية في وقت تخيّم الضبابية على الاقتصاد العالمي. وتترافق النتائج الإيجابية الاثنين مع أرقام تظهر انتعاشا طفيفا في الإنتاج الصناعي في مايو.
ووصل إجمالي صادرات ألمانيا خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي إلى 560.1 مليار يورو، بزيادة نسبتها 2.4 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي. كما أظهرت بيانات منفصلة من مكتب الإحصاءات ارتفاع الناتج الصناعي 0.3 في المائة على أساس شهري، متجاوزا التوقعات بزيادة نسبتها 0.4 في المائة... لكن محللين حذّروا من أنه من المبكر جدا القول إن الأمور قد استتبت.
وقال كارستن برزسكي من مجموعة «آي إن جي» المالية الدولية إن «الجانب الإيجابي هو أن الاقتصاد الألماني لا يتدهور». وأضاف أن «الجانب السلبي هو أن التحسن ضعيف جدا لتبرير أي تفاؤل»، قائلا: إنه «من الواضح أن القطاع الصناعي لا يزال يعاني من جراء التغيرات الهيكلية والنزاعات التجارية القائمة».
وفي ذات السياق، قال باحثون في الاقتصاد الكلي في مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس»، ومقرها لندن، إن «الزيادة الطفيفة في الإنتاج في شهر مايو لا تعني نهاية الاتجاه الهبوطي لقطاع التصنيع في ألمانيا». وأضافوا: «على العكس، فإنه يبدو من شبه المؤكد أن الإنتاج تراجع في الربع الثاني بشكل عام، ما يساهم في تباطؤ حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي بألمانيا، كما أن استطلاعات الرأي لشهر يونيو (حزيران) الماضي كانت متشائمة».
ولفتت «كابيتال إيكونوميكس» إلى أنه رغم أن الصادرات ارتفعت في مايو، فإن هناك تراجعا بنسبة 2 في المائة في أبريل وفقا للأرقام المعدلة، وهو ما يعني تراجع صادرات الربع بأكمله حتى إن ظلت البيانات ثابتة لشهر يونيو.
وتأتي المخاوف متزامنة مع مسح أظهر أمس أن ثقة المستثمرين في منطقة اليورو شهدت مزيدا من التراجع في يوليو، مخالفة توقعات لارتفاعها، إذ فشلت مؤشرات إيجابية من أسواق الأسهم في تهدئة مخاوف المستثمرين الذين لا يتوقعون اتفاقا فيما يتعلق بالنزاع التجاري قريبا.
وقالت مجموعة سنتكس للأبحاث إن مؤشرها لمعنويات المستثمرين بمنطقة اليورو نزل إلى «سالب 5.8» نقطة في يوليو، من مستوى «سالب 3.3» نقطة في الشهر السابق عليه، ليأتي دون توقعات محللين البالغة 0.1 نقطة، وهذه أدنى قراءة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014.
وهوى مؤشر فرعي لألمانيا إلى «سالب 4.8» نقطة، من «سالب 0.7» الشهر الماضي، وهي أدنى قراءة في نحو عشر سنوات. وقال باتريك هاسي مدير سنتكس عن ألمانيا إن «الاعتماد الكبير على الصادرات وسوق مبيعات الصين يتحول بشكل متزايد إلى عبء، والنزاع التجاري معلق كسيف فوق رأس من كان يوما الممثل لمنطقة اليورو».
وقال عن أكبر اقتصاد في أوروبا: «يبدو أن الركود لا يمكن تجنبه».
واتفقت الولايات المتحدة والصين أواخر يونيو الماضي على البدء من جديد في محادثات تجارة. وقالت سنتكس إن 916 مستثمرا شاركوا في مسحها الذي أجري بين الرابع والسادس من يوليو.