إقالة مويز من منصبه سريعاً تلخص المشاكل التي يعاني منها مانشستر يونايتد

يمكننا أن نتخيل في عالم موازٍ قيام المدير الفني الاسكوتلندي ديفيد مويز بتنظيم حفل صغير في نهاية الأسبوع الماضي، يدعو خلاله عدداً قليلاً من الأصدقاء المقربين للاحتفال بإنهاء أول عقد له مع مانشستر يونايتد الذي استمر لمدة 6 سنوات. ودعونا نتخيل أيضاً أن مويز كان يعرف جيداً أنه سيبقى في مانشستر يونايتد لسنوات كثيرة أكثر من ذلك، وبالتالي منح نفسه الحق في فرض شروطه الخاصة بعد الأداء الاستثنائي الذي قدمه مع الفريق في موسم 2015 - 2016. عندما تعاقد مع جيمي فاردي، وقاد النادي للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي ونجح في إقناع ديفيد جيل بالعودة لتولي منصب المدير التنفيذي للنادي بدلاً من المتعثر إد وودوارد!
وفي الوقت الذي لا يزال فيه الجميع يتذكر النجاح الذي حققه مانشستر يونايتد أمام غريمه التقليدي مانشستر سيتي على المستوى الأوروبي، يعتقد مويز أنه سيكون من المناسب أن يُذكر الجميع بأنه قد عُرض عليه في البداية عقد لمدة 6 سنوات فقط، وليس أكثر من ذلك! أما نحن فدعونا نذكر بأن كل ما سبق عبارة عن تخيلات وافتراضات كان من الممكن أن تحدث لو استمر مويز في منصبه ولم يرحل سريعاً عن «أولد ترافورد».
في الحقيقة، لا يوجد شيء في كرة القدم، أو في أي مجال آخر من مجالات النشاط الإنساني، أصعب من محاولة التنبؤ بالمستقبل. لقد تصرف السير أليكس فيرغسون ومانشستر يونايتد بنيات حسنة في عام 2013 عندما أسندا مهمة تدريب الفريق لمويز، لكن لم يكن أي شخص يتخيل في ذلك الوقت أن مسيرة مويز التدريبية ستتراجع بهذه السرعة الفائقة، حيث هبط مع نادي سندرلاند، وهدد مراسلة «بي بي سي»، فيكي سباركس، بأنه سيصفعها وأنه يتعين عليها أن تكون حذرة في المرة المقبلة التي ستأتي فيها إلى ملعب الفريق، وأخفق في كثير من الأمور الأخرى. ولم يكن أحد يتخيل أن 4 مديرين فنيين سيتولون قيادة الفريق بعد ذلك ولم يحققوا النجاح المتوقع.
ورغم الانتقادات القاسية التي توجه لمانشستر يونايتد في الوقت الحالي، فعندما يقف المرء خارج ملعب «أولد ترافورد» فإنه سيدرك على الفور أن هذا النادي أكبر بكثير مما كان عليه قبل 30 عاماً، وأنه ما زال هو الأكبر بين باقي الأندية الإنجليزية. وعندما يقول جمهور مانشستر يونايتد إنه لا يشعر بالقلق نظراً لأن المدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير هو من يتولى قيادة الفريق، فإن هذا يعد تسطيحاً للأمور في حقيقة الأمر. لا أحد يرغب في أي ضرر لسولسكاير - فهو شخصية محبوبة ويعمل في ظل ظروف صعبة للغاية - لكن لا يتوقع أحد أن يكون مانشستر يونايتد نداً قوياً للأندية الأربعة الأولى في جدول الترتيب خلال الموسم المقبل أيضاً.
ويتعين على وودوارد أن يلاحظ أن ليفربول ومانشستر سيتي قد استفادا كثيراً من التعاقد مع اثنين من المديرين الفنيين الذين سبق لهم الفوز بالبطولات والألقاب في ألمانيا وإسبانيا، وربما الأهم من ذلك وضع استراتيجيات واضحة فيما يتعلق بالتعاقد مع اللاعبين الجدد. كما أن توتنهام هوتسبير يقوده المدير الفني الأرجنتيني، ماوريسيو بوكيتينو، الذي يحظى بتقدير كبير في كرة القدم الإنجليزية (وفي مانشستر يونايتد أيضاً الذي كان يسعى للتعاقد معه)، بالإضافة إلى رئيس النادي دانييل ليفي. لكن في الجهة المقابلة، يبدو مانشستر يونايتد عاجزاً منذ فترة طويلة عن إيجاد شخص مناسب لتولي منصب مدير الكرة!
ويُعتقد أن السير أليكس فيرغسون يفضل أن يتولى ستيف وولش هذا المنصب، رغم الفترة غير الموفقة التي قضاها الكشاف السابق لنادي ليستر سيتي مع نادي إيفرتون، لكن ما زال من غير الواضح ما إذا كان مجلس إدارة مانشستر يونايتد يريد التعاقد مع أي شخص آخر في هذا المنصب أم لا. ويذكرنا الحديث عن ليستر سيتي بموسم 2016 الذي حصل فيه الفريق على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في مفاجأة من العيار الثقيل لم يكن يتخيلها أي شخص على الإطلاق، وهو ما يعطي الكثيرين الأمل في أنه يمكن تحقيق أي شيء في ظل أصعب الظروف. لكن تجب الإشارة أيضاً إلى أن ليستر سيتي قد فاز باللقب في هذا الموسم، نظراً لأن الأندية الستة الكبرى كانت في مرحلة انتقالية أو تعاني من هبوط ملحوظ في المستوى.
ولن يحدث هذا الأمر خلال الموسم المقبل، إذ إن مانشستر سيتي وليفربول وتوتنهام هوتسبير يقدمون مستويات رائعة، وفي ظل احتمال رحيل عدد من اللاعبين الأساسيين عن مانشستر يونايتد هذا الصيف، فمن المتوقع أن يكون الموسم المقبل أكثر صعوبة بالنسبة لسولسكاير.
لكن ربما لن يكون الموسم المقبل مع سولسكاير أكثر صعوبة من أول موسم لديفيد مويز مع «الشياطين الحمر»، إذ لم يتمكن مويز من السيطرة على اللاعبين ولم يحظَ بالقدر نفسه من الاحترام الذي كان يتمتع به فيرغسون بين اللاعبين.
وربما كان الخطأ الأكبر الذي ارتكبه مانشستر يونايتد يتمثل ببساطة في أنه لم يدرك الحجم الذي نما به النادي خلال 27 عاماً تحت قيادة فيرغسون، وأن التفكير في مشكلة يواجهها الفريق في عام 2013 بطريقة التفكير نفسها التي لجأ إليها النادي عام 1986 (عندما أسند مهمة تدريب الفريق لفيرغسون) كان دائماً محفوفاً بالمخاطر. لكن لكي نكون منصفين، تجب الإشارة إلى أن المديرين الفنيين الذين تولوا مهمة تدريب الفريق بعد ذلك قد أخفقوا أيضاً، مع احتمال أن يواجه سولسكاير هو الآخر صعوبة كبيرة في التغلب على هذا الأمر.
ويأمل المرء أن يستمتع مويز بوقته على أي حال، ربما بابتسامة ساخرة على الطريقة التي سارت بها الأمور بشكل كان خارجاً عن إرادته. ويمكنه أن يدعو المدير الفني الإسباني رفائيل بينيتيز للانضمام إليه، نظراً لوجود كثير من القواسم المشتركة بينهما رغم بعض الاختلافات الصارخة في التجربة الأخيرة لكل منهما. لقد رحل بينيتيز عن نادي نيوكاسل يونايتد بعد انتهاء عقده الذي استمر لمدة 3 سنوات، ويبدو أن بينيتيز قد سئم من طريقة إدارة مالك النادي، مايك آشلي، للأمور.
لقد كان نيوكاسل يونايتد يعاني من الفوضى عندما تولى بينيتيز المسؤولية. ورغم أن مستقبل النادي سيظل دائماً محل شك في ظل الملكية الحالية لآشلي، فمن المؤكد أن المدير الفني السابق لليفربول وريال مدريد قد قام بعمل مثير للإعجاب في ظل موارد النادي المحدودة. وقد كان بينيتيز محبوباً للغاية من قبل لاعبي الفريق، كما كان نحو 52 ألف متفرج يهتفون باسمه، لكن نيوكاسل يونايتد خسر أكثر مدير فني محبوب وناجح في تاريخ النادي منذ السير بوبي روبسون.
وأعلن بينيتيز أمس أنه سيشرف على تدريب نادي داليان ييفانغ الذي يلعب في الدوري الصيني. وكتب بينيتيز (59 عاماً) على موقعه بـ«تويتر»: «بعد مشوار طويل... نبدأ تحدياً جديداً! أنا سعيد لبدء هذا المشروع الجديد مع داليان ييفانع».
وكان بينيتيز الفائز بدوري أبطال أوروبا مع ليفربول عام 2005، قرر الافتراق عن نيوكاسل الذي حل في المركز 13 الموسم الماضي في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق من أجل تمديد عقده الذي كان ينتهي في 30 يونيو (حزيران) الماضي.
وتسلم بينيتيز مهمة الإشراف على نيوكاسل في مارس (آذار) 2016 خلفاً لستيف ماكلارين، بعقد يمتد لـ3 أعوام، لكنه لم يتمكن من إبقائه في الدوري الممتاز رغم إنهائه الموسم بـ6 مباريات متتالية دون هزيمة.
إلا أن المدرب السابق لفالنسيا وريال مدريد وليفربول وتشيلسي وإنتر ميلان ونابولي أعاد الفريق مجدداً إلى الدوري الممتاز في الموسم التالي.
وفي النهاية، تجب الإشارة إلى أن كرة القدم دائماً ما تشهد انتقال المديرين الفنيين من نادٍ إلى آخر، مع بعض الاستثناءات القليلة، وحصولهم على مقابل مادي جيد للغاية، لكن ملاك الأندية هم الذين يستمرون في أماكنهم، رغم أنهم هم من يكونون مصدر إحباط للجماهير في كثير من الأحيان!