هونغ كونغ تحيي ذكرى عودتها إلى الصين بمواجهات عنيفة

اقتحم متظاهرون معادون للحكومة الموالية لبكين مقر البرلمان في هونغ كونغ، بمناسبة ذكرى إعادة المستعمرة البريطانية السابقة للصين، فيما أصدرت شرطة هونغ كونغ أوامر للمتظاهرين بالانسحاب تحت طائلة استخدام «القوة اللازمة»، وأدانت الحكومة «العنف المفرط» للمتظاهرين.
ورفع المتظاهرون العلم البريطاني على مقر البرلمان، بعد أن اقتحموه إثر تحطيم الأبواب الزجاجية، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وكانت قوات الأمن قد لجأت إلى داخل المبنى، بعد أن استخدمت رشاشات الفلفل لإبعاد المتظاهرين.
وكتب على يافطة علقها المحتجون: «المتظاهرون ليسوا عنيفين. إنه رد فعل على الاستبداد». وشكل المبنى مركز المظاهرات خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة للمطالبة بسحب مشروع قانون للحكومة يسمح بتسليم مطلوبين للصين.
وفاقمت المواجهات الأخيرة التوتر، في حين كانت حركة الاحتجاجات ضد مشروع قانون طرحته الحكومة يرمي إلى السماح بتسليم مطلوبين للصين لا تزال سلمية إلى حدّ بعيد حتى يوم أمس.
وأدّى النص الذي تمّ تعليقه لاحقاً إلى خروج مظاهرات حاشدة، وصل عدد المشاركين فيها إلى مليونين، في 16 يونيو (حزيران)، بحسب المنظمين، من أصل عدد سكان يبلغ 7 ملايين نسمة. وخرجت مسيرة حاشدة بعد ظهر أمس، تضمّ عشرات آلاف المتظاهرين، في وسط المدينة، في ذكرى إعادة المستعمرة البريطانية السابقة للصين عام 1997.
وقالت إحدى المتظاهرات، وتدعى إيمي سيو، وهي محاسبة تبلغ 37 عاماً: «عندما سمعت أن مواجهات وقعت خارج (البرلمان)، شعرت فعلاً بالقلق»، وأضافت: «أقلق على أمن هؤلاء الشباب؛ آمل أن يتصرفوا بحكمة»، فيما قال متظاهر يبلغ 80 عاماً، لم يكشف إلا عن اسم عائلته: «لا أتّهم الشباب، أتّهم الحكومة».
وفي وقت سابق من يوم أمس، سيطرت مجموعات صغيرة من المحتجين، معظمهم شبان ملثمون، على المحاور الثلاثة الرئيسية في وسط هونغ كونغ، وأقاموا عوائق معدنية وبلاستيكية لقطع حركة السير.
وقال سام مو، وهو فنان يتظاهر حاملاً علماً أسود، إنه «رمز سقوط مدينتنا»، مضيفاً لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الحريات في مدينتنا تتراجع، نتّجه إلى نظام متسلط».
وتصدت للمتظاهرين قوات كثيفة من شرطة مكافحة الشغب المجهزة بالخوذات والدروع، وهاجمتهم قوات حفظ النظام بالهراوات وغاز الفلفل. وتنعم هونغ كونغ بموجب الاتفاق الذي تمت على أساسه إعادتها للصين بحريات لا يعرفها باقي أنحاء الصين، عملاً بمبدأ «بلد واحد.. ونظامان» الذي يضمن لهونغ كونغ حكماً شبه ذاتي حتى عام 2047 مبدئياً.
وأعربت بريطانيا أمس عن دعمها «الثابت» للحريات في هونغ كونغ.
وبعدما بدأت الحركة الاحتجاجية رفضاً لمشروع القانون، اتّسعت للتنديد بصورة عامة بعمل الحكومة التي لم يعد سكان هونغ كونغ بمعظمهم يثقون بها، إذ يتهمونها بأنها سمحت بل شجعت على تراجع حرياتهم. وينظّم مؤيدو الديمقراطية من كل الأطياف كل سنة في ذكرى عودة هونغ كونغ للصين مظاهرة، يرددون خلالها مطالبهم بالديمقراطية، ومن ضمنها انتخاب رئيس للسلطة التنفيذية المحلية بالاقتراع العام.
وسجلت مشاركة حاشدة في هذه المظاهرة خلال السنوات الأخيرة. وفي 2014، أدى التيار المطالب بالديمقراطية إلى قيام ما عرف بـ«ثورة المظلات» التي احتلت مراكز تجارية واستراتيجية في المدينة، من غير أن تنجح في انتزاع أي تنازل من بكين.
وتجري المظاهرة هذه المرة في سياق احتجاجات معممة ضد مشروع القانون المثير للجدل، ومشاعر غضب حيال أعمال العنف التي اتهمت الشرطة بارتكابها. كما يطالب المتظاهرون باستقالة رئيسة الحكومة كاري لام، ووقف الملاحقات بحق المحتجين الذين أوقفوا في الأسابيع الأخيرة.
وتعمد لام التي تواجه رفضاً شعبياً قياسياً إلى تفادي الظهور منذ أن اضطرت إلى تعليق مشروع القانون. وقد حضرت مراسم رفع العلم أمس، بمناسبة الذكرى الـ22 لعودة هونغ كونغ إلى الصين، وألقت بهذه المناسبة خطاباً قاطعه نائب معارض هتف بشعارات معادية لها، قبل أن يتم إخراجه. وأقرت بأن «ما حصل في الأشهر الأخيرة أثار خلافات ومشاحنات بين الحكومة والسكان»، مستخدمة مرة جديدة خطاب التهدئة الذي تعتمده منذ أيام، من دون أن تتمكن من إخماد الاحتجاجات. وقالت إن «هذا جعلني أعي أن عليّ كسياسيّة أن أدرك وأفهم تماماً مشاعر الشعب».
ويؤكد الناشطون، ومعظمهم طلاب وشباب، أنهم عازمون على مواصلة حملة العصيان المدني. وقال جيسون، وهو محاسب في الـ22 من العمر: «مهما يحصل، لن نفقد الأمل، وسنبقى من أجل ذلك في الشارع»، مضيفاً أن «المقاومة لا تحسم بيوم، بل تحسم على المدى البعيد».