الادعاء العام العراقي: 542 قضية فساد ضد هاربين

كشف الادعاء العام في العراق عن وجود 542 قضية فساد بحق متهمين هربوا خارج البلاد منذ عام 2003، واشتكى من أن غالبية الدول لا تتعاون مع العراق بشأن عملية إعادتهم وتسليمهم إلى السلطات العراقية.
وقالت نائبة الادعاء العام في بغداد، هناء فياض، في بيان أمس، إن «أكثر الدول غير متعاونة في استرداد المجرمين الهاربين خارج العراق، لا سيما عندما يكون وجودهم في دول الأردن وبريطانيا وأميركا».
وهذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها هذا النوع من البيانات عن مكتب الادعاء العام الذي توجه له انتقادات كثيرة عادة من نشطاء ومعنيين بالشأن القضائي، ويأخذون عليه عدم فعاليته وتهاونه في أداء مهامه.
وذكرت هناء فياض أن «العراق، ممثلاً بالقضاء والادعاء العام، يعمل باستمرار على قضية استرداد المتهمين الهاربين، إلا أن الاستجابة من الدول الأخرى غير كافية»، معتبرة أن «استرداد المجرمين مظهر من مظاهر التعاون بين الدول لمكافحة الجرائم والحد من انتشارها، تقوم بموجبه دولة بتسليم شخص يقيم في إقليمها إلى دولة أخرى تطلبه لمحاكمته عن جريمة ارتكبها، أو لتنفيذ حكم صادر بحقه».
وأشارت إلى أن «المشرع العراقي عالج هذا الموضوع من خلال قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي، كما عالج شروط وضوابط وإجراءات وكيفية إصدار قرار التسليم، استناداً للمعاهدة أو الاتفاقية المعقودة بين العراق والدولة طالبة التسليم».
ورغم حديث نائب المدعي العام عن «الدور الفعال» الذي تقوم به مديرية الشرطة العربية الدولية المرتبطة بوزارة الداخلية في إجراءات تسليم المجرمين واستردادهم، فإن المعروف أن السلطات العراقية لم تحقق النجاح المطلوب في قضية استرداد المطلوبين والمتهمين بقضايا الفساد، أو بقية التهم. وقد أعلن منذ عام 2003 حتى الآن عن إعادة نحو 4 إلى 5 شخصيات متهمة بالفساد. وألقت الشرطة الدولية (الإنتربول) في لبنان القبض على شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي بتهم فساد وسوء إدارة، كان آخرها محافظ كركوك السابق نجم الدين كريم، وأمين بغداد السابق نعيم عبعوب، في لبنان وسوريا، لكن السلطات هناك أفرجت عنهما، ولم تسلمهما للسلطات العراقية لأسباب لم تعلن عنها سلطات تلك الدول أو الشرطة الدولية أو السلطات العراقية.
بدوره، يرى رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي أن «تكاسل الجهات المعنية العراقية» يعد العامل الأهم وراء الإخفاق في استرداد المتهمين، وعدم تعاون الدول مع العراق في هذا الملف. ويقول العكيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم تعاون الدول في استرداد المتهمين المطلوبين للقضاء العراقي أسبابه متعددة، بعضها يعود إلى طبيعة التهم الموجهة، وبعضها يعود إلى مستوى أو قوة الأدلة فيها»، ويضيف: «هناك أسباب أخرى تعود إلى مدى ثقة الجهات الدولية المعنية بإجراءات الجهات التنفيذية والتحقيقية والعدلية العراقية، لكن السبب الأهم هو تكاسل الجهات المعنية العراقية في ملاحقة المطلوبين في الخارج، وعدم إبرام الدولة العراقية اتفاقيات تعاون لتسليم المطلوبين».
ورغم تشكيل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مجلساً أعلى لمكافحة الفساد مطلع فبراير (شباط) الماضي، فإن ملف الفساد ما زال التحدي الأكبر الذي يواجه حكومته، وباتت قطاعات عراقية غير قليلة، على المستويين الشعبي والسياسي، تتحدث علناً عن عدم قناعتها بالإجراءات التي يقوم بها مجلس مكافحة الفساد، ويرون أنها إجراءات عادية ربما تتمكن من محاسبة صغار الموظفين، لكنها لن تساعد على تقديم الكبار منهم إلى العدالة.
ومن جهته، قال رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، أمس، خلال جلسة البرلمان، إنه «بإمكان أي شخص تقديم طلب إلى رئاسة المجلس، في حال وجود قضايا فساد على أي مسؤول في الدولة العراقية، لإحالته إلى الادعاء العام»، لكنه هدد بأنه في حال عدم تقديم الأدلة المطلوبة، فإن «صاحب الطلب يتحمل المسؤولية القانونية عن عدم صحة ادعائه».
وكان «المجلس الأعلى لمكافحة الفساد» قد هدد، مطلع مايو (أيار) الماضي، الأشخاص الذين يتهمون مسؤولاً بالفساد دون دليل بملاحقهم قضائياً، الأمر الذي أثار في حينها موجة انتقادات شديدة، باعتبار أن حجم الفساد المعروف في البلاد من جهة، وعملية جمع الأدلة حول الفاسدين من جهة أخرى، هي مسؤولية تضطلع بها الجهات الرقابية والقضائية، وليس الأشخاص العاديين.