المفوضة الأممية لحقوق الإنسان تحض الدول على استعادة عوائل «الدواعش»

حثت المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليه، دول العالم أمس على استعادة زوجات وأطفال مواطنيها من مقاتلي «داعش». وقالت باشيليه في خطابها الافتتاحي للدورة الصيفية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: «يتعين إعادة أفراد الأسر الأجنبية، إلا إذا كان ستتم محاكمتهم عن جرائم وفقا للمعايير الدولية». وشددت باشيليه أن على الدول أن تتحمّل مسؤولية مواطنيها الذين انخرطوا في الحرب السورية. وفي أعقاب هزيمة «تنظيم داعش»، اعتقل أجانب يشتبه بأنهم قاتلوا إلى جانب التنظيم وينتمون لنحو 50 بلداً في سوريا والعراق، بينما يتم احتجاز أكثر من 11 ألفاً من أفراد عائلاتهم في مخيم الهول السوري وحده في «أوضاع مزرية»، بحسب باشيليه. وتحاول عدة حكومات إيجاد حل لمعضلة كيفية التعامل مع المتطرفين المعتقلين الذين يحملون جنسيات بلدانها وزوجاتهم وأطفالهم. وردت باشيليه على هذه التساؤلات بالقول إنه «يجب أن تتم إعادة أفراد العائلات الأجانب (إلى بلدانهم الأصلية) إلا إذا تمت مقاضاتهم وفقاً للمعايير الدولية بتهم ارتكاب جرائم». وأضافت: «عانى الأطفال على وجه الخصوص من انتهاكات جسيمة لحقوقهم، بما في ذلك أولئك الذين تم تلقينهم أو تجنيدهم من قبل (تنظيم داعش) لتنفيذ أعمال عنف». وأضافت: «يجب منح أولوية لإعادة تأهيلهم وحمايتهم ولمصالحهم».
ووفقا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، هناك 29 ألف طفل من أبناء مقاتلين أجانب في سوريا، 20 ألفا منهم من العراق. ووفقا لباشيليه، عانى هؤلاء الأطفال من انتهاكات خطيرة، بينها إجبارهم على اعتناق آيديولوجية متطرفة وارتكاب أعمال عنف. وشددت المفوضة الأممية على ضرورة التفكير في إعادة تأهيلهم وحمايتهم والبحث عما هو في صالحهم. وحذرت أيضا من سحب جنسيات من ذهبوا للقتال ضمن صفوف «داعش» في سوريا أو العراق.
وقالت باشيليه: «ترك أشخاص من دون جنسية ليس خيارا مقبولا أبدا»، مضيفة أن الأطفال هم أكثر من يعانون جراء مثل هذه التدابير لأنها تتسبب في مشاكل لهم في الالتحاق بالمدارس والحصول على رعاية صحية. ولفتت باشيليه إلى أن بعض الدول بذلت جهودا لاستعادة بعض مواطنيها. وخلال الأسابيع الماضية، تمت إعادة أطفال إلى أستراليا وبلجيكا وفرنسا وهولندا والولايات المتحدة وتركيا. وقالت باشيليه إنه «رغم تعقيدات هذه التحديات، فإن ترك الناس من دون جنسية ليس خياراً مقبولاً على الإطلاق». وأضافت: «ولد آلاف الأطفال لعائلات أجنبية خلال سنوات النزاع، وعلى الدول أن تمنح الأطفال المولودين لمواطنيها في مناطق النزاع إمكانية الحصول على الجنسية كما يتم ذلك في حالات أخرى».
وأصرّت على أن «التسبب بحرمان الأطفال من الجنسية بعد كل ما عانوه يعكس قسوة غير مسؤولة».
ومن المتوقع أن يتم خلال اجتماعات المجلس، والتي تستمر حتى الثاني عشر من يوليو (تموز) المقبل، بحث الأزمة المستمرة في فنزويلا والأوضاع في السودان. ويلتقي المجلس ثلاث مرات سنويا ويبحث الأزمات القائمة وكذلك موضوعات أوسع مثل حقوق المرأة وحرية التعبير، وكانت الولايات المتحدة تخلت عن عضوية المجلس العام الماضي، وأرجعت ذلك إلى أن هناك عددا كبيرا للغاية من منتهكي حقوق الإنسان على الطاولة. وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة هي التي تقوم بانتخاب الدول الـ47 الأعضاء في المجلس، لفترة تستمر ثلاث سنوات. ويضم المجلس حاليا الصين والدنمارك وكوبا والنمسا والسعودية.
من جهة أخرى، ذكرت وسائل إعلام أسترالية، أمس الاثنين، أن ستة أطفال أستراليين انتقلوا إلى سوريا مع ذويهم، الذين انضموا إلى «تنظيم داعش» الإرهابي، بالإضافة إلى اثنين آخرين وُلدوا هناك، تم إنقاذهم من مخيم للاجئين السوريين.
وأوردت هيئة الإذاعة الأسترالية، أن الحكومة الأسترالية قامت بإجلاء الأطفال الـ8 عبر عملية سرية بمساعدة وكالات الإغاثة من أحد مخيمات اللاجئين السوريين، حيث كانوا يعيشون منذ سقوط التنظيم.
وأضافت هيئة الإذاعة الأسترالية أنه تم نقل الأطفال إلى دولة شرق أوسطية قريبة وسيتم إعادتهم إلى أستراليا. وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون إن الأطفال قد تم تحريرهم من وضع «قاتم ومعقد». وأضاف: «حقيقة أن الآباء وضعوا أطفالهم في طريق الضرر عن طريق نقلهم إلى منطقة حرب كان عملاً حقيراً... ومع ذلك، لا ينبغي معاقبة الأطفال على جرائم آبائهم»، موضحا أن قرار إعادة الأطفال إلى أستراليا لم يكن قراراً بسيطاً. وقال في بيان: «الأمن القومي الأسترالي وسلامة شعبنا وأفرادنا كانت دائماً أهم اعتباراتنا في هذا الشأن».