انعقاد أول مناظرة للمرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأميركية

تنعقد غداً أولى المناظرات الرئاسية للحزب الديمقراطي لاختيار المرشح الأنسب لمواجهة ترمب في انتخابات الرئاسة 2020. وتعقد المناظرة على مدار يومين متتالين، وتستمر لمدة ساعتين في كل يوم، ويشارك فيها 20 مرشحاً ديمقراطياً من خلفيات متعددة، منهم 6 نساء و6 مرشحين من أصول أفريقية ورجل مثلي. وسيتم تقسيم المتسابقين إلى فريقين متساويين.
ومن المقرر أن يشارك في الليلة الأولى كل من: عمدة مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو، والنائب تيم ريان، ووزير التنمية الحضرية السابق جوليان كاسترو، والسيناتور كوري بوكر، والسيناتور إليزابيث وارين، والنائب السابق بيتو أورورك، والسيناتور آمي كلوبوشار، والنائب تولسي جابارد، وحاكم الولاية جاي إنسلي، والنائب السابق جون ديلاني، وهو أول مرشح ديمقراطي يدخل السباق الرئاسي منذ عامين، بينما يشارك في المناظرة في الليلة الثانية كل من: ماريان ويليامسون، ومحافظ ولاية كولورادو السابق جون هيكنلوبر، وأندرو يانغ، ورئيس بلدية مقاطعة ساوث بيند بيت بوتيجيج، ونائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، والسيناتور بيرني ساندرز، والسيناتور كامالا هاريس، والسيناتور كيرستن غيليبيراند، والسيناتور مايكل بينيت، والنائب إريك سوالويل. وسيتغيب عن المشاركة 4 مرشحين آخرين، حيث إن إجمالي المرشحين الديمقراطيين يبلغ 24 مرشحاً، حتى الآن.
وستعكس أماكن وقوف المرشحين الديمقراطيين على المنصة غداً الأوزان النسبية لكل منهم، طبقاً لنتائج استطلاعات الرأي التي جرت اعتباراً من 12 يونيو (حزيران) الحالي. وسوف تحتل المرشحة إليزابيث وارين، عضو مجلس الشيوخ من ولاية ماساتشوستس، التي تنادي ببعض الأفكار التي تبدو اشتراكية، مركز الصدارة في الليلة الأولى، بينما يتصدر جو بايدن وبيرني ساندرز بؤرة الاهتمام في اللية الثانية، بجانب بيت بوتيجيج وكامالا هاريس.
ورغم الاختلاف الشديد بين المرشحين الديمقراطيين حول كثير من القضايا، فإنهم جميعاً يتفقون حول هدف واحد، سيكون محور مناظرة غد، وجميع المناظرات المقبلة، وهو: كيف يمكن هزيمة ترمب وإرغامه على مغادرة البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) 2021؟ وإذا تمكنوا من فعل ذلك، سيكون ترمب أول رئيس جمهوري يقضي فترة واحدة منذ جورج بوش الأب.
مناظرة غد سوف تعكس الانقسامات التي يعاني منها الحزب الديمقراطي، خصوصاً مع دخول دماء جديدة إلى قيادته. وخلال الفترة الماضية، تعالت الأصوات المنادية بالاشتراكية، وضرورة فرض ضرائب بشكل أكبر على الأغنياء، ويقود هذا الاتجاه حالياً بيرني ساندرز وإليزابيث وارن. وساندرز هو المرشح الوحيد الذي أعلن صراحة أنه مرشح ديمقراطي اشتركي. أما إليزابيث وارن فلم تعلن ذلك، رغم تبنيها لكثير من الأفكار الاشتراكية، مثل فرض ضريبة 2 في المائة على ثروات الأغنياء التي تزيد على 50 مليون دولار.
وستعكس مناظرة غد مدى التباين بين المرشحين الديمقراطيين من عدة جوانب: أولاً من حيث العمر، فستجد جو بايدن «العم بايدن» (76 عاماً) يقف بجانب التقدمي بيت بوتيجيج، عمدة مقاطعة ساوث بيند بولاية إنديانا، الذي يبلغ من العمر 37 عاماً، أي أقل من نصف عمر بايدن. ولعل ذلك جعل البعض يتشكك في مدى قدرة بايدن على تحمل الصمود أمام ترمب في المناظرات الرئاسية المقبلة، إذا وقع الاختيار عليه ليصبح مرشح الحزب الديمقراطي.
كما يشكك البعض أيضاً في قدرة بايدن على شحذ همم الناخبين، خصوصاً الجمهوريين الوسطيين، واستعادة الزخم الذي صنعه الرئيس أوباما خلال حملته أمام السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين في 2008.
وبينما اختار ترمب عنوان «حافظ على أميركا عظيمة» شعاراً جديداً لحملته الانتخابية، يتسابق المرشحون الديمقراطيون في عرض رؤية شعبية شاملة يسهل على الناخبين فهمها، وتكون بديلاً عن رؤية ترمب المليئة بالكراهية والعنصرية. ويري البعض أن شعار ترمب يحمل في معناه الحقيقي أن تكون أميركا عظيمة فقط للرجال البيض.
وبطبيعة الحال، سوف تتركز الأنظار غداً على جو بادين الذي يتصدر استطلاعات الرأي كافة حتى الآن، يليه بيرني ساندرز وإليزابيث وارن اللذان يتقاسمان المنافسة، بشكل ما، على البرنامج الاشتراكي، ثم بيت بوتيجيج، أصغر مرشح رئاسي، وعضو الكونغرس الحالي كامالا هاريس، من أصول أفريقية.
وستعد هذه المرة الثالثة التي يرشح فيها بايدن نفسه للانتخابات الرئاسية. فقد سبق له أن رشح نفسه لمنصب الرئيس في عامي 1988 و2008، إلا أن لم يفلح في أي منهما. وخلال الأيام الماضية، واجه بايدن انتقادات تتعلق بالعنصرية بسبب تصريحاته عن فترة عمله بالكونغرس التي شملت عمليات الفصل بين المواطنين البيض والسود.
وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي بي إس نيوز» أن كلمة السر في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لأي من المتسابقين هو قدرته على هزيمة ترمب. ومن المتوقع أن تتمحور أسئلة المحاورين غداً حول: الصحة، وعزل ترمب، والهجرة، والسياسة الخارجية، والرقابة على الأسلحة، والاقتصاد، وتأمين الانتخابات من تدخلات الدول الأخرى، خصوصاً روسيا، والحروب التجارية، وتغير المناخ، وعلاقة أميركا بحلفائها في الغرب.
وبصرف النظر عما ستسفر عنه مناظرة غد، سيظل التحدي الأكبر أمام الحزب الديمقراطي قائماً في كيفية هزيمة ترمب، بصرف النظر عن المرشح الذي سيقع عليه الاختيار في النهاية. ورغم أن جميع استطلاعات الرأي، بما في ذلك التي أجرتها حملة ترمب، تظهر أن ترمب يأتي في المرحلة الرابعة والخامسة أمام بايدن وساندرز ووارن وبوتيجيج، في عدد من الولايات الفاصلة، فإن التخوف من انقلاب الطاولة بين ليلة وضحاها، كما حدث في حملة هيلاري كلينتون، ما زال يؤرق القادة الديمقراطيين.
ويبدو أن نجم ترمب الصاعد، وقدرته على الحشد، ومهاراته الاستثنائية في مخاطبة الجمهور، هو ما يقلق القادة الديمقراطيين بشكل حقيقي. فرغم الهجمات والانتقادات التي يتلقاها ترمب من معظم المحطات والقنوات الإعلامية، بشكل يومي، فإنه ما زال يحافظ على شعبية عالية وسط الناخبين الجمهوريين، وما زال يملك اليد العليا في قرارات الحزب الجمهوري.