بعد مرور عام... كيف تغيرت حياة «فتية الكهف» التايلاندي؟

في يونيو (حزيران) الماضي، تحمس نحو 10 من الفتية الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عاماً، بالإضافة إلى مدرب كرة القدم الخاص بهم، لاستكشاف كهف ليس بعيداً عن ملعبهم في شمال تايلاند بعد الانتهاء من تمرينهم.
ولم يعلموا أن رحلتهم القصيرة إلى كهف «تام لوانغ - خون نام نانغ نون» -الواقع في إقليم تشيانغ راي، على بعد 1000 كيلومتر شمال العاصمة بانكوك- سوف تستمر لأسابيع وتغيّر حياتهم إلى الأبد.
وبسبب هطول الأمطار الموسمية غمرت المياه الكهف سريعاً وحوصرت المجموعة في الداخل، مما أدى إلى انطلاق أكبر مهمة إنقاذ في تايلاند على الإطلاق، والتي كانت تضم أكثر من 1000 شخص من أنحاء العالم.
وبعدما قضوا 10 أيام في الكهف تم إنقاذهم بنجاح.
أما الآن وبعد مرور عام على الواقعة، أصبحت المجموعة -التي ما زال أفرادها على قيد الحياة- أشبه بالمشاهير، حيث كانوا قد ظهروا في برنامج «ذا إلين شو»، الشهير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولعبوا مباراة كرة قدم ودية في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية للشباب لعام 2018 في بوينس آيرس.
وقد حظي الكثير منهم بانتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي منذ تلك الواقعة. وقد بلغ عدد متابعي اثنين منهم، هما إيكارات ونغسوكغان (15 عاماً) وبورنتشاي كاملوانغ (17 عاماً)، نحو 150 ألف متابع لكل منهما.
ومن المتوقع أن يُطرَح في سبتمبر (أيلول) المقبل، فيلم عن الواقعة بعنوان «الكهف» وهو من إنتاج المخرج التايلاندي الآيرلندي توم وولر، ويضم طاقم التمثيل نحو 300 فرد من المواطنين والأجانب، كما تم إبرام صفقة مع «نتفليكس» لإنتاج هذا العمل.
وقد انتشرت شائعات تفيد بأن كل فتى من بين أفراد المجموعة، قد حصل على 3 ملايين بات (96 ألف دولار)، مقابل صفقة «نتفليكس».
وتم منح ثلاثة من الفتية، بالإضافة إلى المدرب البالغ من العمر 26 عاماً، الجنسية التايلاندية، بعد أشهر قليلة من تعرضهم للواقعة الشهيرة، وذلك بعد أن كانوا من عديمي الجنسية.
وعلى الرغم من اكتسابهم شهرة وثروة حديثاً، ما زال الفتية يتصرفون على نفس النحو مع أصدقائهم وأسرهم.
وتقول تانابورن برومتيب، وهي أم لأحد الفتية (14 عاماً)، ويدعى دوانغبيتش برومتيب: «أنا فخورة جداً به. فهو لم يتغير. إنه ما زال يرغب في أن يصبح لاعباً محترفاً. عندما يعود من المدرسة يلتقي أصدقاءه القدامى وما زالوا يلعبون معاً كفريق».
بينما يقول بوفاديتش خامنغون، البالغ من العمر 14 عاماً، وهو صديق مقرب من أحد الفتية الذي يدعى ناتاووت خامسونغ: «نلعب كرة القدم وكرة الصالات معاً في فترات الراحة في أثناء اليوم الدراسي. ما زالت الأمور بيننا كما كانت عليه من قبل. وما زال (ناتاووت) لديه الوقت الكافي من أجلي».
ونظراً إلى عدم السماح للفتية بإجراء أي مقابلات صحافية، بسبب منحهم حقوقاً حصرية للتواصل المباشر معهم إلى شركة «إس غلوبال» للترفيه، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، والتي قدمت الكثير من أفلام هوليوود الشهيرة، فإن الإفادات والتصريحات لا تصدر إلا عن أشخاص مقربين منهم.
وعلى الرغم من استكمال حياتهم بصورة طبيعية، قد يشعر أقرانهم الآخرون بالغيرة منهم. وأشار مدرب في فريق «وايلد بور» إلى أن الكثير من الفتية في الفريق ما زالوا لا يحملون أي جنسية وفقراء للغاية. ومن المستحيل بالنسبة إليهم ممارسة كرة القدم على المستوى الوطني من دون حصولهم على الجنسية التايلاندية.
وفي الوقت الذي غيّرت فيه مهمة الإنقاذ المثيرة من حياة الفتية، فقد تغيرت الأمور أيضاً في الكهف الذي كان غير معروف من قبل.
ولم تعد المنطقة المحيطة بالكهف موحلة ومن دون مرافق مناسبة. فقد تم تجديدها باعتبارها موقعاً سياحياً، حيث يوجد متحف يعرض الفنون المتعلقة بعملية الإنقاذ، وبائعو هدايا تذكارية يقيمون خياماً لبيع القمصان التي تحمل اسم الكهف.
وعلى مدار أيام الأسبوع، يقوم مئات السائحين، ومعظمهم من تايلاند ومن دولة ميانمار المجاورة، بزيارة المتحف والمنطقة المحيطة بالكهف. أما في عطلة نهاية الأسبوع، فعادةً ما يكون هناك أكثر من ألف زائر.
ولكن من المتوقع أن يرتفع العدد عند إعادة فتح الكهف، الذي ما زال مغلقاً لأسباب تتعلق بالسلامة. وليس معروفاً على الفور متى ستقوم السلطات المحلية بتجديد الكهف لجعله آمناً أمام زيارات السائحين الاستكشافية.