مصر تطالب دول العالم بتعديل قوانين استرداد الآثار

أعلنت وزارة الآثار المصرية بدء مشروع تطوير المتحف المصري بالتحرير، عبر تحالف من خمس متاحف عالمية، واحتفلت الوزارة، مساء أول من أمس، بتوقيع عقد مع الاتحاد الأوروبي لتمويل مشروع التطوير بقيمة تزيد عن 3 ملايين يورو، واستغلت مصر الاحتفال الذي حضره ممثلو سفارات 40 دولة في مصر، لمناشدة دول العالم تعديل قوانين واتفاقيات استرداد وحماية الآثار.
وتأتي هذه المناشدة بالتزامن مع الإعلان عن بيع عدد من القطع الأثرية المصرية في دار كريستيز للمزادات في لندن، بينها تمثال منسوب للملك توت عنخ آمون، كما أعلنت وزارة الآثار عن بدء الاستعداد لنقل المومياوات الملكية إلى متحف الحضارة بالفسطاط.
وقال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، في كلمته خلال الاحتفال بتوقيع عقد تطوير المتحف المصري بالتحرير: «قد لا يكون هذا الوقت مناسباً، لكن رغم سعادتي بمشاركة سفراء أكثر من 40 دولة لاحتفالنا ببدء تطوير المتحف المصري، وتأكيد حرصهم على حماية الآثار والتراث المصري». وأضاف العناني: «أناشد جميع السفراء الموجودين ودول العالم لتغيير القوانين والاتفاقيات الخاصة باستعادة الآثار وحمايتها، وإعادة آثارنا التي خرجت بطريقة غير قانونية».
وكانت وزارة الآثار المصرية قد قدمت بلاغاً للنائب العام المصري للمطالبة بوقف بيع 32 قطعة أثرية مصرية في دار كريستيز للمزادات بلندن، بينها تمثال رأسي للإله آمون على هيئة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، وأرسلت الوزارة خطابات إلى دار كريستيز والخارجية البريطانية بهذا الشأن، مطالبة «كريستيز» بإرسال مستندات ملكيتها لهذه الآثار، في الوقت الذي أكدت فيه «كريستيز» أنها تواصلت مع السلطات المصرية، وأنها «لا يمكن أن تعرض أي قطعة للبيع لدينا شكوك بشأن ملكيتها أو تصديرها».
وأوضح العناني، في تصريحات صحافية على هامش الاحتفال، أن «مصر بذلت كل ما في استطاعتها لاستعادة القطع الأثرية المعروضة للبيع لدى (كريستيز)»، مشيراً إلى أن «المسألة ليست مستندات ملكية فقط، فهذه الآثار مصرية ومعروف أنها مصرية، ولا يمكن عرضها للبيع؛ فهذه مسألة أخلاقية»، لافتاً إلى أن «اتفاقية اليونيسكو لحماية الآثار تنص على أن على الدولة صاحبة الأثر أن تقدم مستندات ملكية أي آثار خرجت بعد عام 1970، بدلاً من أن تطالب الجهة التي تبيعها بإثبات ملكيتها».
وأضاف أن «(كريستيز) تتحدث عن مستندات شراء للآثار المصرية والتمثال المنسوب لتوت عنخ آمون تعود للسبعينات، لكنها لا توضح كيفية خروج هذه الآثار من مصر، وهذا ما نطالب به».
ووقعت الدكتور سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية، مع السفير وايفان سوركوش، سفير الاتحاد الأوروبي لدى القاهرة، عقد منحة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 3.1 مليون يورو، لتمويل مشروع تطوير المتحف المصري بالتحرير على مدار 3 سنوات، بالتعاون مع تحالف من 5 متاحف عالمية يضم كلاً من المتحف المصري بتورين بإيطاليا، ومتحف اللوفر في فرنسا، والمتحف البريطاني بإنجلترا، والمتحف المصري ببرلين في ألمانيا، والمتحف الوطني للآثار في ليدن بهولندا، إضافة إلى المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، والمكتب الاتحادي للبناء والتخطيط الإقليمي، والمعهد المركزي للآثار.
يأتي مشروع تطوير المتحف المصري بالتحرير، الذي احتفل بمرور 116 عاماً على إنشائه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ بهدف الحفاظ على المتحف، لتحسين تجربة زواره، وزيادة عائداته الاقتصادية، ووضعه على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، باعتباره أول مبنى ينشأ كمتحف في العالم، وتزيد أهمية مشروع التطوير في ظل نقل مجموعة آثار الملك توت عنخ آمون، وهي أهم معروضات المتحف، إلى المتحف المصري الكبير، المزمع افتتاحه العام المقبل.
وقال السفير إيفان سوركوش، إن «هذا المشروع يمثل تعاوناً متميزاً وتنسيقاً بين الاتحاد الأوروبي ومصر في إطار المسعى الذي يقوم به الجانبين لحماية وتعزيز التراث الثقافي المشترك». ويبلغ إجمالي المنح التي قدمها الاتحاد الأوروبي لمصر لتمويل مشروعات حماية وصيانة التراث الثقافي المصري ثمانية ملايين يورو.
وقالت ‎فريدريكا زايفرد، مديرة المتحف المصري في برلين، خلال كلمتها خلال الاحتفال، إن «المتحف المصري في التحرير هو واحد من أقدم وأهم المتاحف في العالم، ولا يمكن مقارنته بأي شيء آخر؛ فهو شاهد على تاريخ علم المصريات، ومن هنا كان الاهتمام به، وضرورة تطويره وحمايته بعد نقل الكثير من الآثار المعروضة به إلى المتحف المصري الكبير».
ويتم المشروع على 3 مراحل، تتضمن المرحلتان الأولى والثانية ترميم مدخل المتحف، وعمل معرض للآثار المصرية من مختلف الحقب التاريخية.
في سياق منفصل، تفقد وزير الآثار، أمس، متحف الحضارة بالفسطاط، لمتابعة الاستعدادات الجارية لنقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير، إلى متحف الحضارة، وتجهيزات قاعة العرض المركزية.
وقال العناني، في تصريحات صحافية، إنه «تم تجهيز قاعة كاملة للمومياوات الملكية، وتركيب فتارين عرض ألمانية، إضافة إلى تطوير بحيرة عين الصيرة المجاورة للمتحف»، مشيراً إلى أنه «سيتم نقل المومياوات الملكية في موكب مهيب، سيتم تصويره بالطائرات»، لكنه لم يعلن موعد النقل بعد.
وتضمنت الجولة قاعة العرض المركزي، والتي ستعرض بها القطع الأثرية من العصور المصرية المختلفة، وقاعة المومياوات الملكية، والتي ستضم 22 مومياء ملكية و17 تابوتاً ملكياً، ومتحف العاصمة وهي عبارة عن قاعة مالتي ميديا توضح تاريخ القاهرة على مر العصور والحضارات المختلفة إضافة إلى مخزن الفخار، ومخزن المومياوات، ومنطقة بحيرة عين الصيرة، وعرض أول قطعة أثرية بقاعة العرض المركزي، وهي عبارة عن تمثال من الجرانيت الأسود للملك أمنمحات الثالث على هيئة أبو الهول.
وقال الدكتور محمود مبروك، مستشار العرض المتحفي بالوزارة، إن «المتحف سيضم مجموعة متنوعة من المقتنيات الأثرية التي تحكي المفهوم الحضاري بمصر وتطور الحضارات عبر العصور من العصر اليوناني الروماني، مروراً بالحضارة المصرية القديمة والعصر الحديث والحضارة الإسلامية».