«جبهة الرفض» تعوق جهود سلامة لإعادة الأفرقاء الليبيين إلى الحوار

يتغاضى الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، عن حملة انتقادات واسعة يوجهها ضده برلمانيون وسياسيون، وذلك على خلفية موقفه من المعركة العسكرية لـ«تحرير» طرابلس من الميليشيات المسلحة و«الإرهابيين»، ويصرّ على مواصلة تحركاته الخارجية ولقاءاته بـ«خصوم الداخل»، سعياً منه لجمعهم مجدداً على مائدة الحوار.
والتقى سلامة، الذي سبق أن صرّح بأن الوضع الحالي الذي تعيشه ليبيا «لا يقتل العملية السياسية، لكن يضعها بين هلالين»، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» فائز السراج في طرابلس العاصمة، للتباحث حول آخر تطورات العملية العسكرية، والتشاور بشأن العودة إلى طاولة الحوار. كما اطّلع من نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق على نتائج زيارة الأخير إلى واشنطن، في ظل ما تردد عن تغير الموقف الأميركي مع الأحداث الجارية.
غير أن محاولات المبعوث الأممي لجمع «الخصوم» مجدداً على مائدة الحوار، استكمالاً للقاء «أبوظبي»، تصطدم برفض وقف الاقتتال من قبل طرفي المعركة العسكرية، الدائرة في المحيط الجنوبي للعاصمة بين «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة «الوفاق»، إذ يرى حفتر أن العملية العسكرية على طرابلس تستهدف محاربة «الإرهابيين»، بينما يتمسك السراج، رئيس المجلس الرئاسي المعترف به دولياً، بضرورة انسحاب قوات «الجيش الوطني» إلى مواقعها.
ومنذ بدء معركة طرابلس في 4 أبريل (نيسان) الماضي، التي أمر بها حفتر، تنقسم التوجهات بين ساسة شرق ليبيا وغربها حول المبعوث الأممي. ففي مواجهة انتقادات عنيفة تلقاها سلامة على خليفة الانقسامات السياسية التي عمّقتها المعركة، طالب البعض بإنهاء خدمته في ليبيا، ووصفه بـ«المنحاز». وفي هذا السياق، قال الشيخ محمد المُبشر، رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن سلامة «رجل ذكي ومثقف، لكن تنقصه كثير من الواقعية، فضلاً عن عدم تمتعه بدعم دولي كافٍ».
وحول حملات التشكيك، التي تعرض لها المبعوث الأممي مؤخراً، أضاف المُبشر: «طبيعي جداً في مثل حالة بلادنا أن يتعرض أي وسيط ليبي أو أممي لذلك، إن لم يكن حذراً جداً... لذا أقول إن سلامة وقع في فخّ عدم تقدير المشهد».
وخلّفت معركة طرابلس منذ اندلاعها أكثر من 653 قتيلاً، بينهم 41 مدنياً، بحسب آخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية، فضلاً عن نزوح 91 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة.
من جانبه، نفى سلامة أن يكون منحازاً في النزاع الليبي، وقال: «إن تحذيره من حرب أهلية ومن تقسيم البلاد لا يعني أنه يتمنى ذلك»، مشدداً على أنه «حريص على وحدة ليبيا أكثر من الليبيين أنفسهم»، ودعا إلى العودة إلى طاولة المفاوضات
وقال مصدر مقرب من البعثة الأممية لدى ليبيا لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن سلامة «سيواصل خلال الأيام المقبلة لقاءاته بشخصيات سياسية كثيرة في البلاد، سواء في شرق البلاد أو غربها، بغية الوصول إلى حلّ قد يمهد الطريق للعودة ثانية للحوار السياسي الهادئ».