لحظات استثنائية في حياة الشعب الفلسطيني ترويها 50 صورة فوتوغرافية

تجول في معرض «الوطن العائم» الذي افتتح ليل أمس في «دار النمر» ببيروت وسيغمرك شعور بالحزن ممزوجاً بالأمل... فهنا ستشاهد لحظات استثنائية وثّقت بمجموعة صور فوتوغرافية وقّعها كل من المصورين فؤاد الخوري وجيريمي بيكوك عن المراحل التي عاشها الفلسطينيون منذ عام 1982 حتى عام 1995؛ فالأول اشتهر بعدسة كاميرته المناضلة والتي غطّت أهم فترات الحرب في لبنان. والثاني، وبسبب تأثّره بالاضطرابات التي عصفت بمدينته نيويورك، ترك الجامعة وحوّل اهتمامه إلى التصوير الفوتوغرافي.
ويجتمع الاثنان في معرض «الوطن العائم» ضمن صور فوتوغرافية تجسد اللحظة، ولا فرق إذا كان الأول هو الذي التقطها أو الثاني، فالمعرض لا يفصل بينهما، وعلى زائره أن يقرأ ما بين سطور اللقطات بدل أن يبحث عن صانعها.
«إنه مشروع مشترك بين المصورين بغض النظر عمن كبس زر كاميرته في هذه المشهدية أو تلك. فلقد واكبا معاً هذه اللحظات ونقلاها معاً؛ كل على طريقته، لتؤلّف حكاية هذا المعرض»؛ تقول منال خضر القيّمة على المعرض. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هي مجموعة صور توجعنا مرة، وتحيي لدينا الأمل مرة أخرى، لأنها تنقل لحظات حقيقية من واقع شعب تهجّر وعاش الأمرّين. والمعرض يقدم كل ما تمثله فلسطين لشعبها بشكل واسع وغني، رافضاً التقوقع في زاوية معينة؛ بل فاتحاً ذراعيه لحياة بأكملها».
وفي محطات 3 تشمل لبنان والبحر وفلسطين تدور المحاور الأساسية للصور الـ50 التي يتضمنها معرض «الوطن العائم» والذي يستمر حتى 27 سبتمبر (أيلول) (أيلول) المقبل. ويحمل المعرض رسالتين أساسيتين، فيسلط الضوء على مرحلة هجرة الفلسطينيين بكل معانيها وفكرة العودة إلى الوطن والتي لطالما حلموا بها مع سؤال يطرح نفسه: ماذا تحقق منها؟ «لا يدعي هذا المعرض رواية قصة شعب. فالصور المعروضة هنا مجرد لحظات في حياة فلسطينيي ما بين 1982 و1995. ومع ذلك تنطوي هذه الفترة على أحداث فارقة في تاريخ هذا الشعب من نهاية مرحلة بيروت ورحيل منظمة التحرير الفلسطينية، إلى تونس قبل العودة إلى فلسطين بموجب اتفاقية (غزة - أريحا) أولاً»؛ تشرح منال خضر في سياق حديثها، وتتابع: «وبقدر ما يلفت هذا الأرشيف الغني انتباهنا إلى لحظات استثنائية، فإنه يضعنا أمام أسئلة مهمة؛ فالصور في جزئها اللبناني لم تكن بعيدة عن رموز روج لها العالم الغربي. ولطالما غابت الكوفية والمقاتلون والأعلام عن الصور المأخوذة داخل فلسطين لصالح قصص شخصية عن أفراد وأمكنة». وتنقلنا هذه الصور إلى أماكن فيها لحظات استحقاق، وكذلك أحزان كبيرة ويأس محبط، كما يشبعنا بعضها بصورة تفاؤلية غنية بالأمل وحب الوطن. فالمعرض يسائل مفهوم العودة من خلال استعادة مرحلة مهمة من تاريخ القضية الفلسطينية. ومن جهة ثانية؛ يسعى خيار الصور التي يتألف منها المعرض إلى طرح أسئلة حول صورة فلسطين النمطية وعن دور الفلسطيني في صناعة هذه الصورة.
«لا تنسَ سلاحك» و«ياسر عرفات» و«على متن الأتلنتيس» و«فستان العروس»... وغيرها عناوين صور معروضة؛ بينها بالأبيض والأسود وأخرى بالألوان، التقطها المصوران الخوري وبيكوك لحظة بلحظة. فهما واكبا مشوار الفلسطينيين منذ رحيلهما من لبنان عام 1982 وحتى عودتهما إلى أرض الوطن في عام 1995. «كل ما اختزنته تلك اللحظات من ضياع وحالات إحباط وحزن ومصير مجهول، تعكسها عدسة المصورين اللذين عاشاها بتفاصيلها، ومن هنا نلمس واقعيتها وشموليتها معاً»؛ توضح خضر التي تدير «مركز مينا للصورة» والقيّمة على معارض كثيرة.
وفي عمله التجهيزي «أجمل يوم» يتجاوز فؤاد الخوري الحيز الفلسطيني إلى السياق العربي والعالمي؛ فهو يجمع بين الصور والشعر والموسيقى والكلمات ليعبّر عن خيبات أمل متتالية، ولكن أيضاً ليعبر عن أمل تجدد لديه مع بداية الثورات العربية.
وتختم منال خضر: «بيروت أول محطة تستضيف هذا المعرض، وأسعى إلى أن أسافر به إلى دول أخرى؛ فهو من الأعمال الفنية المهمة في مضمونها وفي صورها».