البرتغال تحتفل بعيدها الوطني بالتتويج بطلة لدوري أمم أوروبا

بعدما عجزت عن الصعود إلى منصة التتويج طيلة تاريخها رغم مرور لاعبين كبار من نوعية الأسطورة أوزيبيو، ولويس فيغو، وروي كوستا، وباوليتا، توجت البرتغال بلقبها الثاني في غضون ثلاثة أعوام فقط بفوزها على هولندا في المباراة النهائية للنسخة الأولى من دوري الأمم الأوروبية.
وتفوق المنتخب البرتغالي بين جماهيره على ملعب «دراغاو» في بورتو، على المنتخب الهولندي في مباراة نهائية يدين فيها بلقبه الثاني، بعد كأس أوروبا 2016، لمهاجم فالنسيا الإسباني غونسالو غيديش الذي سجل هدف المباراة الوحيد في الدقيقة الـ60، معوضاً على بلاده خيبة خسارتها نهائي كأس أوروبا 2004 على أرضها على يد اليونان (صفر - 1).
وخلافاً لكأس أوروبا 2016 حين تعرض لإصابة ولم يتمكن من إكمال المباراة النهائية ضد فرنسا (1 - صفر)، كانت فرحة النجم الحالي ليوفنتوس الإيطالي كريستيانو رونالدو مكتملة بعدما بقي مع المنتخب حتى صافرة النهاية، هو الذي أدى دوراً أساسياً في بلوغه النهائي بتسجيل ثلاثية (هاتريك) الفوز في نصف النهائي على سويسرا 3 - 1.
في المقابل، فشلت هولندا في إحراز لقبها الكبير الثاني، بعد الذي أحرزته عام 1988 في كأس أوروبا أيضاً، لكنها أظهرت بقيادة رونالد كومان الذي كان من لاعبي التشكيلة الفائزة باللقب القاري على حساب الاتحاد السوفياتي (2 - صفر)، أنها استعادت مكانتها بين كبار القارة بعد فترة صعبة غابت فيها عن كأس أوروبا 2016 ومونديال روسيا 2018.
وجاء تتويج البرتغال بدوري أمم أوروبا متزامناً مع احتفالات بالعيد الوطني للبلاد (أمس) وذكرى الشاعر الشهير لويس دي كاموس، الذي وافته المنية في العاشر من يونيو (حزيران) 1580.
وبدأت البرتغال تشكل عقدة للهولنديين في البطولات الكبرى؛ إذ لم تخسر أمامهم للمواجهة الرسمية السادسة توالياً، وتحديداً منذ تصفيات كأس أوروبا 1992 (صفر - 1 في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1991)، بينها نصف نهائي كأس أوروبا 2004 (فازت 2 - 1 بهدفي رونالدو ونونو مانيش) وثمن نهائي مونديال 2006 (1 - صفر سجله نونو مانيش في مباراة شهدت طرد لاعبين اثنين من كل طرف).
وهنأ الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا لاعبي بلاده في حديث لتلفزيون البرتغال، قائلاً: «لم أتوقع ما حصل، أن أكون رئيس البلاد خلال تتويجنا بهذين الانتصارين (كأس أوروبا 2016 ودوري الأمم الأوروبية). إنه أمر رائع للبرتغال، وسيبقى في قلب الشعب البرتغالي الذي يحتفل أيضاً بعيده الوطني، إنه تتويج جاء في الموعد».
وقال فيرناندو سانتوس، المدير الفني للمنتخب البرتغالي: «المنتخب الوطني هو أحد مظاهر الأمة... نحتفل بالتتويج وأيضاً باليوم الوطني للبرتغال. الأمة المنتصرة يكون لها يوم أكثر إشراقاً».
وسانتوس (63 عاماً)، هو الرجل الذي له الفضل بتتويج البرتغال بأهم لقبين في تاريخها بعدما فشلت الأجيال السابقة في تحقيق أي مجد كروي لبلادها في البطولات الكبيرة.
وفي حين بدا هذا النهائي والتتويج باللقب بمثابة أنشودة الوداع بالنسبة للنجم الكبير كريستيانو رونالدو (34 عاماً)، يرى سانتوس أنه لا يوجد أي داع للقلق، وقال: «الحقيقة أن هذا الفريق يمثل المستقبل... إذا عدنا إلى 2016، سنجد أن بعض هؤلاء اللاعبين لم يكونوا بالفريق. إنها عملية استمرارية... هذا يظهر كم المواهب التي نمتلكها في بلادنا».
وأضاف: «مستقبل الكرة البرتغالية يبدو مضموناً. لكننا نحتاج إلى الحفاظ على الاتزان لأنهم يلعبون لأندية مختلفة تطبق أساليب لعب مختلفة في كل أنحاء أوروبا».
ومهما قيل عن أن كرة القدم لعبة جماعية، ما من أحد في البرتغال يستطيع أن ينكر تأثير رونالدو في رفع مستوى الفريق من مرحلة المنافسة إلى مرحلة التتويج بالبطولات. ويستحوذ رونالدو على الرقم القياسي لكل من عدد المباريات الدولية وعدد الأهداف لأي لاعب في تاريخ المنتخب البرتغالي برصيد 188 مباراة و88 هدفاً.
وسبق لسانتوس أن أكد في وقت سابق أن رونالدو يمكنه البقاء في الملاعب بقمة مستواه لثلاث أو أربع سنوات أخرى.
وقال رونالدو، إنه ما زال يمتلك «الحافز» للعب مع المنتخب، لكنه اعترف بأنه لن يستمر للأبد.
وقال اللاعب الشهير: «سيأتي يوم لا أستطيع فيه اللعب للمنتخب البرتغالي، ولكن ما زالت أمامي سنوات عديدة عديدة».
ورغم هذا، يبدو أنه عندما يأتي هذا اليوم سيكون لدى المنتخب البرتغالي العمق القوي والكافي الذي يمكن من خلاله التعامل في غياب رونالدو، حيث يمتلك الفريق حالياً مجموعة من اللاعبين الشبان المتميزين مثل المدافع روبن دياز (22 عاماً)، وغيديش (22 عاماً)، وجواو فيليكس (19 عاماً)، نجم بنفيكا البرتغالي الذي تبلغ قيمته التسويقية حالياً أكثر من 120 مليون دولار، علماً بأنه خاض مباراته الدولية الأولى مع المنتخب البرتغالي في مواجهة المنتخب السويسري بالمربع الذهبي لدوري أمم أوروبا الأربعاء الماضي.
وهناك أيضاً اللاعب الساحر برناردو سيلفا (24 عاماً)، الذي توج مع مانشستر سيتي الإنجليزي بثلاثة ألقاب في الموسم المنقضي، ثم توج مع المنتخب البرتغالي بلقب دوري الأمم ووقع عليه الاختيار أفضل لاعب في البطولة.
وقال سيلفا: «يا له من موسم بالنسبة لي، حيث أنهيته بلقب آخر. إنه أمر مدهش. أشكر جميع لاعبي ومشجعي مانشستر سيتي... الآن، حان وقت الراحة والاحتفال. أشكر الشعب البرتغالي. يا لها من ليلة جميلة بالنسبة لنا. يا لها من ليلة رائعة لهذا البلد».
وفي الجانب الهولندي، اعترف المدرب رونالد كومان الذي بث الأمل في منتخب بلاده بعد 4 سنوات عجاف، بأن فريقه المجدد ليس جاهزاً بعد للفوز بألقاب. وقال كومان: «نعرف أننا قطعنا خطوات كبيرة في العام الماضي، وهذا أمر إيجابي، لكن الخطوة المقبلة تحتاج إلى وقت أطول. القوة الهجومية مهمة ونحتاج لصنع مزيد من الهجمات وأن نستغل ما أهدرناه من فرص».
وعانى ممفيس ديباي، الذي أحيا مسيرته في آخر موسمين وتحول من مركز الجناح إلى رأس حربة، للحصول على فرص حقيقية. وأضاف كومان «ربما يكون من المبكر جداً الفوز بألقاب. بطولة أوروبا مقبلة في العام المقبل، لكنني لا أود أن احتفظ بطاقة سلبية وأنا فخور بروح الفريق. هذا لم يكن كافياً أمام البرتغال، لكن مسيرتنا طيلة البطولة إيجابية جداً».
ورأى قائد وقلب دفاع هولندا فيرجيل فان دايك، المتوج مع ليفربول الإنجليزي بلقب دوري الأبطال، أن منتخب بلاده حقق تقدماً كبيراً رغم خسارة النهائي، وقال: «أنا وزملائي نشعر بالخيبة بطبيعة الحال. كنا غير محظوظين بعض الشيء، لكن يجب أن نكون فخورين بأنفسنا وأن نبقي رأسنا مرفوعاً».
وأضاف: «إننا نستحق الآن عطلة مع الحرص على أن نكون جاهزين للتصفيات (المؤهلة لكأس أوروبا 2020). في بداية هذه البطولة، لا أعتقد أن أحداً كان سيصدقنا لو قلنا له إننا سنصل إلى المباراة النهائية. حققنا الكثير من التقدم... من المؤسف أننا خسرنا لأننا أردنا الفوز بالكأس... لكن يجب أن نكون فخورين بأنفسنا».