رونالدو يتحدى قوانين الطبيعة ويقود البرتغال لنهائي دوري الأمم الأوروبية

بعد ثلاثة أعوام على فك النحس الذي لازمها في البطولات الكبرى وانضمامها إلى قائمة المنتخبات البطلة بإحرازها كأس أوروبا 2016، بلغت البرتغال نهائي النسخة الأولى من دوري الأمم الأوروبية، بفوزها على سويسرا 3 - 1 في بورتو بفضل ثلاثية للقائد كريستيانو رونالدو.
وكان رونالدو ابتعد عن منتخب البرتغال بطلب شخصي بعد الخروج من الدور الثاني لمونديال روسيا 2018، من أجل التركيز مع فريقه الجديد يوفنتوس الإيطالي، إلا أنه قرر العودة للمشاركات الدولية مع انطلاق تصفيات أمم أوروبا، وكان في الموعد في مواجهة سويسرا مساء أول من أمس. وافتتح رونالدو التسجيل لبلاده من ركلة حرة في الدقيقة 25، وبدأ الفريقان في طريقهما إلى التمديد بعدما أدرك ريكاردو رودريغيز التعادل لسويسرا من ركلة جزاء في الدقيقة 57، إلا أن رونالدو ضرب في الوقت القاتل بتسجيله هدفين آخرين في الدقيقتين 88 و90 ليقود البرتغال إلى النهائي المقرر الأحد على الملعب ذاته في بورتو ضد الفائز من مباراة إنجلترا وهولندا.
وكان كريستيانو رونالدو هو نجم الصفحات الأولى لوسائل الإعلام البرتغالية، أمس حيث كتبت صحيفة «كوريو دا مانيا»: «عودة الملك... كان أداء رونالدو خياليا وتوجه بتسجيل ثلاثة أهداف».
ونشرت صحيفة «ذا ريكورد» الرياضية صورة كبيرة لرونالدو وهو يحتفل وعلقت بعنوان: «لا يقدّر بثمن... البرتغال تشكرك من أجل ليلة أخرى ولا في الأحلام».
وذكرت صحيفة «إيه بولا»، نفس الأمر مع عنوان «الملك كريستو يأخذ ثلاث خطوات أخرى نحو الخلود ويصعد بالبرتغال لنهائي دوري أمم أوروبا». وبالنسبة لزميل رونالدو نجم مانشستر سيتي الإنجليزي برناردو سيلفا، فما حققه أفضل لاعب في العالم خمس مرات ليس بالجديد وقال: «لقد اعتادنا على هذا النوع من الأمور. يقوم بذلك منذ أعوام طويلة وليس ذلك بالمفاجأة. لقد سجل ثلاثة... لا شيء جديدا بالنسبة له. غالبا ما يصنع الفارق. الآن نحن بحاجة للراحة. كان المشجعون رائعين وكانوا وراءنا من البداية إلى النهاية».
وعن إمكانية مواجهة زملائه الإنجليز في مانشستر سيتي خلال نهائي الأحد، قال برناردو سيلفا: «سيكون شيئا مميزا بالنسبة لي، لكن ليس لدي تفضيل (بين إنجلترا وهولندا) بصراحة. في هذا النوع من المباريات لا يوجد أصدقاء. أريد الفوز بالكأس للبرتغال، أنا لم أفز بأي لقب حتى الآن مع المنتخب الوطني».
وبدأ مدرب البرتغال فرناندو سانتوس اللقاء بمنح لاعب الوسط الهجومي البالغ من العمر 19 عاما فقط جواو فيليكس (مهاجم بنفيكا) فرصة الدفاع عن ألوان بلاده للمرة الأولى بإشراكه إلى جانب الخبير رونالدو ونجم وسط مانشستر سيتي برناردو سيلفا، فيما فضل ظهير برشلونة الإسباني نيلسون سيميدو على ظهير يوفنتوس الإيطالي جواو كانسيلو.
وفي الجهة المقابلة، كان الثقل الهجومي لسويسرا على عاتق هداف الدوري البرتغالي وبنفيكا هاريس سيفيروفيتش، بمؤازرة بطل دوري أبطال أوروبا مع ليفربول الإنجليزي شيردان شاكيري.
ورغم أنها كانت تلعب أمام الجماهير البرتغالية، كانت سويسرا التي بلغت نصف النهائي في الجولة الأخيرة من دور المجموعات للمستوى الأول بفوزها على بلجيكا 5 - 2 بعد أن كانت متخلفة بهدفين، الأفضل وهددت مرمى الحارس روي باتريسيو أكثر من مرة إلا أنها دفعت ثمن الأخطاء الدفاعية.
ويأمل رونالدو الذي رفع رصيده إلى 7 ثلاثيات بقميص المنتخب البرتغالي و53 بالمجمل خلال مسيرته الرائعة، معززا سجله كأفضل هداف في بلاده بـ88 هدفا في 157 مباراة دولية، برناردو سيلفا بأن تكتمل الفرحة الأحد بإحراز اللقب.
وربما الشيء الوحيد الذي أزعج البرتغاليين هو إصابة المدافع المخضرم بيبي في ذراعه والشكوك حول قدرته اللحاق بالنهائي. وظهر أن بيبي، الذي كان يلعب على ملعب ناديه بورتو، سقط على ذراعه بشكل غريب في إحدى الكرات الهوائية. وقال فرناندو سانتوس مدرب البرتغال: «لا أعلم كيف ستكون حالة بيبي، إنه يخضع لفحوص في المستشفى». وستكون الفرصة قائمة أمام البرتغال لتعويض ما فاتهم عام 2004 حين خسروا نهائي كأس أوروبا على أرضهم ضد اليونان، وذلك من خلال الفوز بين جماهيرهم بهذه البطولة الجديدة التي استحدثها الاتحاد الأوروبي بدلا من المباريات الودية.
بدأ في بعض لحظات مباراة البرتغال ضد سويسرا أن مسيرة كريستيانو رونالدو كلاعب بلغ 34 عاما وصلت إلى مرحلة الغروب. فالسرعة التي أرعبت المدافعين والتغيير السريع في الاتجاهات والطاقة والحركة المستمرة لم يعودوا جزءا من أسلوبه.
لكن الحقيقة أن رونالدو رغم وصوله إلى هذا العمر ما زال يستطيع هز الشباك بطريقة يعجز عنها الكثيرون وأعاد تنقية أسلوبه من أجل التركيز على هذا. وقبل المباراة كان من المثير معرفة هل ستكون الليلة التي يتخلى فيها رونالدو عن دوره في المنتخب لصالح جواو فيلكس البالغ عمره 19 عاما والذي أحرز 20 هدفا هذا الموسم ليقود بنفيكا للقب الدوري البرتغالي وجذب أنظار أكبر الأندية في أوروبا. ولم يحرز رونالدو أي هدف في آخر أربع مباريات مع البرتغال وكان هدفه الأخير في شباك المغرب في كأس العالم 2018.
ولو لم يكن فيلكس فربما برناردو سيلفا، الذي تألق في قيادة مانشستر سيتي للقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، سيكون هو المحرك الأساسي في فريق المدرب فرناندو سانتوس بتدخلاته وإبداعه ولمسته العبقرية.
لكن لا، فما زال رونالدو هو اللاعب الذي يصنع الفارق ويتألق عندما يكون فريقه بحاجة إليه. ومن المثير أن هدفين من ثلاثية رونالدو كانا بعد خروج فيلكس في الدقيقة 70، وبالتأكيد فجماهير البرتغال ما زالت سعيدة بوجود مهاجم ريال مدريد السابق في صفوف المنتخب وهتفت باسمه في نهاية المباراة. وشعر بعض منظمي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالسعادة بأن قصة المباراة الأولى في قبل نهائي دوري الأمم كانت بشأن مواصلة الرجل، الذي يمنح المتعة، مستواه الرائع. وقبل أن يسجل رونالدو هدفيه الثاني والثالث في الدقيقتين 88 و90 كان الحديث سيتحول إلى تقنية حكم الفيديو المساعد.
وكان يمكن أن تكون كارثية بعدما احتسب الحكم الألماني فيلكس بريش ركلة جزاء للبرتغال لكن بعد مراجعة الهجمة السابقة قام بتغيير قراره واحتسب ركلة جزاء لسويسرا.
وتسببت الواقعة في تحول كفة المباراة التي كان يمكن أن تشهد تقدم البرتغال 2 - صفر إلى التعادل 1 - 1 ومنحت سويسرا الأمل.
وافتتح رونالدو التسجيل من ركلة حرة مذهلة ساعدها الحائط السويسري السيئ وعدم رؤية الحارس يان سومر للكرة.
وفي أغلب فترات المباراة بدا رونالدو بعيدا عن تهديد المرمى وتألق السويسري شيردان شاكيري بالضغط على دفاع البرتغال. واعتاد رونالدو ذلك حتى في أيام عنفوانه وقوته لكنه أعاد اكتشاف إمكاناته كمهاجم صريح لضمان عدم ألا يسرقه الزمن مما يميزه وهو صعوبة مراقبته.
وكانت تسديدته المباشرة التي جاء منها الهدف الثاني مذهلة لتجبرك على نسيان التمريرة الرائعة من روبن نيفيز إلى برناردو سيلفا.
وجاء الهدف الثالث بطريقته المعتادة من هجمة مرتدة وانطلق نحو دفاع سويسرا وراوغ أحد المدافعين وسدد في الزاوية البعيدة. وكان يمكن الشعور أن الهدف سيأتي منذ لحظة تسلمه الكرة وتوقع عدم إمكانية إيقافه.
لكن السؤال الآن هو ما عدد السنوات الذي سيواصل فيها رونالدو فعل هذه الأشياء؟ فاكتشافه إمكانات جديدة ساعده في إطالة مسيرته والأنباء السيئة للمدافعين أنه رغم الطريقة التي يلعب بها فربما سيواصل التسجيل لسنوات.