60 عاماً على إرسال قردين إلى الفضاء

جرى قبل 60 عاماً، إطلاق «بيكر» و«آبل»، القردتين من فصيلة قردة «المكاك الريسوسي»، بالتحديد يوم الثلاثاء الموافق 28 مايو (أيار) عام 1959، من قبل وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، مع صاروخ «جوبيتر»، لمسافة نحو 580 كيلومتراً في الفضاء.
وبعد رحلة في الفضاء استمرت 15 دقيقة، منها نحو 9 دقائق في حالة انعدام للجاذبية، تم انتشال المركبة بالقرب من جزيرة أنتيجوا في البحر الكاريبي.
كانت «بيكر» و«آبل» أول حيوانين أرسلا للفضاء، وعاشا بعد الرحلة. كانت مهمتهما اختبار آثار انعدام الجاذبية، بالنيابة عن البشرية؛ تلك الآثار التي لم تكن معلومة للإنسان تماماً آنذاك. وجاءت «بيكر» من دولة بيرو، وجُلبت لوكالة «ناسا» من أحد متاجر الحيوانات في ولاية فلوريدا، في حين كانت «آبل» قد ولدت في ولاية كانساس الأميركية.
وفي اليوم المشهود، تم ربط القردين، وكل منهما بحجم القطة تقريباً، في مقدمة الصاروخ، وتوصيلهما بالأسلاك، ثم أطلقا في الفضاء من محطة الفضاء الدولية «كيب كانافيرال» بولاية فلوريدا الأميركية. ثم التقط زورق تابع لسلاح البحرية الأميركية رائدي الفضاء القردين، من البحر، وأبرق قائلاً: «(آبل) و(بيكر) بخير، لا إصابات، أو غير ذلك من صعوبات».
كان من السهل جداً الإمساك بأنثى القرد «بيكر»، حسبما يتذكر قائد الزورق البحري، جوزيف جيون، فيما بعد، مضيفاً: «كانت وكأنها دمية صغيرة، ولكن (آبل) كانت على العكس تماماً، لم نستطع الاقتراب منها».
وأصبحت القردتان اللتان لم يمسسهما سوء، نجمتين، ظهرتا في مؤتمرات صحافية، وعلى أغلفة المجلات. وانتشى كثير من الباحثين المتخصصين في مجال الفضاء، في حين أظهر ناشطو الحيوان استياءً كبيراً.
وقد ماتت «آبل» بعد بضعة أيام من عودتها من الفضاء، وذلك جراء التهاب بسبب أحد الحساسات التي زرعت تحت جلدها. ولم تعش بعد الجراحة التي أجريت لها في أحد المستشفيات. ولا تزال جثة «آبل» المحنطة التي وضعت في «متحف الفضاء» بواشنطن، تستدعي حتى الآن رحلة الفضاء التاريخية، مثبتة في الماسورة نفسها التي انطلقت فيها قبل 60 عاماً للفضاء، في حين عاشت «بيكر» 25 سنة أخرى، بل دُعيت للبيت الأبيض، وتلقت مئات الخطابات من معجبين.
وماتت «بيكر» في عام 1984، عن 27 سنة، بسبب الإصابة بالفشل الكلوي. وشهد دفنها أكثر من 300 شخص.
وكانت تجارب الحيوانات تلعب دوراً محورياً جداً في بداية رحلات الفضاء. ولم يكن «آبل» و«بيكر» أول حيوانين يرسلان للفضاء، حيث كان الاتحاد السوفياتي قد أرسل الكلبة الهجين «لايكا»، ولكنها ماتت بعد ساعات قليلة من إطلاقها. وأرسل الاتحاد السوفياتي 29 كلباً إجمالاً حتى عام 1962 لحدود الفضاء، ومات إضافة لـ«لايكا» 17 كلباً آخر، تلتها قطط وفئران وحشرات وميكروبات ونباتات وسلاحف. في هذه الأثناء أرسل الأميركيون ذباب الفاكهة وقردة وفئراناً. كما طارت للفضاء أرانب وقناديل البحر وعناكب، ونجحت الأخيرة في نسج شبكات في الجاذبية المنعدمة.
واستضافت محطة الفضاء الدولية حيوانات كثيرة، منها ديدان وفراشات وضفادع. ووفرت كل هذه التجارب الحيوانية في الفضاء بيانات لرحلات الفضاء المأهولة بالبشر: «وبذلك أسدت الحيوانات خدمات لبلدانها؛ خدمات لم يكن أي إنسان يستطيع تقديمها»، حسب ما ذكرته وكالة الفضاء الأميركية (ناسا). ولكن كانت هناك دائماً احتجاجات على هذه التجارب من قبل الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان.
واليوم أصبح وجود الحيوانات في الفضاء أقل، وأصبح الاهتمام براحتها أكبر: «ففرص وجود رحلات فضائية بها حيوانات قليلة جداً، لدرجة أن مثل هذه البعثات الفضائية يجب أن تكون مهمة إلى حد ما لكي يجد فيها حيوان مكاناً»، حسبما أوضحت لورا ليفيس، من وكالة «ناسا»، «وإذا سافرت حيوانات مع مثل هذه البعثات، فإن راحتها تكون نقطة محورية».