سلامة يحذر من «حرب أهلية طويلة ودامية» في ليبيا

حذر غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل)، من الانزلاق إلى «حرب أهلية طويلة ودامية» في ليبيا، مما قد يؤدي إلى تقسيم هذا البلد العربي، ويعرض للخطر أمن جيرانه المباشرين والمنطقة بأسرها، مطالباً مجلس الأمن بالاضطلاع بـ«مسؤوليته» لوقف انتهاك حظر الأسلحة، المفروض بموجب القرارات الدولية، قصد إعادة الأطراف المتحاربة إلى طاولة الحوار السياسي. وفي مستهل إفادة قاتمة قدمها لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك، أوضح المبعوث الدولي أن ليبيا صارت بعد 48 يوماً من اندلاع المعارك «على وشك الانزلاق إلى حرب أهلية، يمكن أن تؤدي إلى تقسيم دائم للبلاد». مبرزا أن «إصلاح الضرر الذي حصل يستوجب سنوات... إذا انتهت الحرب الآن»، وحذر من أن «عواقب النزاع ومخاطره واضحة».
وفي معرض حديثه عن آثار الحرب التي خلفتها معارك طرابلس أشار سلامة إلى «سقوط أكثر من 460 قتيلاً، بينهم 29 مدنيا، وأكثر من 2400 جريح، معظمهم من المدنيين»، مؤكداً أن أكثر من 75 ألف شخص أرغموا على ترك منازلهم، وجميعهم من المدنيين، وأكثر من نصف النازحين من النساء والأطفال. ونقل عن الجهات الفاعلة في المجال الإنساني أن «أكثر من مليون رجل وامرأة وطفل لا يزالون محاصرين في مناطق المواجهات المباشرة، مع وجود أكثر من 400 ألف شخص في المناطق التي تأثرت مباشرة بالاشتباكات»، واصفاً ظروف المهاجرين واللاجئين في ليبيا بأنها «رهيبة» أصلاً وتتجه «من سيء إلى أسوأ»، فضلاً عن أن «نحو 3400 لاجئ ومهاجر محاصرون في مراكز الاحتجاز المعرضة للقتال، أو على مقربة منها».
ورأى سلامة أن الهجوم على طرابلس «أضعف إمكانات المحادثات التي عقدت في 27 فبراير (شباط) في أبوظبي بين رئيس الوزراء فايز السراج والمشير حفتر»، حيث ظهرت «فرصة حقيقية لتغيير حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وحل الحكومة الموازية في البيضاء، وإنشاء حكومة وحدة وطنية جامعة، كانت سترعى البلاد خلال عملية انتخابية تنهي المرحلة الانتقالية». مؤكدا أن تفاهمات أبوظبي وضعت الجيش تحت سيطرة مدنية، مما يلبي مطلباً رئيسياً للغالبية العظمى من الليبيين وكثيرين في المجتمع الدولي.
في سياق ذلك، حذر المبعوث الدولي من أن «العنف على مشارف طرابلس مجرد بداية لحرب طويلة ودامية في ليبيا، مما يعرض للخطر أمن جيران ليبيا المباشرين ومنطقة البحر الأبيض المتوسط الأوسع»، مضيفاً أن «الفراغ الأمني الناجم عن انسحاب كثير من قوات حفتر من الجنوب، وتركيز قوى غرب البلاد للدفاع عن العاصمة، يجري استغلاله من (داعش) و(القاعدة)». مشيرا إلى تقارير عن أن «المتطرفين والمطلوبين... من المحكمة الجنائية الدولية يظهرون في ساحة المعركة»، داعياً كل الأطراف إلى «النأي علناً عن هذه العناصر من دون تأخير، وأن تحيل إلى المحكمة الجنائية الدولية أولئك الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال».
كما أوصى سلامة مجلس الأمن بأن «يدعم تشكيل لجنة تحقيق لتحديد من حمل السلاح، ومساندة إنشاء آليات لضمان استبعاد العناصر غير المرغوب فيها»، مضيفاً أن «ما يقلق هو أن الأسلحة تتدفق مجدداً إلى كل الأطراف، وذلك في انتهاك صارخ وعلني لحظر الأسلحة». وأوضح أن «كمية كبيرة من الأسلحة والمركبات المدرعة وصلت إلى قوات حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، قبل بضعة أيام في أعقاب عمليات التسليم السابقة والمستمرة للأسلحة الحديثة المحظورة إلى الجيش الوطني الليبي».
ونبه سلامة إلى أنه «من دون آلية تنفيذ قوية، سيصير حظر الأسلحة المفروض على ليبيا مزحة ساخرة»، مؤكداً أن «بعض الدول تغذي هذا النزاع الدموي. وينبغي للأمم المتحدة أن تضع حداً لها». وعبر عن «تخوفه من أن عدم القيام بعمل فوري لوقف تدفق الأسلحة والضغط على الأطراف الليبية... للعودة إلى الحوار الجدي، سيؤدي إلى انزلاق ليبيا إلى حرب أهلية، يمكن أن تؤدي إلى حالة من الفوضى أو تقسيم البلاد».
من جهته، قال مفوض الأمن والسلم لدى الاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي إن هناك أربع رسائل ينبغي إيصالها، وهي أن «هناك ضرورة للاعتراف بأن الوضع في ليبيا يتدهور بشكل مثير للقلق»، معتبراً أن «هذا يؤكد الحاجة إلى اتفاق فوري لوقف النار، وتأمين ممرات آمنة لتوفير المساعدة الإنسانية». وأضاف شرقي موضحا أن «الوضع الحالي يحمل آثاراً مدمرة على أفريقيا»، مشيراً في هذا السياق إلى استخدام المهاجرين «دروعا بشرية وإجبارهم على الانضمام إلى القتال». وطالب بـ«الاعتراف بأن هناك تدخلاً خارجياً ساماً لا سابق له في ليبيا». كما ناشد كل أصحاب المصلحة على «تركيز جهودهم لمواصلة عملية السلام، والاستعداد لعقد مؤتمر وطني للمصالحة».